الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيفا كولومبيا ..! - قصّة

جلال نعيم

2004 / 7 / 1
الادب والفن


أقول لها : " سأتمدّد كحلم ، وأنتصب مثل فاكهة ، وخذي أنتِ كلّ ما تشتهين .. " .
عندما دخلتِ كان البار خاوياً إلا من وجهي ، وبضعُ أغان ٍ ، إنتقيتِ ركناً أبعد من صحو الدنيا بأجمعها ، وتُهتِ تدخنين ، طنين البيرة يتعالى في رأسي ، وأنا أتأبع حدسكِ للمكان ، للطاولات والناس ، مُبتهجة كانت عيناكِ ، وهما تستدركان ذكرى لم أعرفها ، وما عادَ لكِ مُتّسعُ لروايتها " غامض هو العالم " أقول لنفسي " مليء بأشياءنا التي لا تدرك .."
النادلة الكنديّة تُحضر لي كأساً آخر ، أشكرها وأدخّن :
( كثيراً ما تأتي في مثل هذا الوقت ..)
تقول مُتطوّعة / أعني قبل أن أسألها كعادتي / مُشيرة إليكِ .. هناك حيث تجلسين وحيدة ، تدخّنين ، وتطلبين مارتيني بطعم التفّاح ..
( لا أعرف إن كانت تحبّ العراقيّين أم لا ؟ ! )
تقول جُملتها الأخيرة وتضحك ، تمضي الى مائدة أخرى وتضحك ، أتبّسم في سرّي ، أترك كأسي وعلبة سكائري وأمضي الى المرأة ، إليكِ ، هناك :
( أهو حلم آخر .. ؟ ) أقول فتسأليني مُعتذرة
( أقصد أن آتي من آخرة الدنيا .. كي التقيكِ .. ؟ .. أليس هو حلماً آخر .. ؟ !)
( فيرونيكا) وتمدّ يدها مصافِحة .. أُعرّفها بنفسي و ببلادي ، تقول :
" ما دمت من العراق ، فهو بالتأكيد حلماً آخر .. ! " فتضحك وأضحك ونضحك ..
(أنا من كولومبيا .. أقصد لي أكثر من عشرين عاماً هنا .. ولكنّي ما زلت من هناك !) قالت ..
قلتُ / أو يُخيّل إليّ ألآن بأنني قلتُ : ( ماركيز والحشيش .. )
(والكثير من وجع الرأس أيضاً ..)
( كنت أظنّ كلّ نساء كولومبيا "ريميديوس"، وكل رجالها أركاديو بونيديّا !)
تضحك ..
( هنالك فيرونيكات أيضاً ) تضحك ..
( بلا ملاءاتٍ بيضاء .. رجاء ! )
( هي محض حُلم .. )
( تقصدين مثلكِ ..حلم آخر .. ! )
(أقصد أنتم الحالمون .. )
( أنه ثروتنا الأولى .. ما قبل النفط .. وما بعده .. أوو ..ه .. " شاده " أحب هذه الأغنية ،ترقصين ؟ )
نرقص ، قلبي يهبط مع مرتفعاتها ، تتوالى كؤوس البيرة والمارتيني وأنا أردّد بإسبانية خجلة :
" مثير .. " .. " جميل .. " .. " مغرٍ .. " أقبّل حلمتها اليسرى في سيّارتي :
( واوووو .. فيفا كولومبيا .. ! ) أهتف .. تضحك .. أقبّلها ..
( لديّ يوم عمل غداً ..عليّ أن أستيقظ مبكراً ) تقول لي .. أجيبها مُتابعاً مسير أصابعها نحو لوعتي ..
( عليّ الذهاب الى جهنم فوراً ..! )
تقبض على روحي .. تهتف ( فيفا إيراك .. ! )
نضحك حتى أتمدّد على أريكة ، وتلتهبُ فيّ فاكهة ما قبل ألخليقة ، تتسلّلين على قلبي مثل هرّة ، تبرك ، تتنهّد ، أهمسُ لكِ بقدسيّة عوالمنا ألسفليّة ، خذيني وتذكري أصابعكِ تُداعبان سيلانات الرعب فيّ وفيه ، تذكّري طعم شفتيكِ إذ تقبّلان نبض ألأيّام فيه ، تذكّري وجهكِ ، لهفة أنفاسكِ ، فمكِ .. تذكّري حريق ألآلهة و إشتعال ألأنثى ، تذكّري سعير ألروح ..
( حلماً آخر .. أم محض إحتراق ! )
تذكّري إختراق ألمعنى وإنطباق ألمسافة ،
تذكّري أنفاق ألعزلة
ودهشة ألصهيل
تذكّري عُيمة ألأصابع إذ تنطبقان .. هناك
أو هنا
( فيفا فيرونيكا ! )
مرّغي وجهكِ ،
سيلي على رقبتي مثل عسلٍ قديم
و تذكّري .. تذكّري ألأصيل وشهقة ألنوارس
إذ تغنّي
أو تنفجر بألتحليق ..
خذيني وأهزجي على جسدي مثل عرس
تيهي معي ،
فيّ ،
وأصرخي بلذّة مُعتّقة
إمتصّي منّي هوسي
وأعراسي
وغربتي
وعانقي معي
بهجة ألمستحيل..

ليس في الغربات مسافة " فيرونيكا ".. سواء كان ذلك في عمّان أو كولومبيا أو أريزونا أو حتّى هنا في لوس أنجلس حيث الأيّام تمضي كنهر ، وكذلك الأماكن والوجوه / و ربّما أقصد وجهكِ /.. وكأنها ما كانت أبداً .. وكأنّكِ ما كنتِ بذاك التوهّج هنا قبل ساعات .. هكذا ، أيقظكِ صباح آخر لتلملمي بعثرة أشياءك وتهرعين الى لا مكان ، هكذا تغيبين مثل أكوانٍ أخرى ، هائلة و بعيدةٍ.. ومثلها تصرخين ونتلوّى .. و مثل فاكهةٍ أخرى ، حيث أتمدّد على ألحلم كأريكة ، وتأتي ألنادلة بالتفّاح بطعم ألمارتيني ، وتشيرُ إليكِ وتبتسم ولا تهمس بشيء ، و أمضي إليكِ ، ثمّ أقبّلكِ ونضحك ، وأصرخ ( فيفا غواتيمالا ! ) ونضحك .. دون أن تعرفين بأنّي / بأنّكِ حلماً آخر حيث ألمدينة تمضي مثل نهر وألأكوان تأتي لتبتعد وتغيب لتذرونا في رائحة التفّاح و طعم ألبيرة وأريكة تتمدّد كحلم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا