الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النهضة بساطور الزرقاوي

اسماعيل خليل الحسن

2004 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يتبدّى الكفاح من أجل جلاء المستعمر اليوم ملتبسا مقارنة بالكفاح ضدّه في منتصف القرن الماضي, كان النضال مستقطبا غالبية المجتمع إن رأسيا ( أديانا و طوائف ), أو أفقيا ( مدنا وأريافا ), وزاد ذاك النضال دسما , تلك النهضة الفكريّة التي أنتجته و أنتجها في اتجاهين متلازمين , لقد كانت مرحلة غزيرة بحق , مليئة بالأعلام إن على صعيد الفكر ( خير الدين التونسي, سلامة موسى, , البستاني, طه حسين ) أو على صعيد الأدب ( أحمد شوقي , بدوي الجبل , الشابّي , الزهاوي , الرصافي) ناهيك عن رجال سياسة وقانون مرموقين .
وقبل نضوج تلك المرحلة , تراكمت أدران الفساد السياسي في أحشائها , فما إن حلّت نكبة فلسطين , حتى بدت عاجزة منهكة, حيث لم تجد المشاريع المطروحة طبقة اجتماعيّة حاملة للنهضة , تمثلا بالبورجوازيّة الأوروبيّة , فجاء الانقلابيّون وليتهم ما جاءوا .
أول ما قوّض الانقلابيّون مشاريعهم الفكريّة و أحزابهم و مفكريهم , قضموها و قضموا البنيان الاجتماعي و الدولة الوليدة بحجة تحرير الأرض و إعداد القوة , فاستقوت السلطة على الجميع : الفكر , السياسة , الاقتصاد, القضاء, ثم جاءت هزائمهم أمام الأعداء لتكشف عريهم و إفلاسهم .
حالة العراق اليوم , هي العجب , مجتمع منهك , مقسّم , جغرافية مهشّمة , دولة مفقودة , سيادة مختطفة , غياب كامل لمشروع وطني , مجمع عليه , للتخلّص من الاحتلال و بناء دولة الحداثة و الديمقراطيّة , على العكس من ذلك , قد يتساوى المرحّبون بالاحتلال مع الرافضين له , أمّا المقاومون فإنهم يتبدّون أشباحا , بلا مشاريع , بلا إجماع وطني , بلا فكر و مفكرين , بلا حوار و محاورين , بدلا من ذلك , قطع رؤوس أسرى , تفجير وتفخيخ ينجم عنه أشلاء متطايرة للمقصودين أو للعابرين , دون تسجيل نقاط و إحداث ترلكمات , كل ذلك باسم الإسلام في غياب لمنهج إسلامي نهضوي حداثوي يردم الهوّة بيننا وبين العصر , ويبني دولة مؤسسات .
يرتاح هواة التحليل المؤامراتي و يلصقون كل فعل شنيع أو خائب على مكر المحتلين , فهم الذين يجزّون الرؤوس وهم الذين يفجّرون , و الزرقاوي شخصيّة خياليّة من صنعهم , لكنّ مجتمعاتنا تزخر بأمثال هؤلاء الذين استنسخهم الفساد و الاستبداد , حتى إذا كانوا متهمين فإن بدنهم ( لبّيس ) فتأتي هذه الأفعال على مقاسهم حفرا و تنزيلا .
مع توقنا لأن يخرج آخر جندي يحتلّ الأرض , لكننا لا نستطيع اليوم التسليم لمنطق : فليخرج المحتل أولا , وكلّ شيء سيسوّى بعد ذلك , لأن الـ ( بعد ذلك ) في أنيابها العطب , فهل سيحمل الأشباح المقنّعون ( بعد ذلك ) ساطورهم ليجزّوا رؤوس المواطنين المختلفين مع تفسيرهم للدين ؟ و هل سيدخل العراق ( بعد ذلك) في نفق الاقتتال الداخلي ؟ وهل يبقى العراق موحدا (بعد ذلك ) أم سيصبح شلوا مقطّع الأوصال ؟, فليتفق العراقيّون على ما ( بعد ذلك ) أولا , عندئذ سيجد ون بلادهم محررة مطهرة , بأقلّ الخسائر , ثمّ ينصبون عجلات قطارهم على السكة وسرعان ما ينطلقون .

إسماعيل خليل الحسن
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الذكرى الـ17 لسيطرتها على غزة.ماذا قدمت حماس؟|#غرفة_الأخب


.. معارك متواصلة بين الجيش السوداني والدعم السريع في الفاشر عاص




.. البيان الختامي لقمة مجموعة السبع يدعو حماس إلى قبول اتفاق وق


.. مراسل الجزيرة: 9 شهداء ومصابون جراء استهداف الاحتلال منزلين




.. بدء الحملات الانتخابية لسباق الرئاسة في موريتانيا