الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تفكر السطلة الأقوى في العالم؟

سعادة خليل

2010 / 2 / 4
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر كتاب (السلطة الخطرة: منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة الأمريكية: حوارات حول الإرهاب والديموقراطية والحرب والعدالة) Perilous Power: The Middle East & U.S. Foreign Policy: Dialogues on Terror, Democracy, War, and Justice في طبعته الجديدة (2009) وهي طبعة موسعة تضم الكثير من الصفحات الجديدة ذات المواضيع التي سوف تؤثر بعمق في الشرق الأوسط وعلى مسار جديد للإدارة الاميركية الجديدة. تقدم التغطية الجديدة تحليلا جديدا لزيادة القوات الامريكية ، وتكثيف الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية ، وتفاقم الأزمة في لبنان ، وتقديرات الاستخبارات الأمريكية في تقريرها عن الأسلحة في إيران ، وتأثير الرئاسة الامريكية الجديدة على الشرق الاوسط. وخاصة أنه، في هذه الأيام، تدق الولايات المتحدة الأمريكية طبول الحرب في المنطقة، حيث تقوم بتعزيز ترسانتها العسكرية من أساطيل وصواريخ باتريوت في منطقة الخليج العربي، وذلك على ذمة الواشنطن بوست والنيويورك تايمز.
اثنان من أكثر المحللين المخضرمين في هذا الجزء من العالم هما نعوم تشومسكي ، الناقد البارز للسياسة الخارجية الأميركية ، وجيلبير أشقر ، الخبير البارز في الشرق الأوسط الذي عاش في تلك المنطقة لسنوات عديدة. تشومسكي وأشقر، في كتابهما الجديد ، يحرصان على الديناميات الداخلية لمنطقة الشرق الأوسط ودور الولايات المتحدة ، وهما يتناولان جميع المسائل الرئيسة التي تهم المعنيين في المنطقة من منظور تاريخي، بما في ذلك مواضيع مثل الإرهاب والأصولية والمؤامرات ، والنفط ، والديمقراطية ، وتقرير المصير ، ومعاداة السامية والعنصرية ضد العرب ، وكذلك الحرب في أفغانستان ، وغزو واحتلال العراق والصراع "الاسرائيلي الفلسطيني" ، ومصادر السياسة الخارجية الامريكية.

إن منطقة الشرق الاوسط المضطربة هي موقع موارد هائلة ، ومشاعر عميقة ، وأزمات متكررة ، وصراعات طويلة الأمد ، وكذلك هي مصدر رئيس للتوترات الدولية وموقع رئيس للتدخل الأمريكي المباشر.
وهكذا فالمنطقة والسلطة الخارجية للولايات المتحدة تسجلان نقاشا وحوارا بين نعوم تشومسكي وجيلبر أشقر حول الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط ودور الولايات المتحدة في المنطقة.
يشرح ستيفان شالوم في مقدمة الكتاب أنه جاء نتاج عدة أيام من المعايشة ، ومناقشات تفاعلية يديرها السيد شالوم تليها مراجعة وتحرير النصوص من كل مشارك ، وبعد ذلك توفرت الفرصة لهما لتوضيح أو التوسع في تعليقاتهم بعد جلسات مسجلة. وجاءت النتيجة النهائية مثيرة للاهتمام على نحو استثنائي ، كانت المعلومات مشوقة وغنية وجاء تحليل السياسة الخارجية الأمريكية والشرق الأوسط في الوقت مناسب.
إن السيد تشومسكي والسيد أشقر يتفقان على أن مصلحة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في المقام الأول تتعلق بالنفط والسيطرة على الاقتصاد العالمي. ولتحقيق تلك الغاية ، كانت إسرائيل هي الحليف الوثيق للولايات المتحدة الذي يسمح باستعراض قوتها في المنطقة. يصر السيد تشومسكي على أن خطر الإرهاب لا يفوق حتمية السيطرة على نفط الشرق الأوسط ، لذلك فهو يتهم واضعي السياسات في الولايات المتحدة باتخاذ مخاطرة غير ضرورية عند اختيار نشر قواتها العسكرية في المنطقة. وبدلا من ذلك ، يعتقد السيد تشومسكي أن تهديد الإرهاب قد يكون تقلص إلى حد كبير ببساطة عن طريق سحب القوات الأمريكية من المملكة العربية السعودية ، على سبيل المثال. وباتباع خط مماثل من المنطق ، يخلص المؤلفان في مكان آخر من الكتاب إلى أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق هو شرط مسبق ضروري لإنهاء المقاومة وخلق سلام دائم.
ويقدم الكتاب العديد من الأفكار. على سبيل المثال ، ونحن نعلم أن الديموقراطية في الشرق الأوسط تم تقويضها تاريخيا من قبل الولايات المتحدة من أجل منع دول ذات ميول يسارية من الوقوع تحت نفوذ الاتحاد السوفياتي. واليوم ، الأصولية الإسلامية كما هي تملأ فراغا كانت تملأه القومية العربية التي تضاءل مدها. ومع ذلك ، فإن الكاتبين يعترفان بأن صعود الأصولية الدينية هي ظاهرة في جميع أنحاء العالم التي ترتبط مع هيمنة الاقتصاد الليبرالي الجديد ، وهذا يعني أن السياسة الأميركية والإسرائيلية قد تأثرت سلبا على أيدي متطرفين ، أيضا. في الواقع ، إن الاختلال المتزايد للديمقراطيات في الولايات المتحدة وبريطانيا هي مدعاة للقلق ، ويلقي ظلالا من الشك على أن المهمة المزعومة لجلب الديمقراطية إلى الشرق الأوسط ليس إلا حيلة وفرية.
ربما كان الجزء الأقوى من الكتاب ، النقاش حول التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي أخذ حيزا كبيرا. وفي هذا الإطار يقترح السيد أشقر إجراء محادثات سلام شاملة حيث الشتات الفلسطيني حيثما أتيحت فرصة للتمثيل في الحوار ، ويشير إلى أن الأردن يجب أن يكون جزءا من تلك الحالة أيضا ، ومن جانبه ، يرى السيد تشومسكي أن قيام دولة واحدة هو حل واضح . ويذهب الكتاب إلى الحديث عن القضايا المعقدة والمثيرة للجدل كثيرا ، بما في ذلك المستوطنات "الإسرائيلية" في فلسطين ، والجدار العنصري العازل ، والمساعدات العسكرية الأمريكية "لأسرائيل" وسياسات الفلسطينيين والإسرائيليين ، والعنصرية ضد العرب في الولايات المتحدة.
بالطبع لا يريد تشومسكي أن على الولايات المتحدة أن "تقبل" هجمات إرهابية أخرى كما يشير آخرون. بدلا من ذلك ، يقول تشومسكي على الولايات المتحدة أن تتوقف عن الانخراط في الإرهاب. لقد أنفقت الولايات المتحدة مئات المليارات من الدولارات لتطوير أسلحة الدمار الشامل ، وللتدريب على جميع أنواع القتلة من خلال المعسكرات والقواعد العسكرية في جميع أنحاء العالم ، في أماكن مثل "مدرسة الأمريكتين" التي حولت إلى بعض دول أميركا اللاتينية أسوأ الطغاة. لدينا حروب بالوكالة ، قوات خاصة ، ومرتزقة سرية التي تعمل في جميع أنحاء العالم لما فيه مصلحة الشركات الكبرى. كما قال الجنرال سميدلي بتلر ، الحرب هي مضرب ، وانه كان "على درجة كبيرة في الضلوع الكبير في قطاع الأعمال ، لوول ستريت والمصرفيين."
لقد كان آن كولتر ، فيكتور ديفيس هانسن ، هيو هيويت وآخرون يتجنبون التحدث عن حقيقة عنف الولايات المتحدة ضد الآخرين. أنهم لا يتحدثون إلا من حيث التهديدات (النكسة) التي تواجه القوة العسكرية العظمى ، وليس الضرر الفعلي الذي تتسببه في جميع أنحاء العالم. هذا هو الفكر "الجرائمي"، إن صح التعبير، الذي يلتزم بإثارته تشومسكي في جيمع كتاباته ، يتجرأ على أن يقول للأمريكيين أن ينظروا إلى أنفسهم في المرآة.
إن غزو العراق ، والسيطرة على النفط "ورقة ضغط حاسمة" على المجتمعات الصناعية الأخرى مع السيطرة الجيوسياسية في الشرق الأوسط . ولكن لديك أيضا الشبكة الآسيوية لأمن الطاقة التي تشكل الصين وروسيا مع الهند في أجنحة تليها كوريا الجنوبية وربما اليابان . إنهم يحبون الحصول على إيران. الهند لديها خط أنابيب لايران ,وأمريكا ليس لها ذلك. الأغلبية الشيعية في العراق لها صلات مع ايران. هناك عدد كبير للشيعة في المملكة العربية السعودية ، عبر الحدود مباشرة حيث يأتي معظم النفط. فهل سوف تقع تلك المنطقة تحت سيطرة هذه الشبكة بدلا من الولايات المتحدة الأمريكية؟ لديك منظمة شنغهاي للتعاون التي تتحول إلى منظمة على غرار منظمة حلف شمال الأطلسي ممتدة إلى وسط آسيا لمواجهة الولايات المتحدة. والاقتصاد العسكري الإسرائيلي يبيع اسلحة متطورة الى الصين. تزايد التعاون العسكري بين الصين وروسيا منذ عام 1990. لهذا وجود عسكري للولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية في أفغانستان.
هذه والعديد من المواضيع التي ناقشها كل من تشومسكي وأشقر. يختلفان في بعض الأحيان ، كما في مسألة 9 / 11 على أنها داخلية ، وأحيانا يتفقان ، كما هي حالة ماذا تقول إسرائيل للبنانيين والفلسطينيين: دمروا بعضكم البعض ، أو أننا سوف ندمركم جميعا! ممتعان جدا في اختلافهم واتفاقهم.
يقع الكتاب في خمسة فصول حوارية؛ حاول الكاتبان الإجابة على العديد من الأسئلة التي تدور في ذهن القارئ من كل المشارب، مثل:
• تحليل خبير يستند إلى وقائع كثيرة ليست على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأمريكية.
• كيف يمكن لاستمرار الاحتلال الامريكي يقوض الديمقراطية ويزيد الحرب الأهلية اشتعالا في العراق؟
• لماذا السعودية حليفة الولايات المتحدة هي أكثر قمعا من ايران؟
• كيف يمكن تفسير نمو الأصولية الإسلامية في جميع أنحاء العالم؟
• كيف تعزز سياسة الولايات المتحدة فعلا انتشار الأسلحة النووية؟
• التطلع قدما بشكل بناء.
• كيف يبدوالحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ؟
• كيف يمكن تعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط؟
• كيف يمكن للولايات المتحدة التصدي للإرهاب ووضع حد للحرب "على الارهاب" بأفضل الطرق؟


وأخير وليس آخرا، هذا الكتاب يقدم أفضل مقدمة للقراءة لجميع الذين يرغبون في فهم القضايا المعقدة المتصلة بالشرق الأوسط من منظور مكرس للسلام والعدالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي متواصل على غزة وحصيلة القتلى الفلسطينيين تتجاوز


.. إسبانيا: في فوينلابرادا.. شرطة -رائدة- تنسج علاقات ثقة مع ال




.. من تبريز.. بدأت مراسم تشييع الرئيس الإيراني رئيسي ورفاقه


.. أزمة دبلوماسية -تتعمق- بين إسبانيا والأرجنتين




.. ليفربول يؤكد تعيين الهولندي آرني سلوت مدربا جديدا له