الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعلموا الوقوف من أجل قناعاتكم

حسين دويس

2010 / 2 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


"أول مرة أسافر مع زوجتي ... و ودي اعرف من اللي سافروا مع زوجاتهم كيف يكون الوضع بالنسبة للعباءة ... يعني المدام ودها تطلع بالبنطلون و الشورت بدون عباءة ... لكن أخاف أقابل احد من اللي اعرفهم ويشهّر فيني بكل مكان و انتم عارفين مجتمعنا"

ما في الأعلى كان مجرد تساؤل لمواطن سعودي بسيط في أحد المنتديات يريد أن يقضي إجازته خارج أسوار هذا المجتمع برفقة زوجته التي تريد أن تكون إنسانه تعيش حياتها بشكل طبيعي.
أنظروا إلى أي درجة نخاف من المجتمع ونحاول أن نتقي شرّه حتى لو كان ما نود القيام به خارج حدود الوطن وشيء خاص جدا جدا! إلى أين يقودنا خوفنا؟ إلى أين إلى أين؟ هي فوبيا نتوارثها جيلاً بعد جيل ونتعلمها يومياً..
المشكلة لا تكمن فقط في أننا نخاف من المجتمع ومن بعضنا البعض لا.. بل يتعدى الأمر ذلك بكثير.. بحيث أننا نصبح صور طبق الأصل من بعضنا البعض.. نلبس نفس الوجوه ونقوم بنفس الأفعال ونحارب أي اختلاف حتى لو كان بسيطاً لا يعني شيء للآخرين ولا علاقة لهم به..
هنا نتربى على التقليد والجمود.. نتربى على البقاء في نفس الأماكن وبنفس الأساليب.. لا نريد أن نتغيّر وإن أردنا التغيير توقفنا أمام حائط المجتمع والعادات والتقاليد والدين.. نحاول الهرب من بعضنا البعض لنمارس حياتنا بشكل طبيعي.. نتجنب لقاء بعضنا البعض في أي مكان قد نمارس فيه ما نريده ونرغب به.
أحدهم يتجنب صاحبة في الحج في مكة لأن زوجته كانت تكشف وجهها.. ورجل آخر كبير في السن يشتري دراجة هوائية ليمارس عليها الرياضة ويذهب بعيدا إلى منطقة مهجورة ليمارس هوايته بعيداً عن أعين الناس.. فمن يراه قد يقول " أنظروا إلى هذا الكبير المتصابي..!"
نسافر مع زوجاتنا لأبعد حدود الأرض.. وأول سؤال نسأله عند سفرنا إلى أي بلد.. هل فيها سعوديون؟ شيء مضحك مبكي.. شيء مؤلم أن نصل إلى هذه الدرجة من النفور من بعضنا البعض.. شيء مؤلم أن نسعى فيما بيننا دائماً لأن نكون صوراً من نسخة واحدة بدون أي اختلافات. نحن لا نتقبّل الاختلاف ولا نريده ولا نؤمن به .. يسعى الشخص فينا لأن يكون عادياً وطبيعياً بين الجميع وهي بالتأكيد ميزة كبيرة، ولكنها تقوده ليصبح فرداً عادياً متوسطاً كالآخرين ونسخه متكررة منهم.
إلى متى سنبقى هكذا؟ إلى متى ونحن نختبئ لنمارس ما نؤمن به حتى لو كان بسيطاً ولا يخالف الدين الذي يعتبره المجتمع المشرّع الأول لجميع الأمور الحياتية؟
يقول توما الأكويني " إذا لم تحرّك اليد العصا فلن تحرّك العصا شيئاً " وأنا أقول إذا لم نحرّك دواخلنا تجاه التحرر من كل قيد يجبرنا على أن نكون نسخ متكررة فلن تتغير أوضاعنا.. سنبقى كما نحن تناسخ في تناسخ.

الصعب في مثل هذا المجتمع ليس أن نعيش من خلال الأشخاص المشاركين لنا في حياتنا ولكن الصعب هو أن نكون نحن أنفسنا بعيوبها ومزاياها بدون تجميل وبدون رتوش ونفاق ومراعاة للآخرين في أمور لا علاقة لهم بها.
أنا هنا لا أقول بالتصادم مع المجتمع ولكن كونوا أنفسكم في أدق تفاصيل حياتكم.. لا داعي لأن تجعلون من المجتمع " بعبع " تخشون مخالفته فيلتهمكم..
لا تكونوا أتباعاً للأغلبية في أصغر تفاصيل حياتكم كي يكون المجتمع راضي عنكم. إن كنتم تسعون لإرضاء المجتمع فلن تنالوا غايتكم وستخسرون أنفسكم. قوموا بإرضاء أنفسكم وكونوا أنتم فلن تعيشوا سوى مرّه واحده فقط.. ومن الغباء أن تجعلوا هذه الحياة حياه من اجل غيركم لا من أجلكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يهدد بإيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ما تبعات هذه الخ


.. أسو تتحدى فهد في معرفة كلمة -غايتو- ????




.. مقتل أكثر من 100 شخص.. برازيليون تحت صدمة قوة الفيضانات


.. -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال




.. تحديات بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية في تشاد.. هل تتجدد