الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة مكرمات أم قانون؟

علي صالح

2004 / 7 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


يبدو إن هناك خلطاً بين المكرمات ودولة المؤسسات والقانون، وإن هذا الخلط بات لا يفرق بين الاثنتين، ولا يعتقد إن هناك تناقضاً أو اختلافاً بينهما، ومما يدلل على وجود هذا الخلط لدى الجميع من مسئولين ومواطنين عاديين هو تكرار الإعلان عن تقديم هؤلاء المسئولين لمكرمات واعتبارها جزءاً من دولة المؤسسات والقانون..

نلاحظ مثلاً إن مسئولاً يتلقى طلباً من محتاجين عددهم بالآلاف أو عشرات الآلاف يطلبون منه مساعدتهم في إلغاء مبالغ يصل مجموعها إلى عدة ملايين من الدنانير، وهي كما نرى قضية عامة، وتحتاج إلى تحرك يتمثل في دفع هذه المبالغ المتراكمة، أو بالأحرى إلغاء هذه المبالغ، وشطبها من حسابات الجهة الخدمية المعنية.

وهنا يمكن الوصول إلى الهدف من ثلاثة اتجاهات أو تحركات: التحرك الأول أن يقوم المسئول المذكور بحل المشكلة بواسطة مكرمة شخصية، فيأمر بدفع المبالغ المتراكمة على الفقراء المحتاجين بالكامل من جيبه الخاص، يخرج على شكل شيك منه شخصياً إلى حساب الجهة الخدمية المعنية في الدولة، وبالتالي فإن مثل هذا الحل يعتبر حلاً ومبادرة ومكرمة شخصية من جهة مقتدرة إلى جهة فقيرة محتاجة..

والتحرك الثاني هو أن يقوم المسئول نفسه بحل المشكلة بما يسميه هو بالمكرمة فيأمر الجهة الخدمية بشطب المبالغ المتراكمة، أو يأمر وزارة المالية بتسديد تلك المبالغ إلى الجهة الخدمية، وفي كلتا الحالتين فإن المسئول قد قام بحل المشكلة والتخفيف من أعباء الفقراء المحتاجين باستخدام المال العام أو أموال الدولة، وليس ماله الخاص، وعندما يستعمل أو يتصرف المسئول في أموال الدولة ولأي غرض كان إنسانياً أو اقتصادياً أو غيره فإن هذا التصرف لا يعتبر مكرمة منه، ولكنه مكرمة من الدولة، وبما أن الدول الديمقراطية والتي تعتبر بالفعل دولة مؤسسات وقانون لا تقدم مكرمات بأوامر ولكن بقوانين ومن خلال مؤسسات عامة ودستورية، وليس من خلال أفراد، فإن حل المشاكل وتقديم المساعدات من المال العام لا يعتبر ولا يسمى مكرمة.

وبالمقابل ففي دولة المؤسسات والقانون الديمقراطية، والتي لازلنا نتطلع إلى إقامتها واستكمال مقوماتها من مؤسسات وقوانين، ومن ثم التعامل في حل مشاكلنا وقضايانا من خلال المؤسسات والقوانين فقط، في هذه الدولة يتم معالجة مشكلة الفقراء المحتاجين التي نحن بصددها بإعداد مشروع قانون من قبل الحكومة أما بفتح اعتماد إضافي في ميزانية الدولة، بسحب المبلغ المطلوب من الاحتياطي العام للدولة، ومن ثم تمريره على البرلمان بصفة مستعجلة أو عادية، واستصدار قانون تحل بموجبه المشكلة، وبهذا فإن دولة المكرمات لا يجب أن يكون لها وجود في ظل دولة المؤسسات والقانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف