الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش على معلقة معد فياض

شاكر الناصري

2010 / 1 / 26
الصحافة والاعلام


هامش 1.. يبدو أن زمن كتاب ووعاظ السلاطين والحكام وممجدي أفعالهم مهما كانت ومهما كان تاريخهم و مسيرتهم ووقائع صفحاتهم السود ، لم ينته بعد ، بل إنه في تزايد وتنامي خصوصا في بلد ،كالعراق ، منكوب بكتاب ووعاظ السلاطين ومزوري الحقائق ومشوهي التاريخ والنافخون في أبواق الخراب الذين كلما أنتفخت جيبوبهم بفعل التكسب وبيع الضمير وكتابة معلقات المديح ، زادوا من وتيرة النفخ في حطام الشخصيات الهرمة والملوثة حتى أوصلوها الى مرتبة التقديس والتأليه والنزاهة المطلقة والتاريخ الناصع ،مثلما هو منكوب بالساسة وقوى الانحطاط السياسي وصراعاتها البشعة . هؤلاء الكتاب سريعوا البزوغ ولا أحد اقدر منهم على تحمل الفضائح والعار وكلما أنطفئت شخصية ما وأحترقت أوراقها فإنهم لايترددون عن بيع أقلامهم للآتي من الشخصيات التي تدفعها الأحداث الى الواجهة فيعملون على تلميعها وتصديرها حتى لو عرف الناس كل خبايا وخفايا هذه الشخصيات وسيرتها وسلوكها وأبرز محطات تاريخها ، فيحولون القاتل و اللص والعميل والجاني الى منقذ ومخلص وطني وحارس للحقوق والحريات .

ثانيا.. حين سقط نظام القمع والاستبداد البعثي قلنا إن ثمة صفحة مليئة بالعار سوف تطوى واقصد هنا عار من مجد وطبل من كتاب وشعراء ومثقفين لذلك النظام ورئيسه وممارساته الوحشية ضد العراقيين والبسه ثوب المجد ودبج المعلقات والصفحات السود وتغنى بحروبه وبالموت الذي أشاعه في العراق وحصد أرواح الكثير من أبناءه في حروب همجية كارثية أو عبر حملات الارهاب والقمع السافر . أبواق صدئة عدها أحدهم كفيلق حرب من أجل تضخيم صورة البطل والقائد الضرورة والملهم الشجاع .
الا أن ما مر به العراق وخلال السنوات السبع الماضية كان كفيلا هو الآخر في أعادة ترسيم صورة فيلق التمجيد والنافخ في صورة البطل الجديد أو راعي الشعب ورمزه التاريخي .

ثالثا.. ماكتبه معد فياض أخيرا ( مام جلال ..رئيس كل العراقيين ورمزهم التاريخي )* 1 كان معلقة مديح خالص و واحدة من المقالات الكثيرة التي سطرت في تمجيد مفاخر جلال الطالباني ولكنها من المقالات التي سوف يشار اليها ، الآن ولاحقا، على أنها واحدة من مقالات التزييف والنفاق والدعاية الاعلامية الفضة التي تذكرنا بكل ما كتب عن صدام حسين وعار من طبلوا له وحولوه الى منقذ وخيمة يستضل بها العراقيين وجعله في مصاف قادة أمميين وعالميين كان لهم دور في تحرير بلدانهم من الاحتلال ومن الأنظمة الدكتاتورية وأشاعة قيم التحرر والمساواة والديمقراطية الحقة. هكذا قرأ الكاتب والصحفي معد فياض سيرة جلال الطالباني وكأننا لم نعرف منها شيئا أو انه جاء من خارج التاريخ ومن ساحات النضال ومعارك السياسة النزيهة وفي غفلة من زمننا العراقي الدامي والمنكوب بكل الرموز المتهالكة وجعله رمزا تاريخيا تتغنى به الأقلام وتتطلع الى رؤيته الملايين.. يكتب معد فياض في مديح رمزه التاريخي ..( لقد اضحى مام جلال ابرز رمز وطني شعبي عراقي،بالاضافة الى كونه رمز ثوري ونموذج متقدم من نماذج ابطال التحرر الوطني في العالم، فهو لا يقل، ان لم يكن اهم بكثير من رموز ثورية روجت لها الاحزاب الشيوعية بالدرجة الاولى، امثال جيفارا، وكاسترو، وهوشي منه،لكن تواضع الرجل النابع عن سمو اخلاقه ونبل انتمائه لوطنه منع من التكريس له وحرم انصاره ومحبيه والمتأثرين به من العمل لان يكون نجما اعلاميا لامعا في عالم القادة الثوريين الامميين ..... الرئيس مام جلال رئيسنا كلنا، وهو منتمي لنا مثلما ننتمي له نحن،فنحن نغبط انفسنا وتاريخنا اننا عشنا في عهد رئاسة مام جلال للعراق، فهو من منح لرئاسة الجمهورية معناها،واهميتها،ومفهومها ) *2

رابعا.. ما كتب كان محاولة لتلميع صورة وتاريخ جلال الطالباني ومسيرته السياسية المليئة بمحطات وتحولات وولاءات ومساومات تحمل الكثير من الأسئلة عن مكانة هذا الرجل ودوره وممارسته السياسية وتعاملاته والاهداف التي يسعى لتحقيقها ، نقول محاولة للتلميع إذ ان ما نشرعلى صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية قبل ان يكتب معد فياض مقالته أياها كان بعض من تاريخ جلال الطالباني و كشف مجموعة من أوراقه وصفحاته السود وقد تم كل ذلك خلال مسيرة الصراع المتأزم بين جلال الطالباني من جهة وبين نوشيروان مصطفى الرجل الثاني في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني منذ تأسيسه وحتى وقت قصيرمن جهة أخرى . فما تم نشره قد كشف وبدون أدنى لبس الدور الذي مارسه جلال الطالباني في الأحداث التي سبقت مأساة حلبجة وما بعدها *3 . أنها شهادة حية من شخصين كان لهم الدور الأكبر في صنع الاتحاد الوطني الكردستاني وصناعة الاحداث والمآسي التي ساهما في أرتكابها ضد مخالفيهم وضد القوى اليسارية والديمقراطية وتكشف عن أمكانيات التحول في مسيرة الطالباني وحزبه وفقا للجهات والقوى التي تسخره لتحقيق أهدافها . إن نشر هذه الوقائع هو ما دفع جلال الطالباني للتخلي عن موقفه الزائف بخصوص رفضه حكم الأعدام الذي طالما تشدق به سابقا ودفعه الان لأثبات أنتفاء الحاجة للمصادقة على أحكام الاعدام الصادرة من المحكمة الجنائية العراقية العليا ، خصوصا وأن هناك قوى سياسية تطالب بمحاكمته ومحاكمة نوشيروان مصطفى بسبب دورهم في وقوع جريمة ومأساة حلبجة .

خامسا.. لعلنا لانضيف الكثير أذا ما ذكرنا مذبحة بشت آشان بحق أنصار الحزب الشيوعي العراقي التي ارتكبتها قوات الاتحاد الوطني الكردستاني في الأول من آيار من عام 1983 فقد كتب الكثير عن هذه المذبحة وعن الدور المشين والاجرامي الذي مارسه نوشيروان مصطفى وجلال الطالباني ولأن الكثير من الممارسات والمزايدات والرشاوى السياسية باتت تمارس من أجل طمس معالم هذه المذبحة وتجاهلها . إن المجازر التي مارسها هذا الثنائي لم تتوقف عند بشت آشان ولا حين تمت تصفية العناصر اليسارية والماركسية في كردستان ، بل أنهم مارسوها وأعادوا تكرارها وبدم بارد في 14 تموز من عام 2000 ضد كوادر الحزب الشيوعي العمالي العراقي وأرتكبوا مجزرة دموية بحقهم . إن ذكرنا لها هنا هو لمجرد دحض مزاعم معد فياض نفسه عند تغنيه بوطنية وعراقية الطالباني وأخلاصه للقضايا الوطنية و العراقية .

سادسا.. على الرغم من أننا كعراقيين نجهل الكثير من تاريخ بلدنا وخصوصا مسيرة وحياة الشخصيات السياسية التي مرت في حياتنا أو كان لها دور في تاريخ العراق والسلطة وصراعات الأحزاب السياسية فيه ، الا أن ثمة تاريخ شفاهي يحفظه الناس البسطاء ، هو تاريخ حقيقي وبعيد عن التدليس أو التزييف وتشويه الحقائق . تاريخ من الصعب نسيانه وتجاهله حينما يكون مغموسا بالدم والقتل والتصفيات والمآسي التي حلت بنا . لو سئل السيد معد فياض أي أنسان بسيط في مدينة السليمانية عن تاريخ جلال الطالباني ومواقفه وتحولاته السياسية فأنه لن يحتاج الى مزور آخر يساهم معه في كتابة صفحات المديح لمن يجده رمزا وخيمة للعراقيين ..

سابعا ..كان السيد معد فياض من أوائل الذي دخلوا العراق وأسوة بالدبابات الأمريكية وكان شاهدا حيا على أولى جرائم التصفيات والأغتيالات السياسية العلنية والبشعة الذي تعرض له عبد المجيد الخوئي على يد أنصار مقتدى الصدر ..إن تجربة كهذه لابد وأن تدفعه لان يعيد النظر الف مرة في كل حرف يكتبه إذا ما تعلق الأمر بموقف من شخصية ما أو مدحها كما فعل في مقالته الاخيرة لان في ذلك أغتيال لتجربته هو شخصيا ويجعلها في مهب الريح وسط مجتمع تقوده الصراعات السياسية ومصالح الساسة ومطامحهم نحو المزيد من العواصف..

ثامنا وأخيرا ..حين نجد أنفسنا كعراقيين، أننا ازاء رئيس أو قائد بصفات تاريخية مشهود لها بالنزاهة والصدق والولاء لقضايانا ..قائد لايتاجر بحرياتنا وهويتنا ولايعشق المساومات السياسية على حسابنا ويقدمنا كقربان لاجل تحالفاته وصفقاته ، فأنه يستحق أن يكون رمزنا التاريخي ..و لعلنا سننتظر طويلا حتى نجد رمزا كهذا فكل ما مر بنا من رموز وقادة وحكام لم تستقم حياتهم وممارساتهم السياسية الا حين يوغلون في دمنا وقتلنا وتشريدنا وتعريفنا وفقا لأهوائهم . أما من يريد معد فياض أن يجعله رمزا تاريخيا وخيمة لنا لان أحد الساسة الموتورين قد أختلف معه فهو رمزه وحده أو رمز من هم على شاكلته.


1- معد فياض ..مام جلال ..رئيس كل العراقيين ورمزهم التاريخي ..جريدة الاتحاد التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني
http://www.alitthad.com/paper.php?name=News&file=article&sid=69017
2- نفس المصدر
3- نوشيروان مصطفى ..من رفقة النضال الى التخوين..
http://www.gemyakurda.net/modules.php?name=News&file=article&sid=28172








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس لثقافة الفاشية وثقافة الاحتلال من حامل
يساري وطني ( 2010 / 1 / 26 - 20:23 )
ليس لثقافة الفاشية وثقافة الاحتلال من حامل غير الهتاف الوريث لوعاظ السلاطين في غابر الازمان
فكما الخيانة والانتهازية والطفيلية موجودة عبر التأريخ فالوطنية والمبدئية والكرامة كذلك
فاذا كان القبض في غابر الازمان بالدراهم والدنانير القليلة فالقبض اليوم بالاف وملايين الدولارات
والا ما الفرق بين مهرجانات المربد في الحقبة الفاشية المقبورة ومهرجانات اربيل في الفترة الاحتلالية الراهنة
ان سقوط الشهدء على مذبح الحرية في كفاح الشعوب يزامنه دوما مديح وهتاف وتصفيق اناس لا هم لهم في الدنيا غير بطونهم حتى وان تطلب اشباعها جريان انهر من دماء الابرياء

اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر