الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبارك : أنا عايش ومش عايش

هويدا طه

2004 / 7 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أظن أن مصر وحدها.. دون سواها في أرجاء الدنيا.. التي تعيش هذه الأيام تلك التجربة الفريدة في مطلع القرن الحادي والعشرين، تجربة لعبة القط والفأر بين الناس والريس، كلا الطرفين (الريس والمواطنين) ينقل إلي الآخر رسالة (أنا قاعد علي قلبك.. حتروح مني فين)! فبعد تطاير أخبار مرض الرئيس هنا وهناك، وبعد أن أصبح من المتعذر إخفاؤها محليا ودوليا، أمام فضول الإعلام بكل أجنحته المرئية والمسموعة والمقروءة، وبعد أن أصبحت المبررات التقليدية لعجز الرئيس عن القيام بواجباته غير مقنعة، مثل الأنفلونزا وإجهاد الصيام وخلافه، صار الإعلان عن شيخوخة الرئيس أمرا لابد منه، وهنا بدأت اللعبة التي تضحك العالم (وتسليه)، وبغض النظر عن حكاوي الصراعات المتأججة علي إرث الحكم في مصر، فإن المصريين الذين يتهمهم المؤرخون ـ زورا ـ بالنفاق، يتابعون أخبار الرئيس باهتمام، ليس بالضرورة علي طريقة (خلصنا اعمل معروف)! ولكن ربما لأن (رحلة ألمانيا) تبدو لهم كأمل أخير، وجاءت معالجة وسائل الإعلام المصرية لهذا الحدث في غاية الطرافة! فقناة النيل للأخبار أجرت مع الرئيس اتصالا تليفونيا عبر الأقمار الصناعية من مستشفاه في ألمانيا، وكان مرتديا روبه الأزرق ويبدو وكأنه يحاول إخفاء الإعياء، لكنه كان لقاء (لذيذا) للغاية! بدا فيه الريس وكأنه يغني أغنية عمرو دياب (أنا عايش ومش عايش)! المذيعة تقول له (قلوب كل المصريين معك سيادة الرئيس وتتمني لك الشفاء والعودة) وهو يرد عليها بالقول (أنا برضه مشغول بإدارة البلاد، لكن اعتبروه أسبوع راحة.. إنتو إيه.. مبترحموش؟ علي كل حال سلامي للمواطنين! وإن شاء الله أنا راجع، يعني إذا منفعش العلاج الطبيعي.. حيعملولي عملية الدسك، لكن أنا راجع)، اللطيف في الأمر أن المذيعة تعرف أنها تكذب، والريس يعرف أنها تكذب، وهي تعرف أنه يعرف أنها تكذب، والمشاهد يعرف أن الجميع يكذبون عليه! والفضائيات العربية الأخري نقلت جزءاً من اللقاء نقلا عن قناة النيل للأخبار، بينما يحضر الجميع ملفاته للحدث الجلل، الذي يشبه صرخة الميلاد بعد مخاض عسير! لكن حتي لو الريس عاند، حيروح فين؟! دي حاجة متنفعش معاها قوة البوليس والأمن المركزي والقنابل المسيلة للدموع! فالحال أن الرئيس يعاني من عجز الشيخوخة والكهولة حتي لو حمل معه صبغة شعره إلي ألمانيا، ألمانيا التي يري البعض أنها قد تدخل التاريخ المصري من أوسع أبوابه، ذلك الذي نسميه نحن المصريون (باب الفرج)! المسألة مسألة وقت، ونحن في مصر نعامل الوقت ـ علي عكس البشرية كلها ـ باحتقار! وأسمينا طريقة تعاملنا مع الوقت بهذا الاسم القبيح (الصبر)! لكن الطرفة الأخري التي جاءت من التليفزيون المصري ـ الذي يعمل فيه آلاف المصريين ـ كانت حين نشط لاستطلاع رأي جمهور الشارع في حكاية مرض الرئيس وسفره للعلاج، وهو ما ذكرني بفيلم (البداية) عندما سخر من تحفيظ رجل الشارع البسيط لما سيقوله عندما تدور الكاميرا، وأدي أحمد زكي هذا الدور بإتقان مبهر، حيث كان عاملا جائعا بائسا مطحونا، وعندما دارت الكاميرا راح يردد كالببغاء مدحا متتاليا سريعا للحكومة والرئيس باعتباره إله الخبز والرغد! علي كل حال راح المواطنون يدلون بدلوهم (المتفق عليه قبلا بالطبع) في أمر مرض الرئيس، تمنوا له الشفاء والعودة سالما معافي، إضافة إلي بعض (التحابيش) من مثل (مصر من غيرك ولا حاجة، احنا من غيرك نضيع،..إلخ)، لكن أجمل تعليق حقا، الذي جاء بالفعل بليغا رغم بساطته، كان من رجل بسيط يبدو أن منتج البرنامج لم يفهم الرسالة من كلامه، أو ربما فهمها ومررها بخبث باعتبارها تحتمل التأويل، ويمكن له النجاة إذا استغبي! إذ قال المواطن البسيط: الريس.. ربنا يخليه.. ربنا يخليه.. نجا من كل محاولة فاشلة قبل كده.. لكن المرة دي إن شاء الله.. إن شاء الله.. ربنا حيتولاه !!

الهجوم علي أغاني مطربات الفيديو كليب علي طريقة: نفسي فيه.. أتفو عليه!

هل توجد بين ثقافات البشر ثقافة مزدوجة كالثقافة العربية؟ هل توجد أمة (تتحدث) عن الفضيلة ليلا ونهارا كأمة العرب؟ ثم هي في سريرتها تتعامل بشبق مع كل أوجه الحياة طوال الوقت، وخاصة المرأة؟ من منكم لم يعرف (آخرين) في مجتمعه يشاهدون في سرية تامة ـ أو هكذا يعتقدون ـ فضائيات الجنس التي تأتي من الغرب (المنحل)، ثم في صبيحة اليوم التالي يكونون من أبرز المهاجمين لانحلال الغرب وهلاك الفضيلة فيه، محذرين من (الغزو الثقافي)!، من منكم لم يشاهد (آخرين) في مجتمعه وهم يستمتعون بخفة ظل وجمال نانسي عجرم وروبي وغيرهما من المطربات الجدد، ثم في صبيحة اليوم التالي يهاجمون بشدة فتيات الفيديو كليب، وأغانيهن التي تحمل (إيحاءات)، وكأن الأغاني القديمة ـ المحترمة ـ لم تكن تحمل وتنقل إيحاءات؟ الفرق أن تلك الأغاني القديمة كانت تنقل لك (الحب والشوق والرغبة والشهوة) سمعيا، أما الجديدة فبحكم التطور تنقل لك نفس المعني بالصورة. المثير للاستغراب أن أحدهم قد يكون في غاية الحماس وهو يهاجم المطربات (الجميلات بالذات!) ثم إذا بدأت أغانيهن علي التليفزيون لا يقاوم النظر إليهن والاستمتاع بكل (إيحاءاتهن)، نساء ورجالا، (وإلا كيف عرف سيادته تلك التفاصيل التي ينتقدها ما لم يكن أمعن النظر حتي ذاب فيها!). لم أصادف حتي الآن ـ إلا القليل ـ قدم نقدا موضوعيا لظاهرة أغاني الفيديو كليب، الجميع ينتقد فقط (الإيحاءات) أو الرقص في تلك الأغاني، وقد يكون مقبولا ومنطقيا إذا كان هذا الاستهجان ينطلق من نقد للأساليب الفنية أو درجة الابتكار أو غير ذلك، ولكن ربطه بالفضيلة هو الذي يخليه من الموضوعية النقدية للفن، إذ لماذا هذا الربط المفتعل بين الفضيلة كقيمة عليا وحاجات البشر العاطفية الطبيعية؟ الفضيلة تتمثل في احترام حقوق الغير وعدم السرقة والقتل والاعتداء علي الآخرين..إلخ، فلماذا عند العرب تتمثل الفضيلة فقط في القهر الجنسي والعاطفي؟ لم ينتقد هؤلاء ـ أدعياء الفضيلة عمال علي بطال ـ ركاكة كلمات الأغاني أو حصرها في وصف مشاعر (حب المراهقين) دون غيرها من أحاسيس الإنسان العميقة؟ ولم ينتقدوا سطحية الصورة المطروحة للحب علي طريقة (من غيرك مقدرش أعيش، وعشانك أعدي بحور.. وغير ذلك من عبارات الحبيبة الصغار)، لا أدري ما الذي يريدون منعه بالضبط؟ هل يريدون منع الغناء والرقص والفن؟ والذي هو بالضرورة يعبر عن مشاعر الإنسان وأحاسيسه وأحدها الحب؟ هل يريدون منا أن نستمع فقط للأناشيد والتراتيل حتي تكتمل فضيلتنا كما يرونها ونصبح ملائكة علي سطح الأرض؟ (حتي الملائكة قد تضجر من حياة قفر خالية من الغناء والرقص!)، من يصدق ادعاءاتهم بأنهم غاضبون من جمال ورقة وخفة دم روبي؟ هل تحبونها ثم تهاجمونها علي طريقة.. إتفو عليه.. بس نفسي فيه!!

شخصية فضائية

عاطف عبيد رئيس الوزراء المصري الذي حاز ـ عن جدارة ـ لقب أكثر رئيس وزراء نال كراهية المصريين، كلفه الرئيس مبارك بإدارة شؤون البلاد، بصفة مؤقتة إلي أن يعود من رحلة علاجه في ألمانيا، وهو الذي في وجود مبارك علي أرض مصر، خربها بالاتفاق معه! وبعد أن يئس المصريون من إزاحة رئيس الجمهورية الذي يعاندهم ويرجع إليهم (بعد كل مرة)، تواضعت أحلامهم لتقتصر علي الحلم بالخلاص من رئيس الوزارة، لكن من نكد الدنيا علي مصر أن يرأس وزارتها عبيد ليس من صداقته بد ُ، فعاطف عبيد أمسك بتلابيب مصر في عهد قبيح، دمرت فيه حياة المصريين وشوشت ثقافتهم وانهار اقتصادهم وقلت قيمتهم في الداخل والخارج، واشتهر الرجل بتصريحاته الفضائية الكوميدية، فقد صرح علي شاشات القنوات التليفزيونية المصرية بأن مصر (تتمتع باقتصاد قوي وديمقراطية مبهرة وحرية تجلب لها الحسد)! وربما كانت تصريحاته هذه هي السبب الذي جعل بعض المصادر تقول عنه إنه لا يفيق من الخمر! وربما كانت هي السبب وراء النكات التي أصبح بطلا لها، بل.. ألا تعتبر تصريحاته عن حسد العالم للديمقراطية المصرية، سببا معقولا وراء تغيير بعض المصريين لاسمه، من عاطف عبيد إلي.. عاطف بانجو؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسائل عسكرية قادمة من صنعاء.. الحوثيون يبدأون معركة -الطوفان


.. ماذا تحمل الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية لفرنسا؟ | #




.. أبرز التحالفات المتنافسة في الانتخابات التشريعية الفرنسية


.. استطلاع: أغلب الإسرائيليين يعتقدون أن حرب غزة مستمرة بسبب اع




.. حراك دبلوماسي لافت بشأن مفاوضات التهدئة في غزة