الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عساكر سوداء

مصطفى عبيد

2010 / 2 / 1
حقوق الانسان


حكى لى صاحبى كيف عصبوا عينيه فجأة من الخلف وساقوه الى سيارة مظلمة جدرانها من الصفيح الساخن . كان عائدا من صلاة العشاء فى المسجد الأقرب لمنزله . غابت عيناه دقائق طويلة قبل أن يسقطوه أمام احد المبانى ليدخل بقوة الدفع مع أصوات عالية تتأوه لضربات عصى غليظة . بعد لحظات جردوه من ملابسه تماما وسمع صوت جهورى يسأله : من أنت ؟ وبماذا تفكر؟ ولمن تقرأ ؟ حاول الاجابة ،لكن صوته لم يخرج بسبب صفعة مفاجئة من يد غليظة على ظهر رأسه . "وضبوه " . قالها الرجل ذو الصوت الجهور ، فارتفع صاحبى الى اعلى ورُبط من يدين فى سقف الغرفة . ساعات وساعات لم يعرف كم بقى ، وغاب عن الوعى وفاق وغاب ثم فاق عندما أنزلوه ليأخذ جرعة الكهرباء المستحقة . قال لى الصديق "شعرت بجسم غريب يتم ادخاله قهرا فى عضوى الذكرى واحسست اننى اطير من الارض وأن الظلام يسود وأن المخ يذوب وأن افضل شىء يمكن أن احصل عليه هو الموت ".

فى الصباح لا تعذيب جديد . قالوا له "اكتب كل ما عندك " فكتب كل حياته دون اى مدارة . اعتذروا له وطلبوا منه التواصل والصداقة والابلاغ عن اى شىء ملفت للنظر فى المسجد أو بين الاصدقاء والاهل . تركهم وولى وكله حزن وغم على وطن فقد براءته وتسيد فيه المخبرون ، والغمازون ، وكتبة التقارير. كيف هانت الانسانية الى هذا الحد ؟ لم أشتم أحدا ولم أحمل سلاحا ولم أقل الا كل خير .. لماذا فعلوا بى ذلك ؟ هكذا قال لى وهو يبكى ..

آخرون ، لم أعرفهم ولم ارهم حكوا قصصا أبشع . منهم من هتكوا عرضه ، ومنهم من نفخوا بطنه بالهواء ، ومنهم من ضربوه حتى فقد عقله ، ومنهم من احضروا بناته أمامه ليراهم عاريات . كلهم ضحايا ظلم الاجهزة الامنية من اسلاميين وشيوعيين وبهائيين وشيعة وقرآنيين وقيادات عمالية ونشطاء حقوق انسان . فى الظلم تتوحد المذاهب ويلتقى المختلفون ويتفق المتفرقون .

هل يمكن أن نتفق جميعا على رفض التعذيب أى كانت المبررات ؟هل يمكن ان نرفع قبضة التحدى فى وجه المعُذِبين حتى لو كان ضحاياهم متهمون فى قضايا قتل ؟ هل يمكن أن تتكاتف الاحزاب السياسية والتيارات الفكرية ومنظمات حقوق الانسان لعمل قائمة سوداء بأسماء ضباط امن الدولة والمباحث المتهمين بالتعذيب؟ لماذا لا نخصص يوما "ضد التعذيب " نحتفل فيه بسجون خالية من السياط ، وأقسام شرطة بدون صواعق كهرباء ، ومباحثيون يحترمون كرامة الناس ولا يضربون ولا يهينون أحد خلال التحقيق .

إن التعذيب سبة فى جبين مصر ، وماكينة جاهزة لصناعة الارهاب والعنف والثأر تعمل كل يوم . وفى رأيى لا يكفى أن يتعلم ضباط الشرطة حقوق الانسان ، وانما ينبغى أن يشعروا ان كل انسان فى هذا البلد بأن له كرامة وحقوق وقيمة . و اعتقد ان هذا لن يحدث فى ظل النظام الحالى ..والله أعلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا


.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3




.. Saudi Arabia’s authorities must immediately and unconditiona


.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس




.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف