الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنان عماد عاشور ينفخ رماد السنين عن جمر الرغبات

محيي المسعودي

2010 / 2 / 1
الادب والفن



وانت تراقب اعماله الفنية الاخيرة ترى انعطافا واضحا في عمل الفنان عماد عاشور . يأتي ذلك بعد مسيرته الطويلة, وهو يتعقب الوجه الانساني, وخاصة وجه المرأة, بحثا عن مكنونات الانثى. وقد نجح الى حد ما, خلال السنوات التي مضت ان يجعل الوجه الانساني نافذة الى داخل الذات البشرية , نافذة لا تكشف دواخل الذات التي رصدها وحولها الى موضوع للوحته , بل نافذة لرؤية الفنان نفسه, اتجاه ذاته, والذات موضوع اللوحة, في آن واحد . ومع ان اعماله السابقة كانت متأثرة باعمال الفنان اسماعيل الترك كما يقول عنها مراقبوا اعماله , الا انها مع كل ما يقال كانت تحمل احاسيس ومشاعر وافكار وذوق عاشور نفسه . وان ما جعل منتقديه , ان يعزوا التشابه الشكلي للوجه بينه وبين الترك, الى تأثر الاول بالثاني, هو قصور رؤية هولاء لفن عاشور وتركيزهم على الشكل الساذج والبسيط للوحة, والابتعاد عن ماهيتها ومضمونها ودرجات الوانها ومساحات تلك الالوان وتفاعلها مع بعضها, وعلاقة كل هذا, بذات عاشور الفنية والانسانية , ومهما كان التقييم والرأي السابقين , فان الفنان عماد عاشور يؤكد بلوحاته الاخيرة ما ذهبنا, نحن اليه, وهو صدق الفنان في التعبير عن ذاته , وقد جاءت اولى تلك التأكيدات من خلال خروجه عن دائرة الوجه او الرأس الانساني الى ما تحت الرأس من تفاصيل الجسد , هذا الخروج لم يكن هروبا, لان الفنان لا زال يرسم الوجه , وبقوة, بل جاء الخروج, مؤكدا لقولنا انه يرسم بوعي تام من وحي افكاره ومشاعره التي تُملي عليه ما يرسم بحكم تحكمها بمزاجه وذوقه وحاجاته, وليس تأثرا باحد او مجاراة لنزعة فنية سائدة . ثم ان تحول عاشور مؤخرا الى رسم تفاصيل جسد المرأة وخاصة الاجزاء الاكثر اثارة لرغبات الرجل , هو الذي شكل حلقة الانعطاف التي اتحدث عنها . ولم تكن هذه الانعطافة عشوائية ولا عن قصد عقلي, يُراد منه التغيير والتنوع, كما يسعى الكثيرون . بل جاء نتيجة حاجة حقيقية وملحة يستشعرها الفنان في نفسه وهنا يتمركز الصدق الفني . ولا ابالغ اذا قلت انها نوع من العلاج البصري والحسي الذي يحاتجه الفنان للخروج من مأزق فسيولوجي وسيكولوجي وجد نفسه فيه بحكم العمر . ولان الفنان, لا يريد الشعور بالعجز في أي من اجزاءه ومكوناته الذاتية "الجسدية والنفسية" . ولان العمر فرض على عاشور ان يكون اقل اندفاعا نحو المرأة جسدا وليس روحا, ولان روحه ظلت تواقة لجمال المرأة وخاصة جمالها الجسدي الذي رسخته الذائقة الجمالية لبيئته الطبيعية والانسانية بتقاليها وعاداتها , وعليه, وجد نفسه والحال هذه, اقل احتراقا واشتعالا بجسد المرأة من ذي قبل , فحاول من خلال اخطر ادواته في الحياة "وهو الفن" ان يستعيد اندفاعه ورغبته وشهوته اتجاه جسد المرأة . فاطلق العنان لتخيلاته "التي تقودها الرغبة" بتصوير المرأة باقوى المشاهد المختلفة عن الشكل الطبيعي للمرأة . المشاهد التي تنفخ الرماد عن جمرات الاشتهاء والشهوة وتعيد لها توقدها وحرارتها التي كان يستشعرها ايام شبابه, بل التي كان يحترق فيها . لذلك نراه في اعماله الاخيرة يندفع الى رسم اجزاء من جسد المرأة هي الاكثر اثارة كالردفين والفخذين ومنطقة الظهر التي يتأخر ظهور الشيخوخة عليها , انه يحاول استنهاض طاقاته الجسدية والنفسية من اجل الاستمرار بحياة الشباب التي كان يعيشها وطاقة الرسم التي كان يعمل بها. ولكنه بالمقابل لم يتخلَ عن الرموز والاشارات التي اعطت لاعماله الفنية هويتها الخاصة كالمربعات والرموز العراقية القديمة والالوان الباردة التي دأب على وشم او تزويق لوحاته بها , ناهيك عن الاستمرار برسم اشكاله النمطية واطرها التي يعبر من خلالها عن موضوعاته . وقد برزت في اعماله الاخيرة صورة "الورقة النباتية , "برتقالية اللون" التي تظهر دائما مع جسد المرأة . ويبدو انه يُشير بهذه الورقة التي تستر احيانا الاماكن الحساسة للمرأة وتسقط عنها احيانا لصالح مفصلا جسديا اقل اثارة تحت الورقة واكثر اثارة قريبا منها او بعيدا عنها . وهو يُشير بها الى شيئين الاول , كرمز للبدائية التي تثيره وتثير الجميع والتي تشكل اساس الفطرة, والثاني يُشير الى خريف العمر حين تتساقط الاوراق الاخيرة من عمر الانسان , وان لون الورقة البرتقالي يؤدي وظفتين الاولى هي انتهاء عمرها والثاني قوة لونها الذي يُعبر عن قوة الحياة . فيجمع في الورقة متناقضين , هذان المتناقضان هما حال الفنان التي هو عليها من عمر ناهز الخمسين وما ادراك ما الخمسين !؟ وحال الفنان ايضا وهو يرفض ما تفرضه عليه الخمسون عاما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تفتقر للتطبيقات
حسين شبيب ( 2010 / 2 / 1 - 21:19 )
جميلة وعلمية واسلوب شيق كتبة هذة المقالة ولكنها تفتقر الى اللوحات للفنان الرائع عماد عاشور حتى تكون مستوفية لنا كقراء لكي تكون الصورة واضحة ونعطي حق لفنانا المبدع

اخر الافلام

.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?


.. لعبة الافلام الأليفة مع أبطال فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد




.. إيه الدرس المستفاد من فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو ب