الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضائيات عربية للنصب على المشاهدين!!

صالح اهضير

2010 / 1 / 26
الصحافة والاعلام



رنة واحدة،فإذا آلاف الدولارات بين يديك..أجل..بإمكانك ذلك،وبسهولة فائقة..مجرد مكالمة هاتفية واحدة تجريها،وأنت في بيتك مستلق على سريرك،على بعد آلاف الأميال..كلمة واحدة فقط، تفك رموزها،فتنهال عليك رزم من آلاف الدولارات..بل من المؤكد أن السماء ستمطرك ذهبا وفضة..بلا كد أونصب أو سعي لطلب الرزق..جرب وسترى ..!من يدري؟..ربما أصبحت،على حين غرة،قارون هذا الزمان،لتسير بذكرك الركبان،ويتصدر اسمك قائمة الأوائل من الأثرياء الكبار،في مجلة "فوربيس"الأمريكية،وفي غيرها من صحافة العالم..
هذا الخطاب المغري والحالم هو ما تحاول بعض القنوات الفضائية العربية من خلاله اجتذاب المشاهدين وجرهم إلى مصيدة النصب وشرك الابتزاز،موهمة إياهم بالربح الوفير وبالثراء الواسع،بقدرة قادر،وفي برهة وجيزة..
كيف تتم العملية؟
الأمر بسيط..فتاة فاتنة،ممشوقة القد،تظهر لك من خلال الشاشة وقد تدثرت بأبهى الحلي والحلل..تميل وتتمايل كغصن البان،بابتسامتها المثيرة،وهي تسرد عليك بكلمات رقيقة وساحرة موضوع المسابقة المعروض على جانب من الشاشة مع أرقام الاتصال الهاتفي وكذا مبلغ "الجائزة الكبرى" الذي سيكون من نصيب الفائزين؛وهيهات ثم هيهات لك أن تكون من بينهم!..لأنك حتما لن تحشر أبدا في زمرتهم..
وأصحاب هذه اللعبة المقيتة إنما يعمدون إلى انتقاء "فتاة" بدلا من "فتى" لأنهم يرون أن الجنس اللطيف أداة فعالة وسلاح فتاك،تأثيره على الضحية"أشد وقعا من الحسام المهند" في الإثارة والإغراء والجذب.ومن ثمة،فلا مكان هنا للجنس الخشن..واللبيب تكفيه الإشارة..
في إحدى المسابقات تقرأ وتسمع:
ـ اسم لوسيلة سير مكون من أربعة أحرف،إذا حذفت منه الحرف الثالث،أصبح اسما لعاصمة عربية.فما هي هذه العاصمة؟
وفي مسابقة أخرى تقرا وتسمع:
ـ تأكل ولا تشبع،وإذا شربت ماتت.فما هي؟
وفي غيرهما تقرأ وتسمع:
ـ ست وعشرون راجل دخلوا إلى مطعم به 21 كرسيا،وجلس كل واحد على كرسي..كيف تم ذلك؟
وفي غير هذه وتلك تقرأ وتسمع:
ـ ابتلعت نملة فستقة،فقتلها والدها..لماذا؟
وغير ما سبق من الألغازوالأسئلة الذهنية.وإذا ما حاولت تتبعها لتكوين انطباع حولها، واستجلاء حقيقتها،فستلاحظ أنها متداولة وشائعة بين الفضائيات المعنية،وأن معظمها يتسم بالبساطة والسخافة والسذاجة..وهي ذاتها أوشبيهة لها في هذه القناة وتلك..كما أنها تعاد لأكثر من مرة؛وبالتالي فإن الوصول إلى حلها وفك رموزها أمر جد يسير في معظم الحالات،بحيث تصبح طيعة حتى بالنسبة لتلميذ في مستوى تعليمي أدنى..
ومعنى ذلك كله أن الطريق معبد أمام المشارك للوصول للإجابة الصحيحة دفعا له وتشجيعا على الاتصال الهاتفي،وبعبارة أخرى،فإن الهم الأكبر للسائل هو أن تكون الأسئلة المعروضة للتسابق جد بسيطة؛وأكثر من ذلك،منح الوقت الكافي للتأمل والتفكير فيها،إلى درجة أن بعضها يستغرق عرضه بضعة أيام أوأسابيع أوقد يعاد طرحه حتى بعد سنة.وفي كثير من الأحيان،عندما تطول فترة الترقب للاتصال بالبرنامج،تعمد مقدمته إلى الإيحاء بالإجابة بشتى الوسائل والطرق بموازاة مع مقطوعات غنائية شهيرة تستهوي الأسماع..
إن المهم،وبالدرجة الأولى،بالنسبة لممارسي هذه اللعبة،هو حصد عدد كبير من مكالمات هاتفية باهضة التكاليف،يجريها الطرف الآخر ويدفع فاتورتها،ولا يهم إن كانت الإجابة صائبة أو خاطئة.رنة واحدة فقط تصلك بهم،فتبدأ المراوغة بدردشة فارغة المحتوى،أوتحال مكالمتك على ما يسمى بـ"الكنترول" لتسجيل اسمك وسنك وبلدك وعنوانك،أو ينقطع الربط لتعاود الاتصال تلو الآخر،وتنتظر ويطول الانتظار،فإذا"ماكنة النهب والسلب" تدور وتدور،وإذا جيوبك فاغرة فاها..تتطاير منها دراهمك وهي تجري لمستقر لها بمرور الدقائق والثواني،لتبقى إجابتك معلقة،أوتظل رهينة لديك،فلا تجد أبدا للوصول إليهم سبيلا..
ولإيهامك بأن الاتصال قائم مع آخرين،تسمع من داخل الأستوديو،بين حين وآخر،إجابات لمتصلين وهميين،وهي أيضا أجوبة،كما الأسئلة،سخيفة وساذجة وأبعد ما تكون عن الحل المطلوب،بحيث يتحول الأزرق إلى أبيض،والأسود إلى أحمر.وطبيعي،والحالة هذه،أن يكون اللجوء إلى لمثل هذا الأسلوب التضليلي ضروريا ما دامت النية قائمة على ألا يكون هناك رابح أو غانم..
كل ذلك يتم تمريره بشكل علني وأمام الملإ عبر قنوات فضائية عربية كان المفروض فيها أن تكون أداة للتوعية السليمة والتعبئة لنشر أفكار ومعارف جادة وثقافة عقلانية بدلا من حشو عقول ناشئتنا صباح مساء بالترهات والأباطيل والخزعبلات..والحق أن القسط الأوفر من المسؤولية تتحمله الحكومات العربية التي تغض الطرف عن ممارسة أساليب النصب والنهب،من جانب الأجهزة الإعلامية المذكورة وكذا شركات الاتصالات الهاتفية المتواطئة معها..بل يمكن القول بأن هذه الحكومات أو الجهة المانحة لرخصة البث الفضائي تعتبر شريكا في مؤامرة النصب على المواطن العربي في واضحة النهار..لا شك في ذلك ولا جدال....
ولمن يرغب من القراء في مشاهدة شريط فيديو لإحدى القنوات المشار إليها على شبكة الإنترنت،نحيله على الرابط التالي:

http://www.kissyoutube.com/watch?v=9bRYdzk_3fI&feature=related








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية


.. أسباب قبول حماس بالمقترح المصري القطري




.. جهود مصرية لإقناع إسرائيل بقبول صفقة حماس


.. لماذا تدهورت العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا؟




.. إسماعيل هنية يجري اتصالات مع أمير قطر والرئيس التركي لاطلاعه