الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سليم البصون.. سجل حافل في الصحافة العراقية

مازن لطيف علي

2010 / 2 / 4
الصحافة والاعلام


كثيرة هي الشخصيات اليهودية العراقية التي تركت اثراً واضحاً في المجتمع العراقي وكان لهم دورا ذات مساس حقيقي مرتبط ببقية افراد المجتمع العراقي في مجالات مختلفة " الطب، الفكر، الادب، الصحافة، الفن" وللتعريف للجيل العراقي بتلك الشخصيات سوف اتناول في هذه السلسلة العديد من تلك الشخصيات والتي سوف ابدأها برائد من رواد الصحافة العراقية الذي ما تزال بصماته واضحة في الصحافة العراقية .

ولد سليم البصون في بغداد في عام 1927 تلقى دراسته الأبتدائية في مدرسة الأليانس ، والمتوسطة في ثانوية شماش ، والاعدادية في ثانوية التفيض الأهلية المسائية ... وقد بدأ اتصالاته الأدبية والفكرية والسياسية في عام 1943وهو في السادسة عشرة ، عند اول اشتغاله في الصحافة ، وكان ذلك في جريدة " الشهاب " التي كان يصدرها النائب والمحامي شفيق نوري السعيدي. وفي عام 1945 عمل في جريدة الشعب محرر أو مندوبا برلمانيا لها ، فكان ان تعرف بسياسة البلاد وشخصياتها، انظم إلى الحزب الوطني الدمقراطي الذي كان يراسه كامل الجادرجي ، وكان آنذاك يشتغل في جريدة الشعب ، انظم إلى الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يراسه كامل الجادرجي ، وكان البصون آنذاك يعمل في جريدة الشعب ، وحين تألف الاتحاد الوطني الذي يرأسه عبد الفتاح ابراهيم اشتغل سكرتيرا للتحرير في جريدة " السياسة" ثم "صوت السياسة" لسان الحزب ، وحيث يعمل في جريدة لسان حزب آخر فقد انضم إلى نفس الحزب الذي كانت مبادئه واهدافه متقاربة مع الحزب الوطني الديمقراطي ، وبذلك اصبح سليم البصون المشرف على تحرير "جريدة السياسة" وفي نفس الوقت اختير محررا للجنة الدعاية والصحافة في الحزب . في سنة 1948 تولى سليم على حسابه اصدار جريدة " الأستقلال " لصاحبها طه لطفي البدري التي ورثها من ابن اخيه عبد الغفور البدري وقد اشرف على تحريرها وادارتها.

عام 1948 تزوج من الكاتبة والقصصية " مريم الملآ " التي كانت دائماً له نعم المؤازر والنصير. وبعد شهر من زواجه ، أي في شهر العسل القت السلطات القبض عليه واعتقل وبعد محاكمة صورية امام محكمة جزاء بغداد وفق مرسوم صيانة الأمن العام وسلامة الدولة ، حكم عليه بوضعه تحت المراقبة وقررت وزارة الداخلية نفيه إلى قضاء بدرة على الحدود العراقية الأيرانية لمدة سنة ، وكان هو المعتقل الوحيد من دون جميع المعتقلين في تلك الفترة من مختلف الفئات السياسية والأديان الذي رفضت وزارة الداخلية التي كان على رأسها مصطفى العمري صرف المخصصات المالية له ، وهي المخصصات المقررة للمعتقلين. فامضى شهر العسل والسنة الاولى من زواجه منفيا في قضاء بدرة على الحدود العراقية الإيرانية ، حيث امضى سنة كاملة .

وبعد انتهاء مدة نفيه اعيد مخفورا إلى بغداد ، وقبل ان يطلق سراحه صدر الأمر باعادة اعتقاله واحتجازه ، وظل شهرين محتجزا حتى توسط له بعض الأصدقاء والمعارف لدى قائد القوات العرفية الحاكم العسكري العام فاطلق سراحه بالكفالة .
بعد بضعة اشهر عاد إلى عمله في الصحافة فعمل في بعض الجرائد والمجلات ، كان منها جريدة الشعب في الفترة التي بدأت هجرة اليهود الجماعية إلى اسرائيل ، ثم انتقل إلى جريدة البلاد التي كان يصدرها رفائيل بطي ، وعمل مديرا للتحرير في عام 1954 حتى وفاة صاحبها حيث تولاها ورثته وهم اولاده ، فواصل العمل معهم . ،
وبعد انتهاء مدة نفيه اعيد مخفورا إلى بغداد ، وقبل ان يطلق سراحه صدر الأمر باعادة اعتقاله واحتجازه ، وظل شهرين محتجزا حتى توسط له بعض الأصدقاء والمعارف لدى قائد القوات العرفية الحاكم العسكري العام فاطلق سراحه بالكفالة .

في هذه الفترة طلب وزير الداخلية سامي فتاح منع اشتغاله في الصحافة واتصل باصحاب جريدة "البلاد" وطلب منهم استبعاده ، وخشية منه كادوا ان يفعلوا ذلك لولا ان احدهم وهو فائق بطي وكان قد درس الصحافة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة اصر على الأحتفاظ به او اوقف الجريدة عن الصدور ، فتم الأتفاق بين الأخوة على ان يحرر فيها ويرسل المقالات من البيت ويكون البيت واسطة للألتقاء والعمل .


وحين قامت ثورة 14 تموز 1958 بقيادة عبد الكريم قاسم وسقطت الحكومة. وتألفت اول جمهورية عراقية ، كان اشتغاله بالصحافة من مركز قوة ، حيث كان مدير تحرير جريدتين رئيسيتين كانتا تنطقان باسم زعيم الثورة عبد الكريم قاسم ، هما جريدة الرأي العام للشاعر الكبير الجواهري ، وجريدة الجمهورية وكذلك جريدة الأخبار ، وكانت فترة كان فيها يشرف على تحرير صحفتين صباحيتين بارزتين وصحيفة مسائية وصحيفة اسبوعية . بلغ عدد الصحف والمجلات التي اشتغل في تحريرها اكثر من عشرين خلال 30 عاما من 1943 لغاية 1973

اعتقل البصون مرات عديدة 1943 و 1948و 1956و 1959 وفي عام 1963 قرر البصون الابتعاد عن العمل الصحفي خوفاً على زوجته واولاده. فبدأ بالعمل كمدير لكراج سيارات ولوريات تابع لشركة أهلية ، وجرت محاولتان لقتله في سنتي 1959 و 1963 واحتجز ايضا من قبل مخابرات الأمن في سنة 1973. بعد ان تأزم وضع اليهود العراقيين هاجر اولاده العراق ولم يبق مجال للعيش في العراق بعد ان اوقف سليم البصون عن العمل فهاجر من العراق في آب 1973.
بعد خروجه من العراق عمل ايضاً في عالم الصحافة .. زامل سليم البصون الشاعر محمد مهدي الجواهري في العمل الصحفي وربطتهم صداقة حميمة وقد كتب البصون كتاباً عن الجواهري عنوانه "الجواهري بلسانه وبقلمي" وهو كتاب ضخم يحتوي على حوادث خاصة مع الجواهري ووثائق غير منشورة ودراسة واسعة عنه . فضلا عن قصائد ورسائل خاصة عن الجواهري والذي كُتب من خلال لقاءات متعددة بينهم والتي امتدت لساعات طويلة.

أكمل سليم البصون تحضير الكتاب في العراق ولكنه لم يطبعه هناك خشية أن تعرقل هذه الخطوة استطاعته الخروج من العراق بعد ان صدرت موافقة وزارة الداخلية على منحه جواز السفر- موضوع حساس جداً بالنسبة لأي يهودي عراقي.
اصطحب سليم كتابه الذي كان بالنسبة له مشروع حياته الى اسرائيل وهناك فكر في طباعته. ولكن ومع الاسف جابهته مشاكل أخرى، الأولى منها هي مراعاة ما قد يسبب للجواهري والذي كان انذاك على قيد الحياة ويعيش بين العراق وجيكوسلوفاكيا من أصدار كتاب عنه بقلم كاتب "يهودي .

وللراحل البصون العديد من الكتب الكتب المخطوطة من ابرزها كتابه " الجواهري بلسانه وبقلمي " و " النازية في العراق " و ´وحقائق عن الحركة الكردية " و " صحفيون ادباء " و " هؤلاء عرفتهم " وشخصيات من التاريخ " و " دراسات سياسية " و" تراثيات " ومجموعة قصص " قدر يسخر " .

وتسعى الان زوجته "مريم الملا " وبالحث من اولادها ، طباعة ونشر كتبه وتوثيق اسم سليم البصون الصحفي العراقي الذي توفي بدون ان يحقق اي من احلامه الكبيرة او الصغيرة.

توفي سليم البصون في شهر آب عام 1995 بعد ان اصيب بمرض اقعده لمدة اربعة عشر عام وأضطر للوقوف عن العمل.

سليم البصون بقي فخور بعراقيته حتى يومه الأخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سليم البصون --- هذا الرجل العظيم
المنسي القانع ( 2010 / 2 / 6 - 04:21 )
أحييك أيها المثقف مازن على تذكرك لإنسان رائع وكبير هو الكاتب والصحفي المتميز الصادق سليم البصون الذي مازالت صورته ووجهه المشرق دوماً بإبتسامة ودودة أمام عيني منذ ان رأيته آخر مرة سنة 1969 وكذلك صورة وجه ألطيبة مريم (أم خضر) الإنسانة الرائعة ,ذلك الوجه السمح الذي يشعرك بالإطمئنان . لقد كانوا عائلة ودودة مثقفة ورائعة , وحق على العراق أن يفخر بهم .
عزيزي مازن وددت أن أضيف معلومة لطيفة عن قوة العلاقة الثقة بين الجواهري والبصون ,ففي جريدة الرأي العام التي كان يديرها بالكامل أبو خضر والجواهري يكتب المقال الإفتتاحي ألذي كثيراً ما كان ينسى كتابته وإرساله لذا أعطى الجواهري الحق لأبي خضر بكتابة المقال الذي ينزل في الجريدة بتوقيع الجواهري !! هكذا كانت الثقة بينهما وهكذا كان البصون قادرا على قراءة فكر الجواهري ونبض الشارع العراقي---. لك الخلود يا أبا خضر ولكِ كل الإحترام والتقدير والحب يا أم خضر وأرجو أن تتمكني من إنجاز ونشر ما خطه الراحل العظيم --- وشكراً

اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا