الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة التراضي

سعدون محسن ضمد

2010 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


النتيجة التي انتهت إليها أزمة اجتثاث البعث الأخيرة جيدة لحد الآن، وبغض النظر عن كون الموضوع انطلق من غايات سياسية أم لا، فأن قرار الاحتكام للدستور الذي خرج به اجتماع الرئاسات يعبر عن إرادة حضارية، وهو يبشر بترسخ ثقافة احترام القانون، وكنت خائفاً ـ كما هو حال أغلب المهتمين ـ من أن يتم الإطاحة بالقانون لصالح ثقافة التوافق والتراضي، ولا يخفى على أحد خطورة التسويات التوافقية، وكيف أنها تفتح باباً على مخالفة القانون لا يمكن إغلاقه، ما يجعل العملية السياسية رهنا للفوضى والفساد.
لكن، وحتى مع هذه النهاية (الجيدة) للأزمة، لم يزل في قلبي شيء من جدية احتكام سياسيينا للقانون، خاصَّة فيما يتعلق بمراقبة استيفاء مرشحي مجلس النواب للشروط الواجب توفرها بهم، فكما هو معروف أن هذه الشروط لا تتوقف عند موضوع البعث، بل هي تبدأ بشهادة الدراسة الاعدادية وتنتهي بعدم التورط بجرائم الإرهاب، ويخيفني وجود مؤسسة مختصة بالحيلولة دون تسلل البعثيين للعملية السياسية، وعدم وجود مؤسسة مماثلة تختص بمنع تسلل الإرهابيين لها، ما يعني بأن فوبيا البعث غطت على خطورة الإرهاب. مخاوفي تزداد كلما تزايدت التقارير والأنباء التي تتحدث عن تورط أعضاء في مجلس النواب بجرائم إرهابية. وما يعقد الموضوع هو زيادة فرص إفلات هؤلاء عن طريق الصفقات السياسية المشبوهة التي تحرص كتلهم السياسية على حمايتهم عن طريقها، الأمر الذي يهدد بتسلل هؤلاء للبرلمان المقبل وتمتعهم بحصانته، وشخصياً أكَّد لي أكثر من عضو في البرلمان تورط بعض السياسيين بجرائم إرهاب وسعي كتلهم لعقد صفقات تحميهم من ملاحقة القانون.
فهل يمكن أن تكون هذه التقارير والأنباء دقيقة؟ وهل تعني دقتها بأن بعض كتلنا السياسية قد وصل بها الفساد حدَّ التوافق على حماية المتورطين بجرائم الإرهاب؟ وما الذي يجعل الجهات (الأخرى) في مجلس النواب ساكتة عن إثارة الموضوع؟ ثم ماذا عن السلطة القضائية، هل هي عاجزة عن ممارسة استقلالها بشكل فعّال؟
ما يثير الحفيظة أكثر هو استشراء ظاهرة التوافق وتمكنها من إحداث شروخ كبيرة بالعملية السياسية، من هذه الشروخ نجاحها بتعطيل الجهد الرقابي لمجلس النواب، وتمريرها لبعض القوانين غير الموفقة، كقانون العفو الأخير، الذي مرر بموجب واحدة من أسوأ الصفقات التوافقية وتسبب بالإفراج عن بعض الإرهابيين ممن أكدت أجهزة الأمن عودتهم لممارسة جرائمهم من جديد.
مهما كانت الضغوط التي تمارسها بعض الجهات لحماية إرهابييها كبيرة فإن الرضوخ لها جريمة سياسية وأخلاقية وقانونية، وعلى الجهات السياسية التي اكتسبت ثقة الشعب بها أن لا تخاطر بهذه الثقة من أجل حماية هذا وذاك، لأن التاريخ سيكشف عاجلاً أم آجلاً الحقائق وسيعرف الناس عندها خطورة الجريمة التي مورست بحقهم من قبل ثقاتهم والمسؤولين عن حمايتهم والدفاع عن حقوقهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السلام عليك ورحمة الله
اشراق محسن الجعفري ( 2010 / 1 / 28 - 18:27 )
الى استاذي واخي العزيز سعدون محسن الاستاذ المفكر والسياسي الانساني الرائع اتمن من الله ان يحميك من اي مكروه اولا ويحفظك للعراقيين وثانيا صحيح ماعرجت عليه وهو الشعور بفسحة امل لوجود القانون وان كانت فسحة نسبية وهي اجتثاث البعث على حساب التوافقية ولو انها مازالت موجودة مثلما ذكرت حضرتك لكن اريد ان اعرف وحضرتك ملم بكل اساليبهم السياسين والبرلمانيين اي انتخابات وهم نفسهم الذين يرشحون انفسهم اي هم نفسهم سواء كانو من الرلمان او رائسة الوزراء اقصد لاوجود لاي شخص نسمع انه مرشح للانتخابات من غير هولاء المجموعة نفسها التي تحتل الحركة السياسية والحكومية منذ بضعت سنوات مضت ومازالوا متمسكين فقط الذي يتغير هي اختلاف المناصب اي الكراسي نفس الاشخاص مع تغير ببعض التسميات للاحزاب والحركات والتيارات يعني تقسيم فيما بينهم اسفة عل الاطالة استاذي واخي الذي يشرفني كثيرا الشرف ان تكون اخي لانك عراقي حقيقي ماالذي تغير وماالذي سوف يتغير لاشي انا متاكدة لاشي لان نفس الشخصيات تحكم ومع الاسف ماتزال تحكم ونحن نعرف هم المجرمين ومن يتاجرون بدم العراقيين ولايهمه انفجار او قتل بالجملة او جوع اوحرمان المهم الكرسي


2 - السلام عليك ورحمة الله
اشراق محسن الجعفري ( 2010 / 1 / 28 - 19:05 )
السلام عليك استاذي واخي العزيز تحية طيبة لحضرتك واتمنى من الله ان يحفظك ويحميك للعراق والعراقيين صحيح ماذكرت ان هناك فسحة امل وان كانت فسحة نسبية وضئيلة جدا بوجود احترام للقانون باجتثاث البعث عل حساب التوافقة والمحسبوية بين الاطراف السياسية لكن من هم السياسين نفس المجموعة التي كانت موجودة قبل بضعة سنوات ومازالت موجودة لحد الان اي اتخابات او ترشيحات يتحدثون عنها هل ات شخص غير هذه المجموعة ليرشح وينتخب غيرهم مازالوا نفس الاشخاص ولاشي يتغير سوا تغيراسم الاحزاب او التيارات او اسم القائمة وترك هذه القائمة والدخول باخرى يعني وهم البرلمانيين ورئاسة الوزراء فقط الذي يتغير هو تغيير المناصب وحضرتك تعلم اكثر مني باساليبهم ومن هم عبارة عن مجموعة من المجرميين الذين يتاجرون بدم العراقيينولايهمهم انفجار ياخذالمئاتاو جوع الاف القراء والحرمان وماذا فعلو وماسيفعلون وهم نفس الوجوه اسفة على الاطالة ارجو سعت صدرك معي لكن الوضع مؤلم ويزيد الم ووجع يوم بعد يوم لانعرف متى سيحل الضلم عن العراق الجريح متى ويعيش مثل باقي الدول والبشر متى سيكون العراقي له قيمةمتى يكون القانون هو الاب لهذا الوطن والشرفاء من يحكمون


3 - القطط السمان
سعدون محسن ( 2010 / 1 / 30 - 08:36 )
انا الذي تشرفني الاخوة التي تمنحيني اياها ايتها النبيلة، شكرا لك على الاطراء الجميل وما تقولينه صحيح خاصة وان بقاء نفس الوجوه ناتج عن خلل النظام السياسي عندنا، وهو نظام يتحول فيه المنصب لاستثمار يدر الارباح الطائلة، وهكذا وبمرور فترة قصيرة يتحول المسؤول لقط سمين يصعب ازالته من العملية السياسية بعد ان اصبح يملك المال والقوة.
ومن هوان الدنيا ان بعض هؤلاء لا يحسن كتابة جملة مفيدة.
شكرا لك على هذا المرور الكريم

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو