الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقعيات 2 من مجموعة المتشحات بالوطن

ايمان محسن زوين

2010 / 2 / 2
الادب والفن


تتجول الذكريات في المخيلة... كفراشة تهرب من صيادها...كومض حلم تسرب , كالماء من بين أصابعها ...أحقا كانت ترتدي تلك الحياة الملونة وانتزعت منها غفلة... أم هو السواد لباسها ولم يكن ذاك الاخواطر نفس ٍ اشتهت السعد فترأىلها طيفاً . تزوجته وهي في المرحلة الثانية من الدراسة الجامعية زواجاً تقليدياً عائلياً ...هو شاب طموح تخرج من كليةالقانون والسياسة بحث عن وظيفة لم يجدها باشرالعمل الخاص ,ابتدأ بالقناعة والابتكار اقتطع من الدار واجهته لعمل محل يبيع فيه ما ينتقصه أمثاله من الباعة التحمت أكفهما ,وبعرقهما تضاعف الرزق حتى أمسى كالنهرالجاري الصافي ,عاشت في ظله محبوبة ,مراعاة هي وأطفالها الخمسة ...أغنتها سعادتهاعن مرارةاقعادها عن الدراسة مراعاة لتخلف الاراءالمجبرة على احترامها كونها من عشيرته,اذلايجوز لفتاة تسكن ريف أبو غريب أن تدرس وتخرج من الدار وهي في عصمة رجل يوفر لها ما تحتاجه .كانت الايام تمضي سريعاً بصحبته ...فهو رجل ولاكل الرجال .أغدق عليها كل ماتحب المرأة من الحب , والى ما لاتحتاجه ...ورغم انه ريفي النشئةالاانه لم يتوانى عن مساعدتها داخل البيت ,يحمم الاطفال , يغسل الاطباق يمازحهاوالاطفال بدون كلل ...حتى اليوم الموعود ...اذصحى يوماً وعلى جدار الدار وبخط مرتجف كتبت عبارة "لاتنتخب والاالموت" ضحك من الأمر و أوعزه الى عمل صبيانى...ورغم توسلاتها بان لايفعل ذهب للانتخابات قائلا: لن يردعني الجبن عن املاء رغبتي في اختيار اتجاهي.
توالت الايام القليلة .. قبل ان تسمع ذلك الصوت المرعب وتلك المادة الصغيرة المعدنية, التي تبخرت بعدها الارواح و الاحلام. بدم بارد, قتلته شرذمة ممن اباحوا لانفسهم ان يكونوا ضل الله على الارض , و يقتصون من الغير لاختلافهم عنهم , لم يبقوا شئ في المحل الا و احالوه رمادا.
كانت في الداخل تحمم البنات , بعد ان اعطته للاولاد يلهون مع ابيهم .. عندما خرجت , وجدته واولاده مضرجين بدمهم ترأى لها انهم موتى و لم تتصور انه رذاذ دم الاب تطشر على وجوه الصغار واجسامهم حتى اصطبغهم.
تجمهر الاقارب بعد سماعهم لصوت الاطلاقات وحملوه في سيارة نقل حملت كل ماضيهم وحاضرهم تاركين كل ما يملكون اخذين ما ليس لهم .. توفي الاب متأثرا بما جرى , هكذا فتح اول سطر للالم .. عاشت بذل في بيت تحكم فيه الاخوة , النسوة الغريبات المشاعر , ست اشهر طويلة .. الموت اهون من كلام ينزف قيحا .. لها عشرة اخوان .. لم يحتويها فيهم سوى احمد المعلم العازب ذو القلب الكبير .. اقتسم معاشه معها و بمساعدة جمعيات دفعت ايجار بيت مكون من غرفة واحدة فقط و منافع بسيطة .. خالية من اي وسيلة تدفئة او تبريد عدا مروحة هرمة ...تعاني الاماً في المفاصل . بعد كل ذاك العز والحب أمست الدنيا قفاراً من كلتيهما .توسدت أحزانها وارتمت بكل قواها في أحضان الحياة ...رغم نحولها وخوارها طرقت الابواب من أجل عمل يسد جوع الصغار كانت الشهادة الجامعية قفل القبول ... تكرر الحال لاشهر لم تستكين , وفي ومضة ارادة قررت اكمال الدراسة ,كان أحمد خير عون , بعد سؤالها الاسناد فقط , اجور النقل وشراء الملازم ...لم تكترث لمظهرها...بل باعت ثيابهاالتي لازمت أيام الثراء الغابرة ... وبقايا من مصاغ كانت تتحلى بها في البيت ...اذ لم يبق ِ رسل الشيطان على شيء في دارها لم يدمروه ...لكنهم فشلوا في هدم ذاتها الابية ...كانت تطوي الليل مع النهار هي وأولادها الاربعة لنيل التفوق .
لم تمضي الايام بيسرلان للحاجة مخالب تنهش القلب ...فطلبات المدارس لاترحم وعثرات المسيرة تسقط من السماء لاعلى موعد... لكنها الحياة ... تسير بعربتها...ساحقة ً أجساداً وأرواحاً.
لكنها المرأة, الصلبة انكفأت هي واولادها الصابرين ,على الدراسة ...تفوقوا جميعاً فأبنهاالبكر أظهر تفوقاً في السادس الابتدائي .وكوفيء من قبل منظمات وجمعيات انسانية في المنطقة ...وبناتها كذلك ...المفارقة ان لها طفلاً دون السن القانونية للمدرسة...بدلاً من ان يلهو مع أقرانه ويعبث في البيت كان يساهم في تنظيم امور المنزل المتواضع ,اذ انه في فترة غياب الكل للدراسة ,كان ينظف ويغسل الاواني ويهيء الامور الاولية للطعام وكأنه فتاة ناضجة ...شيء يثير الاعجاب عائلة لها اعجاز تتحدى الموت وتتسلق عليه بحبال الارادة وصولاً لمستقبل واضح الاهداف والخطى ...عائلة تستحق الدراسة والتكريم هذه التركيبة العجيبة من دم ولحم نقي شرب ماء العراق ...رغم شحته عليهم ...يسيرون في درب الحياة يضربون أمثالاً وعبر لايسع المرء سوى أن ينحني امامهم بكل تواضع ...انهم حقاً من الاخيار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-