الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن تلك الشهوة المُسماة .... موتاً

حنان عارف

2010 / 1 / 26
الادب والفن


حكى الكاتب الفرنسي موريس ساش أن جده جاك بيزيه كان يلهو بأن يرسل طلقات من مسدسه في شقته الباريسية مكسرا المصابيح واللوحات. وطالما ردد على مسامع حفيده بأنه سوف يدير السلاح يوما جهته ويطلق على نفسه. لقد أوفى جاك بوعده وفجّر جمجمته مثل أية منفضة أو مزهرية....
كثيرا ما تستوقفنا معلومة كهذه أو خبر انتحار شخص ما بغض النظر عن الطريقة و الأداة المستخدمة أو الشخص نفسه, و كثيرا ما ارتبط الانتحار قديما بالمشاهير و العظماء الذين يحسدهم الغالبية العظمى من الشعب نتمنى أن نعيش حياتهم و ننعم بالثروة و الشهرة حتى لو حصلنا على نفس النهاية فلا ينتحر إلا كل رجل عظيم و قوي و كما خلص هيجيزياس فلسفته في جملة: كل رجل كريم ينتحر!
اليوم لم يعد الانتحار حكرا على الأغنياء و العظماء و المشاهير لقد ناضل الإنسان العادي لسحب هذه الوكالة الحصرية و التنعم بنفس الحق, فكثرت في الآونة الأخيرة حوادث الانتحار كمرض استشرى في فئات المجتمع كلها و الشباب قبل الشيوخ و الأصحاء قبل المرضى و الإناث مثل الذكور و الفقراء أكثر من الأغنياء و المغموريييييييين تفوقوا على المشهورين في وضع حد لحياتهم .
و لكن هل اتخمنا بالألم إلى الدرجة التي تمنح القوة لإنسان نعت بالضعيف طوال عمره فقرر النهاية في لحظة قوة!
و بعد أن كانت حياة الإنسان خليطاً من الراحة و الألم أصبحت خليطاً من القوة و الضعف, من الألم و التعب, من الرغبة في إنهاء حياة ملأها الملل و سيطرت عليها الكآبة و دمرها اليأس....
هل وصل بنا الحال إلى هنا, هل فكرنا قليلا بآخر لحظات عمر الإنسان الذي قرر إنهاء حياته, هل تخيلنا ماذا كان يفكر ؟ و تحملنا الضغوط نفسها و اختبرنا الشعور ذاته و تألمنا الألم نفسه قبل أن نرفض الترحم عليه و القول بان المنتحر لا تجوز عليه الرحمة و أن مثواه جهنم و بئس المصير, هل فكرنا قليلا لماذا؟ هل حاولنا التأمل للحظات قبل الحكم عليه بالضعف لأنه لم يستطع أن يتحمل ضغوط الحياة فقرر الهروب و الانتحار!
و من هو الضعيف يا ترى؟ و هل لإنسان ضعيف أن يضغط على زناد المسدس الموجه إلى رأسه دون أن ترتجف يداه و يحجم عن ما أراد القيام به.
شريط حياة بأكملها يمر بلحظات, ذكريات تستعاد, وجوه تتراءى, آلام تشتد و شيء ما يقبض على قلبك يعصره بشدة يفلت منه كاسرا القفص الصدري ينتصب أمامك متوسطا ارض الغرفة تراقب دقاته المتسارعة تتمنى لو انك تستطيع الإمساك بسكين تضربه بها فتريحه و ترتاح من عذابه لكن الخدر في يديك يمنعك و الخوف من أي شيء يوقفك... يهبط عزرائيل ليقبض روحك تشعر بها ترتفع عاليا و تعود أدراجها ثانية لتزيد من ألمك تقاوم و تقاوم و تأبى الاستسلام بسهولة, و فجأة قوة ما تأتيك مع الرياح القادمة من نافذة الغرفة المغلقة تأتي من وراء الجبال البعيدة تسكنك تحولك إلى شمشون بقوته و جبروته تتمنى تحطيم كل شيء تشعر بقوة عجيبة تقرر أن تزهق روحك بنفسك و لكن.....
ما هي إلا ثواني زمنية قصيرة إن لم تستغلها بسرعة ضاعت فرصتك للأبد ستأتي يد خفية تقص شعرك الطويل مصدر قوتك فتخر على ركبتيك من جديد ضعيفا مهزوما منكسرا أوهن من فراشة تطير حولك مشفقة على حالك تعلو نحو أشعة الشمس التي أشرقت فجأة لتذكرك بان صباح جديد بدأ حاملا همومه الخاصة و آلامه التي تختلف عن آلام الصباح السابق.....

فهي لحظة واحدة فقط تحكم مصيرك (إما الموت بقوة أو الحياة بضعف...)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض