الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يريد الفلسطينيون من نظامهم السياسي؟

ماجد الشيخ

2010 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


انتهت قبل أيام (25/1/2010) ولاية أهم مؤسستين من مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني: مؤسسة الرئاسة والمجلس التشريعي، وذلك بعد مضي خمس سنوات على انتخاب الرئيس محمود عباس كرئيس للسلطة، وأربع سنوات على انتخاب أعضاء المجلس التشريعي. وبغض النظر، عمّا يقال من هنا وهناك عن تجاذبات دستورية، فقد هيمنت حالة الانقسام وتقاسم النظام السياسي على الوضع الوطني برمته، وليس تعطيل إجراء الانتخابات فحسب؛ فهذه من شأنها سد فراغ دستوري قائم في كل لحظة، تكريسا لحياة ديمقراطية تفتقدها الحياة الداخلية منذ سنوات طويلة، بحيث باتت الحاجة ماسّة وضرورية لتجديد الشرعية القانونية والدستورية لمؤسسات النظام السياسي، بل إن ذلك يتم للأسف في ظل حالة من فقدان المناعة الوطنية، في مواجهة الضغوط الخارجية الأميركية والإسرائيلية التي تستهدف إعادة انتظام السلطة الفلسطينية في مفاوضات عبثية مجحفة، وبشروط إسرائيلية، وبموافقة أميركية عليها لا تبالي بحساسية الوضع الفلسطيني ومعطيات الانقسام السياسي والوطني والجغرافي، إذ لا يمكن في ظلها الدخول إلى معمعان عملية سياسية تحت ظلال الاستيطان وتواصله، تستهدف استفراد السلطة وسوقها باتجاهات تسوية إقتصادية كأساس لحكم ذاتي ليس إلاّ، ويمكن لمن يشاء إطلاق ما يشاء من تسميات على مثل هذا الحكم: دولة، دويلة أو أي تعريف آخر.

في ظل وضع كهذا، يفتقد مقوّمات حصانته الداخلية، ولا يجد ما يصدّ به هجمات الضغوط الخارجية، يفتقد الفلسطينيون وحدة نظامهم السياسي الذي جاءت به عملية أوسلو، بحيث صار هو الأساس، بينما جرى تهميش منظمة التحرير صاحبة الولاية عليه، إلى الحد الذي تراجعت فيه أسهمها، فلم تعد المنظمة تقوم بواجبات وظائفها الأساس التي قامت من أجلها، بقدر ما صارت رهينة توظيفها لصالح عملية أوسلو ومترتباتها التي أفرزت سلطة نظام سياسي ضعيف، ساهمت في إضعافه أكثر إنقسامات وتقاسم السياسة والجغرافيا لقوى النظام السلطوية، التي ما تني تتشبث به كونه يؤكد أو يبرر أو يشرعن وجودها في ما هي عليه.

وفيما الانتخابات، وعلاوة على أنها استحقاق وطني ودستوري وقانوني، فهي الحق الشعبي الأبرز في تحديد الناخب لمؤسسات نظامه السياسي الذي يرتضيه، لذلك يشكل إجراؤها من عدمه مدى الحرص السياسي والوطني والشعبي، للخروج من مأزق الانقسام السياسي والوطني الذي "صودف" أن حُشرت فيه القضية الوطنية بمجموع أطرافها السياسية الفصائلية والشعبية، حيث ينبغي للرهان أن يتوجه إلى صناديق الانتخاب، وذلك تعويلا على نتائجها بأن ترسي حسم الخلاف السياسي، وإنهاء الانقسام واستعادة التوازن المطلوب للنظام السياسي الفلسطيني، بعيدا عن محاصصات التقاسم المسيئة والمضرة بالقضية الوطنية.

وطالما استمر ويستمر البعض في ترذيل النظام السياسي، استمساكا به، أو لفظه من الأساس، عبر الاستقواء عليه، بالعمل على استبعاده وتجميد كامل الحركة السياسية، ورهنها بتحقيق أهداف ضيقة فئوية وفصائلية، فإن واقع الانقسام سيبقى يعوّم النظام السياسي ولا يُرسيه، أو يُرسي قواعده القيادية باتجاهات واضحة، وهذا كفيل باستمرار إقصاء الانتخابات واستبعادها من أجندة سياسية تروم البقاء على حد الكفاف السلطوي ليس إلاّ، وذلك على الرغم من النتائج الكارثية التي قاد إليها واقع الانقسام والتقاسم الذي فُرض على النظام السياسي، كما على كامل الوضع والقوى السياسية والشعبية.

إن استمرار الرئيس برئاسة السلطة، كما أن تمسّك حركة "حماس" باستمرار ولاية المجلس التشريعي، بغض النظر عمّا ينص أو لا ينص عليه النظام الأساسي، بما هو دستور السلطة؛ كلا الأمرين يستند إلى كون النظام السياسي هو نقطة التمركز العليا لمؤسسات كالرئاسة والمجلس التشريعي، وبالتالي فإن استمرارية المؤسستين يجب أن يخضع لما حدّده النظام الأساسي، واستمساكهما بمواقعهما السلطوية يعكس استمساكهما باستمرارية وتواصل النظام السياسي، لا نقضه أو خروجا عليه.

وهكذا في ظل غياب المعالجات السياسية لمسألة الانقسام، وغياب حال التوافق الوطني على إجراء الانتخابات، أو تحديد موعد لإجرائها، يقف النظام السياسي الفلسطيني في العراء، وفي مهب عواصف التشكيك بشرعيته الكاملة من قبل أعدائه ومنافسيه على حد سواء. كما وفي مهب عواصف التشكيك بشرعية أحد أو بعض أطرافه من قبل منافسيه، الأمر الذي يعرّض المشروعية الوطنية والشعبية للنظام السياسي للانتقاص منها، والنظر إليها كونها عديمة الجدارة، منتقصة الأهلية، ومنتزعة من جذورها الشعبية والسياسية، وبالتالي لا بد من إعادة الأهلية لها كونها المظلة الشرعية الموحدة لوضع وطني فلسطيني آن له أن يتّحد على مهمة أو مهام وطنية عليا، وهذا على الأقل وبالحد الأدنى؛ ما يريده الفلسطينيون من نظامهم السياسي.

إن إعادة المشروعية للنظام السياسي يجب أن تقترن باستعادة الشرعية الكاملة للنضال الوطني، وبما يعيد التأسيس لوحدة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، نقيضا لوحدة النخب ومصالحها الريعية والزبائنية وعلاقاتها القبلية والعشائرية والفئوية والفصائلية الضيقة. وهذا شرطه الشارط استعادة وحدة قوى المشروع الوطني، واستعادة مبدأ وضرورة العملية الديمقراطية، كعملية دون ممارستها عمليا؛ يستحيل على المواطن الفلسطيني المشاركة بفاعلية، في إدارة وتقرير مصير شؤونه الفردية والجماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 2 / 2 - 10:56 )
الأخ ماجد المحترم ، مع تقديري لتحليلك وجهة نظرك القيمة ، لكن إسمح لي بإبداء ملاحظة حول العنوان ، ربما كان من الأفضل عنونة المقال على النحو التالي ( ماذا يريد فلسطينيو الداخل من نظامهم السياسي ) بإعتبار أن فلسطينيو الخارج لا علاقة لهم بكل ما يجري سواء حول الأنتخابات أو التقاسمات الوظيفية ، والمحاصصية بين مختلف الفصائل . فعندما جرى تغييب دور م ت ف كممثل لمجموع الشعب الفلسطيني ، غاب تمثيل الخارج . وهنا اطرح سؤالاً لماذا في الغرب يحق لأبناء المهاجرين من حملة الجنسيات الأخرى التصويت والمساهمة بالعملية الديمقراطية في بلدانهم ، ولا يسمح للشعب الفلسطيني في الدياسبورا حتى حق حمل جواز سفر ( السلطة ) شئ مؤسف ومخجل أن يشعر الفلسطيني بهذا الفصل والفصم معاً . ترى في هذه الحالة نؤيد من مشروع حماس الأنقسامي أم مشروع السلطة الوهمي ..؟ لو أن صحافة الداخل أجرت تحقيقاً صحافياً حول آراء الفلسطينيين في الخارج لخرجت بنتائج مفجعة ، حول مشاعر ومواقف الخارج ، ومع ذلك لك التحية .


2 - بؤس التماهي وكارثيته!
ماجد الشيخ ( 2010 / 2 / 2 - 17:55 )
العزيز سيمون
تحياتي
وهل تختلف شروط نظامنا السياسي عن شروط باقي الأنظمة لجهة تمثيلها لشعبها؟ نحن في التكيف مع ما يفرض علينا من فوق سواء. وهنا العلة ومكمن الداء.
أما ذاك التماهي الذي صار بؤسنا المزدوج بين المنظمة والسلطة، فهو العلة التي تتراكب مع أسباب لا حصر لها، لوجودنا في تلك المنطقة من غياب أو تغييب الوضوح القاطع بين ما هي عليه السلطة في الداخل، وبين ما نحن عليه في الخارج من غياب البوصلة والقيادة وتفرغها لمهام الداخل (التفاوضي) مع العدو، فيما هي تخوض صراعها السلطوي الدامي مع مشروع
إسلاموي أصبح (آخر) بالنسبة لمشروعنا الوطني.
في النهاية يجب استعادة ألق التمثيل الكامل لشعبنا - داخلا وخارجا - وهنا دور منظمة التحرير المغيّبة للأسف وعلى أيدي وعبر نفس أولئك الذين يقودون السلطة ومؤسساتها للإبقاء على حد الكفاف السلطوي، وحد الكفاف التفاوضي، دون جرأة انتزاع التمثيل الوطني الكامل لشعبنا، في ظل وضع أو أوضاع إقليمية عربية وغير عربية، تقوم بدورها الكامل في استبعاد ومباعدة الوضع الوطني الفلسطيني، واستمراره يتردى في ما هو فيه من تقاسمات وانقسامات فصائلية وفئوية، ولأهداف لم تعد تخفى على أحد.

اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟