الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم سـعيد في بغداد

محمد الموسوي

2004 / 7 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مع اليوم الأول من تموز ابتدأت الإجراءات القانونية لمحاكمة صدام حسين واحد عشر من أزلامه عن جرائمهم بحق الشعب العراقي طيلة خمسة وثلاثين عاما إضافة إلى حروبه ضد دول الجوار . لقد تميز حكم البعث بالقمع والبطش والإرهاب والهمجية التي لا يوجد لها مثيل في المنطقة رغم طبيعتها الدكتاتورية والإرهابية وعدم سـماعها بعد بمفاهيم احترام حقوق الإنسان.

إن من حقنا كعراقيين وبعد تلك المعاناة الطويلة أن نشعر بالفرح في هذا اليوم السعيد الذي بدأت به تقديم هذه العصابة التي أذاقت العراقيين العذاب إلى العدالة وهو اليوم الذي كان العراقيين يحلمون به وواثقين من حصو له. كنا نتمنى أن يأتي هذا اليوم السعيد والعراق ينعم بالحرية والديمقراطية ، وبصريح العبارة فأنني اشعر وكأن الأمريكان سرقوا من العراقيين فرحة هذا اليوم ، بل اشعر إنهم يسعون لسـرقة ماضي وحاضر ومستقبل العراق إذ أنهم حاولوا مصادرة ماضيه عبر النهب الذي جرى تحت أعينهم لمتاحف العراق وأثاره وقاموا بنهب حاضر العراق عبر تدمير ما تبقى من بنيته التحتية و صناعته الوطنية ويحاولوا سـرقة مستقبله عبر ارتهان ثرواته النفطية واحتلاله لأمد غير معلوم.

ينبغي إن تكون المحاكمة علنية وعادلة وتكفل فيها حقوق المتهمين في الدفاع وان لا يسمح بالتلاعب بسيرها وفق أهواء الأمريكان وان تجري وفق القوانين الدولية وبشفافية وان لا تكون خاضعة لأية مراقبة وان يكون الصحفيين والمنظمات العراقية في مقدمة الحاضرين إضافة إلى أجهزة الإعلام والصحافة الدولية ، كما ينبغي تجنب تسييس المحاكمات على أن تتم الاستفادة منها في عملية تثقيف واسعة ومنظمة وشاملة لفضح جرائم النظام السابق ونشر مفاهيم العدالة واحترام حقوق الإنسان ، على أمل أن تكون محاكمة هذه العصابة بداية لتقديم مجرمي حكم صدام ألبعثي للمحاكم لينالوا عقابهم العادل ، كما لا ينبغي أن تسقط هذه المحاكمات الحق الفردي الخاص لعوائل ضحايا النظام.

إن على أجهزة الإعلام العربية وفضائياتها أن تتحلى بالموضوعية وتكف عن تسويق صدام كبطل قومي والتوقف عن اهانة واستفزاز الشعب العراقي والكذب والتضليل باعتبار صدام حسـين رئيسـا شـرعيا ولا ندري كيف اكتسب شرعيته فهل جاءت له الشرعية عبر المقابر الجماعية التي دفن فيها الآلاف من ضحاياه دون أية محاكمة وحتى دون توجيه الاتهام، هل جاءت شرعيته من استخدام الأسلحة الكيماوية في حلبجة وابادته لمئات الآلاف من أبناء الشعب الكردي في حملات الأنفال أم جاءت شرعيته من تصريحه الشهير من أن القانون ليس سوى ورقة يوقعها أو يأمر بها صدام حسـين.

إن البدء بإجراءات محاكمات صدام حسـين وعدد قليل من أعوانه ينبغي أن تكون جزءا من عملية واسـعة تسـتهدف فضح جرائم نظام صدام ومحاسبة كافة مسئوليه الكبار الذين نفذوا أوامره في قتل واضطهاد وتعذيب العراقيين ولا ينبغي أن يفلت أحدا منهم من العقاب مهما طالت أو قصرت فترة خدمته لصدام ، كما لا ينبغي أن ننسى مسؤولية الأطراف الدولية وخاصة أمريكا وبريطانيا وعدد من الدول العربية التي دعمت نظام صدام بالمال والسلاح .إن من المهم أن تصاحب المحاكمات حملات تثقيفية وإعلامية تشرح فيها عوائل ضحايا النظام بمقابلات وشهادات عن معاناة وماسي الذين استشهدوا في أقبية التعذيب وحملات الإعدام .

لقد وجهت مجموعة من المثقفين رسالة شكر للرئيس الامريكي بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير ولا ادري على ماذا يشكرونهم ، هل يشـكرونهم على دعمهم لصدام لسنوات طويلة وإبقاءه في الحكم لسنوات أطول بعد انتفاضة الشمال والجنوب أم إن الشكر هو على الحصار الجائر لاثنتي عشر سنة عجاف أدت إلى موت مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والمسنين ، هل إن الشكر على غزو العراق واحتلاله ونهبه وتدميره أم إن الشكر على جرائم جنودهم وتنفيذهم لأوامر عسكرية عليا في تعذيب واغتصاب السجناء في سـجن أبي غريب ، هل يشكرونهم على جعل العراق مسرحا للعمليات الإرهابية وفقدان الأمن ومسؤوليتهم عن قتل المئات من المدنيين الأبرياء.

ان على محامي الدفاع العرب عن صدام أن يتحلوا بقدر ولو قليل من الموضوعية وان يتوقفوا عن التشكيك بمحاكمة العراقيين لصدام وأزلامه وان لا يتناسوا بان حكم صدام ألبعثي الفاشي لم بكن شرعيا في أي يوم من تاريخه الأسود الملطخ بالدماء وانه لم يوفر أية محاكمة قانونية حتى لقيادي حزب البعث الذين قتلهم بالجملة وبدم بارد ، دع عنك المواطن العراقي العادي الذي عاش حياته مرعوبا و محروما من ابسط حدود الكرامة الإنسانية أو ابسط حقوق للإنسان حيث كانت حياة الملايين من العراقيين رهن إشارة من يد صدام أم عدي آو قصي يزجون بهم في حروب متواصلة او يستلمهم مجرمي حكم صدام وأجهزته القمعية التي كانت تقوم بالقتل والتعذيب وكان العراقي يعيش كابوسـا من الرعب والخوف الذي لن تزال بسهولة أثاره النفسية والسيكولوجية.

كنت أ تمنى ومعي كثير من العراقيين أن تأتي المحاكمة في أجواء ينعم فيها العراقيون بالسيادة وفي ظل حكم ديمقراطي منتخب من قبل الشعب، ولكن وبالرغم من ضرورة بدء المحاكمات بأسرع وقت إلا أن الأحكام ينبغي أن تصدر من الحكومة المنتخبة وأجهزتها القضائية المستقلة وفي أجواء من الأمن والتي ائمل أن تتكاتف فيه جهود جميع العراقيين الخيرين لإعادة بناء العراق ووضعه على طريق التقدم والحرية والازدهار وأتمنى أن لايكون ذلك اليوم ببعيد. أتوجه في هذا اليوم السـعيد بالتحية والشـكر لأرواح ألاف العراقيين الذين ضحوا بدمائهم الغالية ليتحقق حلم تقديم صدام وبعض جلاوزته لمحكمة عراقية وفي بغداد لمحاكمتهم عن جرائمهم بحق الإنسانية. كما نأمل أن تكون هذه بداية النهاية للحكومات الدكتاتورية البغيضة المنتشرة على طول الساحة العربية والإسلامية وان تكون فاتحة لمحاكمات قادمة لحكام آخرين على ما اقترفوه تجاه شعوبهم من أعمال تنكيل وقمع واضطهاد ولعقود طويلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي