الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقاش في سيارة أجرة عراقية

ضياء حميو

2010 / 1 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



نوع السيارة: "كيا كورية ".
عدد الركاب: 11 راكب.
الاتجاه: من ساحة " صفي الدين"إلى " جسر الهنود " في " الحلة ".

كان ذلك في أواخر الشهر الماضي ،وكعادة العراقيين يدخلون النقاش السياسي بلا مقدمات ومع أي كان .!
قال احدهم " رافعا صوته مخاطبا الجميع وكأنهم من أفراد عائلته :" من غير المعقول ان يدخل إرهابي ويفجر نفسه قبل يومين" بباب الحسين" بخلق الله المساكين بدون ان يكون هنالك من تآمر معه!!.
قال السائق :" نعم يااخي انظر إلى الشارع ،هل من المعقول ان يتم تبليطه وبعد ذلك يعاد حفره لأنهم نسوا تنصيب المجاري..!؟
قالت الحجية التي تجلس بجانبي :" ابني هذا راتب التقاعد ،والله مايكفي " طماطات".

بالنسبة للغريب سيجد ان لارابط في الحديث وكأنه وسط مجموعة " حشاشين " ،ولكن الأمر بسيط جدا بالنسبة لهم ، كل منهم يعرف شيفرات " كودات " الآخر وصلة كلامه وان كان غريبا عنه ،ولذا فهم ليسوا بحاجة إلى مقدمات الكلام لتضييع الوقت الذي هو من ذهب لإبداء الرأي بسرعة، كون المسافة قريبة جدا بين مكان الانطلاق والجهة المقصودة " عشر دقائق فقط .
قال شاب جامعي صار سؤاله هو المحور الذي تدور حوله الآراء:"لماذا نذهب لنصوت نفس الشيء..!
أجابه رجل يبدوا عليه انه موظف قديم :" هو هذا بالضبط مايريدوننا ان نصل إليه " اليأس ".
تدخلت امرأة بعباءة سوداء " حجية أيضا " تخاطب السائق : " ابني انزلني قرب البناية العالية "، ثم ولكي لاتخسر فرصتها في الكلام :"فقط الموظفين مستفيدين ،هل كل الناس موظفين ،هنالك ناس ليس لديهم وظائف كيف يعيشون؟!
قال شخص آخر :" بعد شهرين سيملؤون الشوارع بصور لانعرف اولها من آخرها،كل واحد يقرب النار لخبزته".
تعالى آذان الظهر ،فيما استمروا في الحديث..!
اذ قال السائق ضاحكا :" تتذكرون بالانتخابات السابقة ، نزلت صورة تقول انتخبوا ام محمد ولكن ابو محمد وضع صورته بدلا عنها".
علق احدهم بصوت اعلى :" هو يستحي يخلي صورتها بس راتب ام محمد قوي مايستحي منه..!!"
اجابت الحجية :" هي النسوان مكانها البيت ، ماذا تفعل بشغل الزلم ؟!
قال شخص لم يداخل سابقا :" والله لو يخلونها نسوان فقط يمكن احسن ،على الاقل ممكن ترق قلوبهن علينا ".
قال الشاب :" نسوان وزلم نفس الشيء ،نحن العراقيين "الذي ياخذ أمي يصير عمي..!!
قال الموظف:" االحمد لله على كل شيء ،على الاقل صرنا نتكلم بعالي الصوت بالسيارة ومانخاف.!"

فجأة صمت الجميع وبلا سبب ،كأنهم تذكروا شيئا غفلوا عنه يوجب الحذر ..!

خفف السائق سرعته ليتوقف وينزل ركابه فيما تعالى صوت المؤذن بعد ان فرغ من الآذان بخاتمة صارت لازمة تسمع في كل جوامع ومساجد العراق لااصدق واعذب منها تقول (اللهم احفظ العراق والعراقيين ،اللهم احفظ العراق والعراقيين )
همّ الجميع بالنزول وهم يرددون :"آمين ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تثمين
الحكيم البابلي ( 2010 / 1 / 31 - 18:20 )
أعجبتني تماماً طريقة نقلك للصورة وبكلمات وحروفٍ قليلة ومُعبرة جداً وأحسستُ لوهلةٍ قصيرة إنني كنتُ معكم أتنفسكم وأراكم وأحس بعمق الجرح في جسد وجودكم ... أبناء وطني الحبيب
وكنتَ موفقاً في عرض تنوع وتمايز الشخصيات المتواجدة في سيارة أجرة وفي حدث يومي يتكرر آلاف المرات كل يوم ، ولكن كل تلك الشخصيات كانت تلتقي في نقطة واحدة أو قاسم مشترك وهو الهم العراقي وصعوبة الحياة اليومية ، وهنا بيت القصيد ، في إن الكاتب الجيد يستطيع تسجيل أية لقطة حياتية عابرة ومهما كانت تافهة وإعتيادية ولا تستقطب إهتمام أحد فيعرضها علينا بأسلوبه الخاص ، ويُسلط عليها الضياء ، ويجعلها تتكلم من خلال حروفه بحيث نتعجب كيف إنها لم تجلب إهتمامنا من قبل ؟
وهذا ما نسميه إبداع ، وبالعراقي يقولون ( يلزم التراب ويسويه ذهب ) . رائع يا ضياء ، وتهانينا ، لقد كنتَ محط إنتباهي وإعجابي منذ قرأتُ لك لأول مرة في موقع إيلاف ، وكنتُ أعرف بأن جذرك طيب وخامة موعودة
بالمناسبة : شكراً على عدم ردك على رسالتي الشخصية ، أعرف بأنك مشغول ، وعسى أن لا أكون قد أزعجتك ولدي ؟
حبي وتحياتي


2 - تحية للحلة الفيحاء
ابو العلا العباسي ( 2010 / 2 / 1 - 15:48 )
كم تمنيت ياأخي يارائع ياضياء ان اكون (عبري) معكم في الكيا واسمع الحكم البليغة من افواه اهلنا الطيبين البسطاء وهنا أحيي باحترام حكيمنا البابلي الرائع والذي اتحف المقال بتعليقه العميق والحكيم كعادته عندما نقل معاناة العراقيين عن طريق تداول النكتة في احدى مقالاته الرائعة. يابه والله العراقيين اذكياء وكرماء وصبورين وأخيار وقل ماشئت من مكارم الاخلاق. والله السياسيين العراقيين ان كانوا يتمتعون بالامانة او هم اولاد اوادم (ان شاء الله) سوف يشيلون العراقي على راسهم ويستاهل اكثر,( والله نسيت نفسي واشتغلت حسجة) كل الحب لاهلنا العراقيين اينما وحيثما كانوا


3 - احسنت
حارس الفنار ( 2010 / 2 / 1 - 20:30 )
عرض رائع جدا لموضوع كبير بكلمات قلت و دلّت. انا اتطلع لقراءة المزيد من عندك، فاسرع بالكتابه

اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و