الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدراما العراقية .. لا زالت في شرنقة عنكبوت !

سعد الغالبي

2010 / 2 / 3
الادب والفن


منذ أن بدا البث التلفزيوني في العراق يجد له مساحة في الفضاء كي يظهر ، بدأت معه اول بادرة لظهور فن الدراما والمقصود بالدراما هنا .. هي الدراما التلفزيونية تحديداً ، ولكن في حينها لم تحدد الهوية الشخصية لذلك الفن ، نتيجة لعدم تثبيت قواعد ثابتة لهذا التأسيس ، وإلا لأستطاعت تلك القواعد أن توصل الينا وبشكل سليم ماكان يجرى ، ولكن كان حال ظهور الدراما التلفزيونية قي وقتها (أشبه بالطارىء) ، أو تقليد لما يجري في إستوديوهات خارج العراق ، وهي في شأنهاهذا كشأن السينما العراقية ، يتشابهان في التكوين أي بدون قاعدة ترتكز عليها ، رغم توافر العناصر في حينها ، والتي تؤهل القيام بهكذا عمل .
ومن خلال إستعراض تاريخي في الذاكرة لمسيرة الدراما التلفزيونية ، فإنه لم يكن لأحد أن ينكر أن هنالك أعمال تلفزيونية قد أنتجت ، وكانت في غاية الروعة ، ولكن كم عددها ، أظنها لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة . وكل ظني إن السبب يعود في هذا الى إنجراف الدراما - ومنذ بداياتها - في تيار التمجيد لفكرة معينة ، كأن تكون فكرة ثورة ، حزب ، حرب معينة ، أو شخصيتة قيادية ، وبذلك أهمل القائمين على هذا الفن إلإهتمام بالأفكار التي تدعو الى إظهار الحقيقة التي كان الفرد والعائلة يعيشها ، إن الإسلوب المتبع منذ ذلك الحين ولا زال مستمر الى وقتنا هذا ، هو الإعتماد على كتاب بعينهم أدمنوا كتابة " الفكرة الواحدة " كإسلوب لكتاباتهم ، وتكرارها مرات ومرات في أعمال أخرى ، وبذلك فقدت الدراما عملية التغيير التي تعتمدها كل الدول في ورشها لإنتاج الدراما .
والأمر الآخر الذي ساهم في تدهور الدراما العراقية هو إتباع إسلوب "العمل بالممكن " إذ لايوجد أحد من المهتمين في هذا المجال ليبحث حوله عن فرصة للتغيير أو حتى المجازفة إن تطلب الامر في الإختيار( للمخرجين الجدد والكتاب والممثلين ) اللذين تتوافر فيهم شروط النجاح .
بما لايقبل الشك إن (المحسوبية ) لا زالت تتداول في أروقة بعض الأماكن الكبرى التي يجري فيها الإعداد لعمل ما يختص بالدراما ، وبقدر بمعرفتي أن في كل نشاطات الحياة ، يمكن أن تجد ( المحسوبية ) طريقاً لها ، ولكن في عملية صناعة الدراما التلفزيونية بالتحديد ، لو دخلت المحسوبية في أحد أبوابها خرجت الدراما من الباب الآخر كي تنتحر .
إن مايحصل الآن بالفعل ، هو إعتماد المخرجين - على فرض أن ليس للمنتج تدخل في الإختيار - على كتّاب جل أفكار تهتم بقشور المشكلة ، دون الولوج الى الداخل وكشف التعقيد الذي كوّنها ، وكأني أرى هؤلاء الكتّاب ترتعش اقلامهم من الخوف أثناء الكتابة ، ولم يجعلوا ببالهم شيء مفاده (أن من يريد الخوض في الكتابة الدرامية خصوصاً،عليه أن يردد دائماً جملة واحدة ، إنني لا اخاف أحداً ).
ان كل عوامل الإحباط قد تجمعت مرّة واحدة لتنتج أعمال ، اقل ما يقال عنها ، إنها لا تستحق المشاهدة ، وبدون تسمية لعناوين ، فهي كثر، واصبحت متشابهة من حيث إحتوائها على التهريج الذي يمرض ولا يبهج . أو لقصة مستنسخة مرات عديدة ، أو لفكرة سيناريو قد مللنا من مشاهدتها تكرارا ً .
والسؤال المطروح في الوقت الحالي : كم هم عدد المخرجين اللذين يعملون في ساحة الدراما التلفزيونية ؟
وبدون جهد يكون الجواب ، لن يتجاوز الرقم عشرة ، ولكن لماذا بعد عشرات السنين من إنطلاق أول عمل للدراما التلفزيونية نحصل على نتيجة كتلك ، وكذلك الحال بالنسبة لكتاب السيناريو ، مع معرفتي التامة أن عدد كبير من كتاب السيناريو ، ومن هم قادرين إثراء الدراما التلفزيونية بأعمال ذات قيمة فنية كبيرة .
في السنين السابقة كان المسيطروالمتصرف الوحيد على إنتاج وتوزيع ، وحتى الإرغام على المشاهدة للدراما المنتجة هي (مؤسسات الدولة الثقافية ) ، والتي تمتلك أجندة واحدة لا غيرها ، هي خدمة السلطة الحاكمة فقط .
في وقتنا الحاضر لا تختلف الصورة كثيرا ، فقد تم إستبدال هيمنة السلطة الحاكمة السابقة بهيمنة قنوات فضائية معينة وإن عزوف تلك القنوات الفضائية أو شركات الإنتاج التلفزيوني عن تبني أقكار كاتب ما مؤمن بفكرته ، وإعتمادها أعمال بماهو يتفق مع سياستها التي أنتشئت من أجلها ، لم نجني من ورائه سوى وجع الرأس والعين .
لكي نجعل الدراما العراقية تدخل في عالم المنافسة العربية ، لابد لنا من تأسيس في كل المحافظات ، وبإهتمام خاص بوضع برنامج ورشة عمل من قبل المحترفين في المحاقظة المعنية ،وخير مثال على ذلك ما يجري في محافظة البصرة، حيث بدأت أعمال تلفزيونية تنتج ويمكن لها أن ترى الشاشة في وقت قريب .
إن أسباب إنتشار ورواج الدراما العراقية متوفرة في الوقت الحاضر ، فكثرة القنوات الفضائية ، مع وجود عدد كبير من كتاب السيناريو ، وجيل جديد من المخرجين كفيل بذلك الإنتشار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عجيب
ايار ( 2010 / 2 / 5 - 00:26 )
اخي الكاتب المحترم ان عدم تصدر الدراما العراقية للمشهد الدراميالعربي يعد بحق العجيبة الثامنة من عجائب الدنيا والا قل لي بربك اي بلد من بلدان العالم شهد تطورات وتحولات سياسية مثل العراق؟
اي بلدمن بلدان العالم تغير نسيجه السياسي والاجتماعي وشهد حروبا وكوارث وتهجير وقتل ومقابر مثل العراق ؟
ان ماجرى في الاربعين سنة الاخيرة من تحولات في العراق كاف ليعطي عشرات الاف الاعمال الدرامية للعالم 0
تحججنا بغياب حرية التعبير ابان النظام السابق وهو تحجج صحيح ومقبول ولكن ماهو قولك وحجتك اليوم مثلا؟لاعذر سوى غياب الارادة الحقيقية وكذلك تحريف مسار الحياة الفنية بمجملها الى المسار الديني والمذهبي تحديدا 0
وختاما اقول
نحن لانعاني من قلة الافكار ولا من قلة المبدعين من كتاب الدراما ولامن ضعف في امكانيات ممثلينا الرائعين ولكن نعاني ممن هم في هرم السلطة الثقافية للاسف وبرائيي المتواضع ان هذا الامر لن يدوم طويلا لاني واثق كل الثقة ان الحياة وامجتمع المتحضر سيقول كلمته في نهاية المطاف 0
تقبل فائق شكري وتقديري0

اخر الافلام

.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح


.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال




.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل