الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعي الأختيار عند الناخب ، وحده ينقذ العراق

هادي الخزاعي

2010 / 2 / 3
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


ستبدأ حملة الدعاية الأنتخابية للقوائم المشاركة بالأنتخابات الوطنية العامة في العراق ، أعتبارا من السابع من شباط ، حسب قرار المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات .وقد وضعت المفوضية ضوابط محددة لضمان سير شهر الأشهار الدعائي للأنتخابات البرلمانية الوطنية ، بما يضمن ان تكون المسافة واحدة بين القوائم الداخلة في الأنتخابات وبين مؤسسات الدولة وجهازها التنفيذي الممثل بالحكومة وأجهزة الأمن والشرطة الوطنية والجيش وأجهزة الأعلام الرسمية .

أن هذ الشهر الدعائي يعني أن تقدم القوائم الأنتخابية أهدافها الأنتخابية وأمكانات مرشحيها في قدرتهم على تنفيذ تلك الأهداف ، الى المواطن الذي يسعى الى صندوق الأنتخاب رغم كل المخاطر التي تحيق به ، ليكون على بينة عن كل مرشح وعن كل برنامج أنتخابي ، بأعتبار ان هذا الصندوق هو وسيلته السلمية الآمنه الوحيدة في أختيار المرشحين التي يتوسم فيهم النزاهة لبناء العراق الجديد ، من خلال أمتلاكهم لتأريخ سياسي ملحوظ ومسجل في الذاكرة العرقية ، أو من خلال وضع أجتماعي أو ثقافي أو علمي معروف ومعرف ، يشهد لهم بالتضحية من أجل العراق ، وتطوره شعبا وأرضا .

وعليه يفترض أن تكون في متناول يد الناخب ، البرامج الأنتخابية للقوائم المتنافسه ، ويفترض أيضا ان تكون لدى هذا الناخب أسماء الذين رشحتهم هذه القوائم ، بل وجوب ان تكون لديه خلاصة عن السيرة الشخصية لكل منهم حتى تتبلور لديه فكرة ، انه حينما يلون سبابته بحبر الأنتخابات ، انما يكون ذلك بعد اقتناعه الكامل بالأسم الذي أختاره وبالقائمة التي يمثلها هذا الأسم ، لا ان تجري الأمور كما جرت في الأنتخابات السابقة ، وما رافقتها من ظروف ملتبسة ، لأن فشل الناخب في اختيار المرشح الوطني النزيه ، المخلص للعراق بنية صادقة ، سيرجع بالوضع العراقي الى المربع الأول ، ذلك لأن أعضاء مجلس النواب هم العيون التي تراقب تنفيذ ما شرعته من ضوابط لنجاح الأداء الحكومي ، فالفشل في الأختيار يسمح بعودة الفساد المالي والأداري من جديد ، هذا الفساد الذي نخر جسر الثقة بين المواطن والدولة، ويؤدي أيضا الى أن تتضاعف الصراعات ذات الصفة الشخصية كما يحدث الآن بين اقطاب الدولة والحكومة ، والتي وصلت الى حالة من الفجاجة ما يعاب عليها ويجعلها غير مقبولة في الشارع ، ويمكن أن يصل الأمر الى ان تستشري المصلحية ويعلو سطح الأنفاس الطائفية والفئوية على كل سطح ، فتغلب الأرادوية والذاتوية غيرالمبررهة عند قادة العمل السياسي ، مما يجعلنا نردد وبحرقة : وكأنك يابو زيد ما غزيت .

أن كل البلاء الذي وقع على العراقي وعلى مدى عقود عديدة من عمره السياسي الحديث والقديم ، أنما جاء بسبب أن العراقي لم تكن امامه فرص الأختيار سواء لشكل الحكم ، او لصفة الحاكم ، اي أن لعبة الديمقراطية بالنسبة للمواطن العراقي ، كانت غائبة ، و حتى يكون التوصيف أكثر دقه ، فقد كانت الديمقراطية مغيبة عن عمد ، من كل الأجندات التي رتبت أمور العراق على ضوء ما تريده هي ، رغم الأدعاءات خالية المصداقية بالديمقراطية ، وليس على ضوء ما يريده المواطن ، المُمَثْل في ميله الى صنع حاضره ومستقبله بناء على ممارسة الديمقراطية ، التي تتيح له أن يستظل تحت جناح الحرية المفقودة منذ أن صار محكوما .

وبسقوط النظام البائد عام 2003 تنفس العراقي الصعداء لأول مره منذ قيام الجمهورية العراقية عام 1958 . ولامس ولو بشكل مشوه ولأول مرة أيضا ، ما تعنيه الديمقراطية كممارسة وفعل على الأرض ، رغم التشوه الكبير الذي خلفه الأحتلال الأنكلو أمريكي في بنيوية المجتمع العراقي ، ليضيف تشوها جديدا الى جملة التشوهات التي نجح النظام البائد بغرسها في هذه البنية الأجتماعية التي عاشت قبل ذلك حالة أنسجام يكاد يكون مطلق بغض الطرف عن أختلاف المكونات الأجتماعية والدينية والمدينية والسياسية والثقافية التي تشكل منها النسيج الأجتماعي العراقي .

غير أن هذا العراقي الطيب ولكثرة ما لحق به من ضيم وهول وسحق لأنسانيته نتيجة ممارسات الأنظمة المتعاقبه ، فقدْ فَقَدَ الكثير من ميزاته التي كان يتصف بها ، كالتوافق الوطني المصاغ بوعي سياسي ميزه عن غيره من شعوب المنطقة ، وكذا الأنسجام الأجتماعي الملون بتنوعات العراق العرقية والدينية والأثينية مضافا لكل ذلك الصفة التي لازمته منذ آلاف السنين ألا وهي صفة وفعل الطيبة المُشَكِلَة لكل سلوكهه في حله وترحاله .

هذه الأيام ونحن نسمع الحراك العراقي السياسي بكل تقلباته من جانب القوائم الداخلة في التنافس الأنتخابي الذي تحول بقدرة الأرادات الى صراع ومعركة وحرب انتخابية بدل ان تكون منافسه انتخابية ، حتى بات لهذا الحراك صوت وصدى يشبه فحيح المدافع وهي تطلق قذائفها لتهدم ما بنته الدولة والعملية السياسية من بناءات هشه خلال عمر الفترة الأنتخابية التي تلفظ انفاسها الأخيره .

وامام هذا المشهد الذي لا يسر ، وأمام تدافع هذه القوائم المحتربه ، يأتي دور المواطن العراقي ، او بالدقة ، يأتي دور الناخب العراقي في غربلة بيادق هذه الحرب الأنتخابية الشرسة .

ان دور الناخب الأيجابي في الأختيار ، وجميعنا يعرف ذلك ، هو الذي يرسم المستقبل الأيجابي للعراق والعراقي ، للسنوات الأربع القادمة . بمعنى ان الناخب الذي يختار بناءا على المصلحة العامة ، فأن اختياره يكون متراسا ضد كل ما من شأنه ان يعرقل نمو العملية السياسية في العراق التي تشكل السكة التي سيسلكها قطاره في بناء انسانه وأزدهار أرضه الى المستقبل الذي حلم به الكثير مِمَنْ استشهدوا او ارحلوا ، او ممن يعيشون لحظة الأختيار ، وهو امتحان لعقلية شكل الأختيار لدى الناخب العراقي .

أن نجاح هذا الأختيار يتوقف على التراكم المعرفي لنتائج الدورة البرلمانية التي تشارف على الأنتهاء عند الناخب ، وأيضا على زخم ونوع المعلومة النزيهة التي تعرض له من قبل المفوضية المستقلة للأنتخابات والقوائم المشاركة بالأنتخابات .
أن نتائج ما انتجه البرلمان للسنوات الأربع الفائتة ، يفترض ان يكون المؤشر الذي يحمله الناخب بعقله لمعرفة صلاحية هذه القائمة او تلك من عدمها للبقاء تحت سقف البرلمان ، او للتقليص او الزيادة في عدد منوبيها ، بناءا على ما تم تَححقيقه من نشاط وحضور ملموس ودفاع محموم عن الوعود التي أحتوتها وبشرت بها دعايته الأنتخابية ، أو من خلال دعاية قائمته الأنتخابية .

ان مصير الوطن والمواطن في أن يكون أو لا يكون حسب مقولة شكسبير ، مرهون بالأختيار المدقق من قبل الناخب للمُنتَخبْ الذي سيجلس تحت قبة البرلمان ، اذ توجب بوطنية هذا النائب ان تغطي كل خارطة العراق ، ويكون قلبه وعقله واحة خضراء لكل العراقيين . ولا يمكن ان يرتهن هذا المصير بالأنتماء المذهبي او الديني او العرقي او الأثيني أو السياسي أو العشائري للنائب ، أو أي شكل آخر من الأنتماءات التي تجيز ان يمتهن أو يهمش العراقي تحت حجة الأختلاف ، فقدرة المنتخب على كيفية الدفاع عن برنامجه الأنتخابي وكيف ينجح في تحقيقه ، تشكل معبرا الى الضفة الآمنة ، وأن يجسد بحرصه المضاعف ، شرف التكليف الذي منحه له الناخب . وحتى يتحقق كل هذا ، يتوجب بالناخب أن يعرف مَنْ يختار .

أذا اردنا ان ندفع بالعراق الى مستوى أحلام الذين ضحوا من اجله ، فعلى الناخب ان يعرف من يختار ممثلا لأحلام الشهداء والراحلين ، وكذا أحلامنا وسعادة أولادنا في بناء عراق حر سعيد .

معذرة أذا كانت هذه الكتابة حالمة ، ولكننا يجب أن نحلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع