الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ماهية العلمانية

محمد ضريف

2010 / 2 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


"إن العلمنة إحدى مكتسبات وفتوحات الروح البشرية"
محمد أركون

مفهوم العلمانية

إن كلمة العلمانية حديثة الاستعمال في اللغة العربية،ولفظ الكلمة دخيل على المعجم العربي وهي ترجمة للكلمة الفرنسية
Secularوالكلمة الانجليزية laïcité
والعلمانية ظاهرة سوسيولوجية عامة لكل المجتمعات البشرية،وليست أيديولوجية خاصة بالمجتمعات المسيحية ويراد فرضها على المجتمعات الإسلامية.
ويراد بالعلمانية فصل الدين عن الدولة،كما يعرفها البعض بأنها فصل السلطة الروحية عن السلطة الزمنية،أو أنها فصل الديني عن السياسي.كما يقدمها البعض على أنها عدوة للدين،بل إن من الأصوليين من يعتبرونها مروقا عن الدين بل إلحادا وكفرا.
فالعلمانية دعوة تجديدية لتحكم العقل والعلم في تصريف شؤون المجتمع.والعلمانية كما يفهمها المفكر الجزائري محمد اركون اكثر من مجرد التفريق بين الشؤون الروحية والشؤون الزمنية يقول لأن "تفريقا كهذا موجود عمليا في كل المجتمعات، حتى عندما ينكر وجوده ويحجب بواسطة المفردات الدينية" .ومن ثمة يرفض محمد اركون الفكرة القائلة بأن الاسلام دين ودولة او دين ودنيا لأن الدولة"في الاسلام والمسيحية ظاهرة دنيوية قبل ان تكون دينية وانا استعانت برجال الدين لتأصيل مشروعيتها".
وبالتالي يعتقد محمد أركون إن قضية العلمنة تبقى مسألة حاضرة وملحة فيما يخص العالم العربي الاسلامي بشكل عام.لانها تسهم في تشكيل الدولة بالمعنى الحديث لكلمة دولة.ومن جهته يؤكد المفكر السوري برهان غاليون ان كل إصلاح للمجتمعات العربية الإسلامية يمر عبر إصلاح الدولة لأنها مركز تمفصل كل السلط.
1-علاقة العلمانية بالدين
كما تطرقنا أنفا أن العلمانية تعني فصل السلطة الروحية عن السلطة الزمنية.لكن هذا لا يعني انه يوجد تعارض بينهما بل يعني إمكانية التعايش بينهما اذا مابقي ما لله لله وما لكل من قيصر والمجتمع مالهما من حقوق التصرف الحر وما عليهما من الواجبات.
فالعلمانية تضمن ممارسة المعتقدات والشعائر الدينية لكل دين، مذهب، طائفة...في حين نجد ان الدول الدينية او التي تقر في دساتيرها بأن دين الدولة هو الإسلام او المسيحية .. نجدها اكثر تشددا مع الاشخاص الذين لا ينتمون الى دين او مذهب الدولة.
وإن أشد الإسلاميين غلواً يعرفون أن أكثر الدول التي تنشط فيها "الدعوة" حاليا هي الدول العَلمانية. هم بالطبع يعرفون هذا جيدا وهم سعداء به، لكن ليس في هذا ما يجعلهم يقبلون السماح بإعطاء نفس الحقوق التبشيرية في الدول الإسلامية.
فمبادئ الدين الحقيقة لا تصطدم بالعلمانية فمبدأ العدل الاجتماعي،ومبدأ تحرير الإنسان من العبودية،ومبدأ الدعوة إلى إعمال العقل والفكر والنظر في الطبيعة والمخلوقات كلها تؤكد على احترام الإنسان واحترام العقل الذي يعد أعظم ما خلق الله.وكلها تهدف إلى تحقيق رسالته في التاريخ التي تتمحور حول عمران الأرض .
ومن خلال هذا يتبين أن العلمانية لا تتعارض مع روح الدين،لكنها تقف في وجه كل من يستغل الدين لأهداف سياسية ذاتية لكي يتدخل في حياة الإنسان ليحرم ويحلل كما يشاء. وهذا ما دفع محمد أركون إلى القول"إن الحركات الأصولية تحول الدين إلى نظام إيديولوجي هدفه الوصول إلى السلطة، آو تحقيق المزيد من السلطة".
2-علاقة العلمانية بالديمقراطية
إن المجتمعات التي تتحقق فيها العلمانية هي المجتمعات القابلة للحياة في ظل النظام الديمقراطي،فالديمقراطية طريقة في الحكم تسمح للآراء بان تعبر عن نفسها بكل حرية،كما تسمح للفاعلين الاجتماعيين والسياسيين بالمشاركة في الحياة السياسية،وبالتالي تقليص المساحة بين الحكام والمحكومين.
كما تطرقنا أنفا أن الديمقراطية تجدها سندها ووجودها في المجتمع العلماني الذي يؤمن بالمواطنة والمواطن كمعيار للإشراك في العملية الديمقراطية بغض النظر عن الخلفيات الدينية،المذهبية،الاثنية... فإذا كانت الديمقراطية تستند على معطية أساسية هي: "المواطنون هم أحرار متساوون ومستنيرون"، فكيف يمكن أن يمارس الديموقراطية أفرادُ مجتمع لا يمكن أن نَصِفهم حقا "بالمواطنين" إذ لا توجد بينهم مساواة تامة؛ ولا نصفهم "بالأحرار" إذ هم مجبرون في ظل قيود أفكار دينية شمولية؛ ولا نصفهم "بالمستنيرين" إذ هم يغطون في مجاهل أفكار ظلامية عفى عليها الزمن يرسخها في العقول تعليم وإعلام متخلفان .إذن لا يمكن فصل العلمانية عن الديمقراطية ولا الديمقراطية عن العلمانية فهما يعيشان معا إذ لم نقول متلازمتين.
3-العلمانية وحقوق الإنسان
إن حقوق الإنسان مشروطة بوجود مجتمع علماني ديمقراطي،يقوم على الفصل بين السياسي والديني.ويمكن تعريف حقوق الإنسان باعتبارها مجموعة من الحقوق الطبيعية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية،التي يجب حمايتها من كل تدخل سافر يؤدي إلى اجهادضها.وحقوق الانسان هي حقوق اكتسبها الإنسان من خلال نضاله التاريخي من اجل كسر كل القيود والأغلال التي كانت تفرضها السلطة السياسية والسلطة الدينية والذي تمخض عن هذا الصراع الاعتراف بكينونة الإنسان ككائن له إرادة وحرية.
إن العلمانية كمطلب حقوقي هي المدخل نحو إلغاء مفهوم المقدس من الدساتير و القوانين ، لان المقدس لا يمكن أن يكون مقدسا من زاوية حقوق الإنسان إلا لصاحبه " المواطن الحر المالك لعقله"(الغير المستلب) و لا يمكن أن يعممه على الناس فبالأحرى أن يصبح لهذا المقدس طابع الإكراه السلطوي و كل إكراه على الاعتقاد من عدمه معادي للحريات و لحقوق الإنسان و هو يستوي في فلسفة حقوق الإنسان مع مفهوم الحق الإلهي للسلطة المعروف في العصور الوسطى الذي يصبغ على الحاكم طابع القدسية ، و يجعل الناس رعايا بدل أن يصبحوا مواطنين ، و يجعل السلطة مرعبة و مخيفة و يدفع المواطنين إلى الصمت أو المقاومة المكلفة ...و يجعل السلطة و كأنها لا يمكن أن تضمن بقائها إلا بوسائل الإكراه و ليس بواسطة التعاقد الحر المبني على احترام حقوق الإنسان في كونيتها و شموليتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النقاط فوق الحروف
رشا ممتاز ( 2010 / 2 / 1 - 16:32 )
شكرا على المقال المختصر المركز الذى وضع كثيرا من النقاط فوق الحروف
تحياتى وفى انتظار المزيد

اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب