الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاغتيالات جزء من سيكولوجيا العقل الإسرائيلي

فاطمه قاسم

2010 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


د. فاطمة قاسم

أثار اغتيال المناضل الفلسطيني واحد قادة حركة حماس في دبي محمود المبحوح، قدراً واسعاً من النقاشات والتفسيرات وردود الأفعال، وخاصة بعد أن وجهت حركة حماس الاتهام مباشرة إلى إسرائيل، وذراعها الأخطر الموساد بالقيام بعملية الاغتيال، بينما سلطات دبي الأمنية أعلنت أنها تعرفت على الفاعلين الذين يحملون جوازات سفر أوروبية وأنهم غادروا دبي قبل الإعلان عن العثور على جثة الشهيد المستهدف في غرفة أحد فنادق دبي، حيث تباينت الروايات، فالرواية الأولى قالت أن محمود المبحوح مات بالسكتة القلبية، ثم جاءت رواية ثانية تقول أنه تعرض لصعقه بالكهرباء ثم بالخنق بواسطة قطعة قماش، إلى أن استقرت الرواية النهائية بأنه قتل على يد الموساد بعد يوم واحد من وصوله إلى دبي بعد ملاحقته لفترة طويلة.



لماذا تعرض الروايات بهذا الغموض؟ ولماذا تبدو بعض ردود الأفعال تجاه حادث الاغتيال كما لو أنها متفاجئة؟ هذا هو السؤال المثير للاهتمام، فيما عدا ذلك، فإن جرائم الاغتيال هي جزء من التكوين العقلي للإسرائيليين بل هو جزء من العقيدة الدينية مثله مثل الاستيطان في أية بقعة من الأرض التي يدعى أنها أرض إسرائيل.



نعود إلى الاغتيال:

فقد بدأ مع ظهور الحركة الصهيونية، والوكالة اليهودية، ومع قيام دولة إسرائيل، فقد تم اغتيال اللورد موين، وهو لورد إنجليزي يهودي لأنه لم يكن يشجع هجرة يهود بريطانيا إلى فلسطين قبل قيام دولة إسرائيل، وتم اغتيال الوسيط الدولي الكونت برنادوت، في فندق الملك داوود في القدس على خلفية قوله الحقيقة في الصراع الذي تفجر في فلسطين في نهاية الأربعينات بين الفلسطينيين والحركة الصهيونية بمنظماتها الإرهابية مثل اتسل والأرجون وغيرها، بل إن التقارير التي انكشفت على امتداد العقود قد أثبتت بشكل قاطع تورط مجموعات أمنية تابعة للوكالة اليهودية في التنسيق مع الجستابو الألماني باغتيال عدد من اليهود لإثارة رعبهم ودفعهم إلى الهجرة إلى إسرائيل والتراجع عن عمليات الاندماج اليهودي الواسع في الدول الأوروبية التي كانوا يعيشون فيها، ونفس الأفعال حدثت في العراق ومصر حين تم استهداف اليهود لدفعهم إلى الهجرة، وقصة –لافون- في مصر قضية مشهورة جداً.



ومن بين الحلقات الأخطر في تاريخ الاغتيالات الإسرائيلية، استهداف علماء الذرة في مصر وفي العراق التي امتدت لعقود طويلة، ولاحقت هؤلاء العلماء وهم في بلادهم في مصر أو العراق أو ملاحقتهم في العديد من البلدان الأخرى.



أما على الصعيد الفلسطيني، فإن جرائم الاغتيال الإسرائيلية حدث ولا حرج، فلا تكاد توجد عاصمة أوروبية إلا وحدث فيها اغتيال لقادة ونشطاء فلسطينيين بارزين بما في ذلك الحالات التي تمت تحت غطاء المفاوضات الفلسطينية العربية التي ثبت فيما بعد أنها كانت مخترقة بعلم أو بدون علم من الموساد الإسرائيلي.



فجزيرة قبرص على سبيل المثال، اغتيل فيها كمال أبو الخير وأبو صفوت، كما اغتيل فيها مروان كيالي وأبو حسن قاسم والتميمي، وفي باريس تم اغتيال السفير محمود الهمشري ثم السفير الدكتور عز الدين القلق، وفي روما تم اغتيال ماجد أبو شرار ومنذر أبو غزالة، كما تمت اغتيالات لسفراء وقادة بارزين مثل سعيد حمامي في لندن، وسفراء وقادة بارزين آخرين تم اغتيالهم في أثينا، وفي فيينا، وفي بروكسل، بل إن العواصم العربية نفسها لم تسلم من تنفيذ اغتيالات إسرائيلية ضد قادة بارزين مثلما جرى في بيروت عام 1973، باغتيال أبو يوسف النجار، وكمال عدوان، وكمال ناصر، واغتيال أبو حسن سلامة في عام 1977، واغتيال خليل الوزير "أبو جهاد" في تونس العاصمة عام 1988، وهناك إيحاءات قوية بأن الموساد الإسرائيلي كان قد دخل على شبكة اغتيال أبو إياد صلاح خلف، وهايل عبد الحميد "أبو الهول"، وفخري العمري "أبو محمد" في عام 1991 في تونس العاصمة.



أما الاغتيالات الإسرائيلية لقادة ونشطاء فلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية فهذه تعتبر مسلسلاً درامياً لا يكاد ينتهي، الضحايا كثيرون وبارزون جداً، والوسائل متعددة ابتداء من استخدام طائرات الf16 وصولاً للصواريخ الذكية الموجهة وانتهاءً بالطرود والعبوات الناسفة، أما اغتيال الرئيس الخالد ياسر عرفات وسط احتجازه القسري في المقاطعة في رام الله فذاك حديث آخر.



من هذا السياق الطويل والخطير والمستمر، فإن الإنسان العاقل والطبيعي ربما يصاب بالدهشة عندما يجد أن أحداً يشعر بالمفاجأة لاغتيال الشهيد محمود المبحوح، فالسياق الفلسطيني، سياق النضال الفلسطيني، والقوة الفلسطينية العظيمة، زاخر بجرائم الاغتيال الإسرائيلية، أما إذا كان البعض يبدأ من نقطة الصفر، أو يصدق رسائل الطمأنينة التي تأتي من هنا أو هناك، فهذا أمر آخر ليس من السياق الفلسطيني في شيء.



ولذلك نحن نقول بأن الفلسطينيين يجب أن يفكروا باستمرار وبدون انقطاع في ابتداع وسائل جديدة لحماية أنفسهم، وقادتهم، ويجب أن تكون أذرعهم الأمنية على قدر كبير من الكفاءة، وان تكون خارج حالة التراشق المسيء لتاريخ نضالنا الحافل بالتضحيات التي وقعوا ضحيتها منذ بدأ الانقسام، ويجب أن يعرفوا جميعاً أنهم تحت الاستهداف القاتل، فالاغتيالات الإسرائيلية لها باع طويل ولها تاريخ أطول، ويجب أن تكون العيون ساهرة والإرادة حاضرة والمطلوب فعلا تقليل الحذر من بعضنا والخوف والحذر الحقيقي من عدونا الذي ما زال يرفض برغم كل ما ابديناه من رغبة بالسلام إلا أن يكون عدونا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى سيدة الواقع
ياسر هاشم ( 2010 / 2 / 3 - 22:43 )
عذرا انهم يتقنون اغتيال الاحلام والامنيات وليس اغتيال القادة الشرفاء فحسب
لذلك من المستحيل ان يغير الغراب لونه وسنبقى ننتحب ويعلو نشيجنا على حمائم سلامنا حتى ينتفض النسر القابع خلف جدران الاماني لينشر جناحاه على امتداد البصر.
فسلاما لك وتحية لمشاعرك الرائعة


2 - عقلية ام عقليات
jasim ( 2010 / 2 / 4 - 05:18 )
دكتورة
تحية طيبة
هنا ليس مقارنة الشئ بالشئ
لكن هل حماس لا تملك عقلية اغتيالية ؟؟؟
مع الشكر والتقدير


3 - التناقضات العربية الإسلامية
متابع ( 2010 / 2 / 4 - 15:08 )
على الأقل إسرائيل تغتال عسكريين قاموا بمجهودات حربية ضدها، فهي لا تغتال مدنيين أبرياء، ولكنها اغتالت سياسيين وهذه إدانة لها بالطبع. لكن ألم يملك ياسر عرفات اكبر عقلية اغتيالية ؟؟؟ من اغتال ناجي العلي في لندن ؟؟؟ ألم يملك صدام حبيب عرفات أكبر عقلية انتقامية في التاريخ ؟؟؟؟؟؟
عندما يتخلص الشعب العربي والإسلامي من عقلية الاغتيال .. يحق له رجم الآخرين بالطوب.
عندما يؤمن بالديمقراطية ... يحق له المطالبة بها !!
عندما يؤمن بالوثيقة العالمية لحقوق الإنسان .. يحق له المطالبة بتطبيق بنودها. المنطق الانتقائي والتناقض في الطرح والمباديء أشياء مخجلة.
شكراً لإتاحة الفرصة


4 - الانصاف
رياض حقي ( 2010 / 2 / 5 - 03:55 )
الاغتيالات جزء من سيكولوجيا العقل الإسرائيلي والعقل العربي الاسلامي
هكذا نكون اكثر انصافا ومصداقيه

اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه