الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الكتاب العراقي ومسؤولية إرساء تقاليد ثقافية راسخة

سعد البغدادي

2010 / 1 / 28
الادب والفن



قد لا تكون لجنة التأليف والنشر في دار الشؤون الثقافية العامة مضطرة إلى إصدار بيان يحدد طبيعة عملها وثقل المسؤولية الملقاة على عاتق أعضائها، في ظل نشاط ثقافي كبير تنجزه دار الشؤون الثقافية في إدارتها الحالية، ولكن الحرص على تعريف المثقف العراقي بحقيقة ما يجري، انطلاقا من الاحترام الكامل لهذا المثقف الفاعل المؤثر والمضحي وضرورة اطلاعه على شأن من شؤونه، وإيضاحا للطبيعة المهنية التي لا تغيب ضرورتها عن كل مثقف حريص على ثقافة عراقية ناضجة ورصينة، لكنها تغيب ـ مع الأسف ـ عن البعض مدفوعا بأثر شخصي خاص، لا يقدر ما يترتب على تقديم ما يناسب المشهد الثقافي ويمثل مرحلته، ولا دواعي المهنية والمسؤولية الخطيرة التي يفترض توافرها في لجنة تشرف على نشر المنتج الثقافي في العراق من خلال دار الشؤون الثقافية العامة، بقدر ما يحاول تشويه هذا الجهد والانحراف عن المهنية باتجاه التجريح الموجه إلى رئيس مجلس الإدارة، انطلاقا من القياس على ثقافة الفردية التي كانت تحكم البلاد لعقود بغيضة مرت، وهذا ما تكرر في أكثر من حالة ومنها ما أثاره القاص محمد سعدون السباهي، من اتهامات لا تحتكم إلى الموضوعية ضد مدير دار الشؤون الثقافية العامة الشاعر نوفل أبو رغيف، الذي يحرص على أن يكون القرار في الشأن المتعلق بالمنتج الثقافي ونشره على وفق ما تتوصل إليه لجنة التأليف والنشر من قرار، علما أنه عضو فيها ولا يشغل رئاستها .
وكانت مخطوطة كتاب القاص السباهي مما عرض على اللجنة، إذ نظرت في الاعتراض الذي رفع من إدارة النشر التابعة للدار حول صلاحية هذه الرواية ـ المقرة سابقا في إدارة سابقة ـ للنشر ومسؤولية إصدارها من دار نشر حكومية عامة لا خاصة .. وبعد الاطلاع على رأي الخبير الأول، الذي لم يكن تقريره محيطا بكل ما ورد فيها، فضلا عن عدم قناعته بتجنيس المخطوطة، أحيلت المخطوطة إلى خبير آخر، أكد بعد قراءتها عدم صلاحيتها للنشر من خلال الدار، لما تنطوي عليه من ضعف فني، شُغل الخبير عن تتبعه بما انطوت عليه المخطوطة ـالتي يصرح كاتبها فيها بهويته الحقيقية لا المتخيلة أو الافتراضية ـ من إهانة لا يمكن لعراقي أن يجيز انتشارها، تعرض فيها الكاتب لكرامة الشعب العراقي والمرأة العراقية ونال من شخصيات وأسر عراقية لها اعتبارها الاجتماعي والتاريخي، وشكك من خلال حادثة شخصية، تعرض فيها ..إلى علمية باحثة أكاديمية عراقية، بالمنجز العلمي المتمثل بالدراسات العليا في العراق على نحو الإطلاق، يضاف إلى ذلك استعمال ما يخدش الحياء من ألفاظ وعبارات وأوصاف، وبإزاء ذلك وسواه كانت المسؤولية الوطنية والقانونية والأخلاقية تحتم على اللجنة التوصية بالاعتذار عن نشرها، انطلاقا من القناعة التامة بأن فن الرواية من الفنون الديمقراطية التي لا يحد الموقف الفني الذي تتخذه من الواقع من جرأتها في الكشف، غير أن عملا يصاغ على نحو يساء فيه إلى كرامة شعب أو فئة عن تقصد وبمزاج شخصي، استغلالا لأجواء الديمقراطية، يحمل من يقف خلف نشره مسؤولية انتهاك حرية الأفراد والكرامة العامة من دون تسويغ . .
وما من حاجة إلى التذكير بهوية هذه اللجنة التي تتسم بتنوع توجهات أعضائها وتتوحد في الإمكانية والمكانة الثقافية والقدرة على الفحص وحسم القرار والجد في العمل، لكن الحاجة ربما تكون نافعة في التذكير بآلية عملها، بعد التعريف بالجهد الذي يبذل من أعضائها في حسم الكثير من القضايا المتعلقة بإصدار الكتب وإقرار سياسة صناعة الكتاب ونشره، مستغرقة في ذلك الساعات الطوال، مواصلة العمل نهارا إلى ساعات المساء، محددة بالإمكانات التي لم تستوعب الطموح ، على الرغم من اتساع حجم المنجز ورصانة نوعيته، فضلا عن صعوبات إقرار التوصيات ومتابعة تنفيذها، بعدما تعرضت له الدار من أضرار كان آخرها تعرض مطابعها للحرق .
في الدورة الحالية للجنة لم يعتمد المدير العام لدار الشؤون الثقافية ورئيس مجلس إدارتها ـ كما كان مألوفا في السابق ـ مبدأ الإدارة المركزية متمثلة بشخصه، وإنما كرس نظام الرئاسة الدورية لجلسات اللجنة واجتماعاتها، مع فرصة لتكرار الرئاسة ذات الفاعلية والسرعة في إدارة الاجتماعات، ولم يرأس أي اجتماع حتى موعد إعداد هذا البيان من عمر اللجنة الحالية، فضلا عن تكريس تقليد استضافة شخصية ثقافية أو أكاديمية في كل اجتماع، حرصا على المشاركة الثقافية وضمانا لمبدأ الشفافية في العمل الثقافي .
وفيما يتعلق بالموافقة على نشر أي كتاب تسير آلية الإقرار بإحالته إلى خبير متخصص لكتابة تقرير واف، يتضمن التوصية بالنشر من عدمه، ثم تقوم اللجنة بالاطلاع على التقرير وتقييم ما يرد فيه؛ لحسم القناعة بتوصية الخبير في ضوء المعرفة بالمخطوطة المقدمة، ورصانة التقرير المكتوب وجديته . وكثيرا ما أحيلت مخطوطات لأكثر من خبير نتيجة عدم القناعة بتقرير الخبير الأول أو الشك بإمكانية تسرب الميل إليه سلبا أو إيجابا، على الرغم من الاحتياطات المكثفة لضمان السرية في التعريف بهوية صاحب المخطوطة (الكتاب)، والخبير الذي يقومها، وحدث ـ عرضا ـ ما خرق هذه السرية مما اضطر اللجنة إلى إرسال المخطوطة إلى خبير آخر . وغالبا ما يتم إقرار التوصيات أو التوصية في شأن من الشؤون المتعلقة بها بالاتفاق، ويلجأ إلى التصويت في حال الاختلاف على شأن ما .
ولا يفوتنا ونحن في أجواء الإسهام في خلق تقاليد ديمقراطية ومهنية تحكم الحياة الثقافية والإعلامية أن نتوجه بنداء إلى الزملاء من المثقفين والإعلاميين بتوخي الدقة في اتخاذ المواقف والعمل بروح استجلاء الحقيقة والاستماع إلى أطراف كل خلاف ـ إن كان ما حصل يعد خلافا ـ شاكرين من عمل بهذه التقاليد وتفهم طبيعة الظرف وكان موقفه يتناسب وحجم القضية الذي لا يستدعي غير التفهم وحسن التقدير.


لجنة النشر والتأليف
بغداد 10/11/2010م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟