الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خبث الرأسمالية الطائفية

عبد القادر الحوت

2010 / 2 / 2
الحركة العمالية والنقابية


تشكلت حكومة الوحدة الوطنية في لبنان بعد عدة سنوات من الصراع الطائفي و السياسي. تقاتلوا في بيروت و الجبل. شتموا بعضهم البعض على شاشات التلفزيون. حرّضوا الناس على بعضها طائفيًا حتى جعلوها تتقاتل. سقط مئات القتلى. تم إهدار ملايين الدولارات على الصراع و شراء الأسلحة و المحكمة الدولية و غيرها من وسائل الترفيه الطائفية لدى الحكام.

ثم أتت الإنتخابات النيابية و تم صرف ما يقارب المليار دولار في شراء الأصوات و الحملات الإعلانية و التحريضية.
تم أيضا إستقدام أكثر من مئة ألف مغترب لبناني كانوا هاجروا بلدهم في وقت الشدّة، ليعودوا و يقلبوا نتيجة الإنتخابات ثم يرحلوا من لبنان و يتركون المقيمين يتحملون نتيجة التصويت وحدهم.

بعدها بأشهر، بعد أن إتفقت سوريا و السعودية على الحصص، تم تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة مواطن سعودي يعاني صعوبة في تهجئة الحروف العربية.
الآن، بعدما أن توصل الأفرقاء اللبنانيين إلى توقيع هدنة فيما بينهم، كما هدنة الطائف، حان الوقت إلى تقاسم قالب الحلوى اللبناني.
فبدأت المحاصصات الطائفية بين الأحزاب، و بدأت المشاورات لتقسيم عائدات الضرائب بين الزعماء.

من جملة ما يتم إقتراحه هو رفع الضريبة على القيمة المضافة (TVA) من 10% إلى 15%، مما سيؤدي إلى زيادة نسبة الفقر من حوالي 30% إلى ما يقارب الـ50%!
طبعا الإقتراح ما زال فكرة تراود وزيرة المال و معها الحزب الرأسمالي المُسمّى "تيار المستقبل"، و لكن العمل جار على ترويض الشعب لقبول الفكرة.
أو، إذا ما تعذر ترويضه، فعلى إلهائه بشيء آخر ليتسنّى لحكومة الوحدة الوطنية أن تمرر الزيادة سرًا.

يتآمر جميع أركان الحكومة في إفقار الشعب. فمنهم من يستفيقون فجأة بعد عشرين عام على ضرورةة تطبيق كل بنود إتفاق الطائف، فيشغلون المواطنين بموضوع الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية الذي، حسب إعترافهم هم أنفسهم، لن تحقق شيء إلا بعد عشرين عام... على الأقل!

منهم أيضا من يتفاجأ بأن عدد الشباب ما دون الـ21 و فوق الـ18، يستطيع أن يقلب المعادلة الإنتخابية. فيعمل على تعطيل مشروع تعديل الدستور للسماح للشباب بالتصويت، فيلتهي الناس بالموضع فيما يقومون بالخفاء بتمرير موازنة جديدة تزيد الضرائب على الفقراء و الطبقة المتوسطة.

آخرون يتذكرون، بعد سقوط الطائرة الأثيوبية، أن هناك مغتربين يسافرون من و إلى لبنان خارج الموسم الإنتخابي في الصيف.
فهناك مغتربين يسافرون في الشتاء أيضًا. فيعمدون إما إلى تعليق كل التعديلات الدستورية في موضوع إعطاء الجنسية للمغتربين... إما إلى تجاهلهم نظرًا إلى أن معظمهم غير مستعد أن يعود في الربيع للإنتخاب في إنتخابات بلدية لا أثر سياسي لها.

تتآمر الأحزاب الطائفية الحاكمة، و جميعها أحزاب يمينة (رأسمالية أو دينية)، للقضاء على الشعب اللبناني و عيشه الكريم و حريته في وطنه.
فتعمد إلى إفقاره و تهجيره إلى الخارج و لا تأبه بما يحل بالمغترب، إلا إذا كان مغتربا غنيًا يستعمر البلاد الفقيرة في أفريقيا و يسرق ذهبها و ألماسها. فهذا المستعمر اللبناني، العنصري أيضًا، يستحق وحده الحداد الرسمي أو بكاء المسؤولين أو فتاوى الشهادة و دخول الجنة المؤكد.

أما اللبناني الفقير.. ذاك الذي كان يسكن في حيّ السلم و قُتل برصاصات الغدر الطائفية. فلا حداد رسمي له و لا بكاء و هو حتمًا بنظرهم ليس شهيد. بل هو مشاغب و مخرّب، عميل للسفارة الأمريكية و لا يستحق حتى تذكره، فما بالك بدمعة من المسؤولين؟!

لبنان هو نموذج ما تستطيع تحقيقه الرأسمالية بالإشتراك مع الطائفية و كهنة الأديان. إنه نموذج لطغيان المال على الإنسان، لسلطة القمع على الفكر، للعنصرية و التمييز على الحرية و العدالة.
و هو ما يستوجب، من دون تردد، ثورة من الشعب ضد النظام، ضد جميع حكامه و أحزابه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كامبريدج يواصلون اعتصامهم المفتوح تضامنا مع فلسطي


.. -موت القيم الأوروبية-.. موظفو مؤسسات الاتحاد الأوروبي يتظاهر




.. مغنٍ سويدي من أصل فلسطيني يخترق قوانين يوروفيجن احتجاجا على


.. ??طلاب كامبريدج يواصلون اعتصامهم للمطالبة بسحب الاستثمارات ف




.. طلاب متضامنون مع غزة يعتصمون في مبنى بجامعة بروكسل