الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كردستان والتحدي الديمقراطي

عزيز العراقي

2010 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يتخوف البعض من الحراك السياسي الذي نشط في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني , والذي تبلور في كتلة " التغيير " برئاسة نائبه في الاتحاد السيد نيو شيروان مصطفى , والتي فازت بربع مقاعد البرلمان الكردستاني . هذه النسبة العالية تعكس الرغبة الحقيقية لدى الجماهير الكردستانية في إيجاد صيغ عمل سياسية جديدة , تنهض بالواقع الراكد الذي سيطر عليه الحزبين الكبيرين , الاتحاد الوطني في السليمانية والديمقراطي الكردستاني في اربيل ودهوك , منذ اكثر من خمسين عاما بالنسبة للديمقراطي واكثر من ثلاثين عاما للاتحاد , وأدير الصراع السياسي داخل الحزبين او فيما بينهما , على نفس الأسس التي تعتمدها الأحزاب في تلك الفترة , والتي هي انعكاس لمفاهيم وأساليب الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي سابقا . تلك الأساليب التي أثبتت فشلها , كالمركزية المطلقة , وتخوين الصوت الآخر , وغياب الرقابة السياسية والمالية .. وعلى العموم اساليب عمل غير ديمقراطية .

في نفس الوقت هناك من ينظر بعدم جدية هذه الكتلة , وذلك بالنظر لما تتصف به شخصية رئيسها نيو شيروان , باعتباره أشرس صقور الإتحاد الوطني, ولا يختلف بممارساته القيادية عن نموذج القيادات المتعصبة لمرحلة الحرب الباردة , وكتلة " التغيير " بالنسبة له ليست أكثر من وسيلة للوصول الى الموقع الأول . وبغض النظر عن صلاحية او عدم صلاحية نيوشيروان لرئاسة الكتلة , فهو ليس موضوعنا , بقدر النظر للمطالب الديمقراطية لهذه الكتلة الجديدة: من ايجاد هيئة مستقلة للنزاهة , ومكافحة الفساد المالي والإداري والسياسي , وإرساء دعائم العدالة الاجتماعية , وتحقيق الشفافية في ميزانية الإقليم وفي العلاقات السياسية, والحد من التدخل الحزبي في الادارة اليومية لدوائر الحكومة , وتثبيت وتعميق المنجز الكردي على أساس ديمقراطي راسخ , يعتمد التعامل مع العراق كوحدة سياسية وليس عن طريق المساومات الهشة مع القوائم السياسية الأخرى , وعلى اساس اقتسام الغنائم بين قيادات الكتل الطائفية والقومية , او ما يسمى بالمحاصصة .

لقد كان مقدرا لهذا التوجه , او كما يسميه البعض ( انشقاقا ) , أن يحدث قبل هذا الوقت , وذلك لما تتمتع به الطبقة السياسية الكردية من خبرة أكثر عمقا من شركائها الكبار الآخرين في إدارة العملية السياسية , وكذلك للثبات الأمني الذي ترسخ في كردستان بفضل استخدام القوة مع كل بادرة تهدد سلطة الطرفين , سواء كانت ايجابية , او سلبية ضد مصلحة الاقليم وتستحق السحق فعلا . ويروج البعض , على ان عدم حدوث معارك بين الكتلة الجديدة والاتحاد الوطني , لان الأولى لا تمتلك السلاح الذي أصبح حكرا بيد البيشمركَة , وتحت سيطرة الاتحاد , وهذا تجني على طبيعة الصراع , واستهانة بالوعي الديمقراطي الكردي الذي دفعت فيه التجربة الكردستانية الكثير من الشهداء والكثير من الخسائر . وعلى الجانب الآخر , يرجع البعض الخلافات لأسباب شخصية , وهو تسطيح لطبيعة هذا الحراك , ومحاولة تجريده من أسسه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية , والتخوف من ان ينتقل بمطالباته المشروعة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني , الذي نجح لحد الآن في السيطرة على الصراعات الداخلية في ساحته .

من المعلوم ان هذه الانشطارات ( الانشقاقات ) عندما تحدث في الاتحاد الوطني , فهي تصب في مصلحة الحزب الديمقراطي حسب سياقات الصراع القديمة , والتي لا تزال يتبناها الكثير من الكوادر السياسية لحد الآن , لأنه سيبقى الحزب الأكبر من نسبة المناصفة ( فيفتي فيفتي ) في إدارة سلطة الإقليم . ورغم خطوات توحيد الإدارة , وآخرها وزارة البيشمركَة , وبقدر ما يشدنا التفاؤل لاستكمال بناء تجربة الإقليم الديمقراطية , والنهوض بالواقع البائس الذي تأخر كثيرا عن الإمكانيات المتاحة للنهوض, وتحقيق الرفاهية لعموم أبناء كردستان , نجد من يحاول ان يلوي عنق هذا الصراع , ويجعل منه صرا عات شخصية بين جلال الطالباني ونيو شيروان وبرهم صالح رئيس وزراء الاقليم عن الاتحاد الوطني , وان هذه الصراعات ستنتهي ما دام السيد مسعود البارزاني رئيسا لاقليم كردستان , كما يؤكد السيد سامي شورش وزير الثقافة الأسبق في حكومة الإقليم في مقاله الأخير في صحيفة " الشرق الأوسط " . والمراقب يجد انه بغض النظر عن رغبة او عدم رغبة السيد البارزاني في إنهاء هذا الصراع , فأنه صراع اجتماعي سياسي اكبر من مجرد رغبة شخص , ويجب ان يستوعب ويطوّر بالأطر الديمقراطية البرلمانية ليكون رصيدا لاغناء التجربة الكردستانية , وليس باستخدامه كوسيلة ساذجة لإعلاء شأن زعامة السيد مسعود البارزاني – رغم كل الاحترام له - , وإدخال الموضوع في خانة الزعامة القادرة على كل شئ . وهذا إلزام يسئ للسيد مسعود أكثر مما يخدمه , لان مثل هذه الصراعات بحاجة لاستكمال تراكماتها التاريخية , وليس برغبة فرد معين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا| ما الأهداف العسكرية والسياسية التي يريد نتنياهو تحقيق


.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي




.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن


.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط




.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي