الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نبني حكومة قوية؟

حسين علي الحمداني

2010 / 2 / 5
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق



عندما يصوت المواطنون في بلد ديمقراطي فإنهم يمارسون حقهم ومسؤولياتهم لتحديد من سيحكم باسمهم. وعلى العكس من ذلك، في البلد الدكتاتوري يخدم التصويت غرضا واحدا وهو إضفاء الشرعية على اختيار نظام قد نصب نفسه سلفاً. فالتصويت في مثل هذه البلدان لا يتضمن الحقوق ولا المسؤوليات التي يمارسها المواطن، إنما لإظهار الطاعة العمياء لتأييد الحكومة. ونحن كشعب مررنا بكلا الحالتين حالة الديمقراطية وترقب النتائج وحالة التصويت لنظام دكتاتوري ولم نكن ننتظر النتائج , في أيام (( البيعات)) كانت نسبة المصوتين 100% ونسبة الذين قالوا نعم 100% وهو أمر طبيعي حين تكون الديمقراطية المزيفة عصا الدكتاتورية التي يضرب بها من يشاء ومتى يشاء , لم يكن أحد من أبناء الشعب العراقي باستطاعته التخلف عن (( تجديد البيعة )) لان ثمة إجراءات تنتظره وعائلته إذا ما أكتشف أمره من قبل الآخرين . ولم يكن هنالك نظام انتخابي يعطي حق أكثر من 4 ملايين عراقي مشرد ومطارد في أصقاع الأرض , ولم يكن هنالك برلماني واحد يستطيع أن يقول إني أمثل الحزب الشيوعي أو حزب الدعوة أو الأكراد أو التركمان , ولم تكن اليافطة المعلقة فوق منصة رئيس المجلس الوطني العراق آنذاك (( وأمرهم شورى بينهم )) لم تكن سوى واجهة دينية ليس الا , لأنه لم يكن للمجلس الوطني العراقي صلاحية تذكر في بلد ظل البعث يحكمه عقودا من الزمن بلا دستور , مع تغييب تام لجميع من يتعارض ونهجه القمعي الشوفيني , نقول أشياء كثيرة مضحكة مبكية ومؤلمة انتابتنا نحن أبناء الشعب العراقي حين تبلغ مسامعنا أخبار المنادين بالتلطف مع البعث وعدم أخذ جريرة هذا بذاك ومراجعة قرارات الاجتثاث الدستورية وإلى آخر الكلام الذي يذكرنا بمحاولات البعض (( برفع المظلمة عن سيدنا يزيد!!)) معللين ذلك بأن يزيد لم يقتل الحسين ولكن أبن زياد فعل ذلك من تلقاء نفسه!! لهذا هم يحاولون تبرئة ( البعث ) من جرائم ( البعثيين )) وربما سيقولون ما قصف صدام حلبجة ولكن العسكر فعلوا ذلك ؟؟ وما قمع صدام انتفاضة الجنوب الشعبانية ولكن (الرفاق) وجدوا ذلك ضرورياً !! ومع كل هذا نجد الكثير من الذين اعتنقوا فكر البعث في مرحلة من مراحل حياتهم ارتدوا عن هذا الفكر بعد أن اكتشفوا زيف الشعارات المخادعة سواء كانت هذه الشعارات قومية في مرحلة من مراحلها أو إسلامية في مراحل أخرى , لهذا نجد إن ( البعث ) كفكر ونظام حكم ودولة وأشخاص قد سقط منذ اجتياح الكويت وغزوها في الثاني من آب1990 فهو قد شطب كل شعاراته القومية وما كان ينادي به من وحدة الأمة فإذا به يحيل هذه الأهداف إلى حروف متناثرة يستحيل جمعها ثانية . ونحن الشعب العراقي كنا ضحية طيش هذا النظام ونحن من دفع فاتورة مغامراته دماء وأموال وبلد يلملم جراحاته بهدؤ , ونكاد الآن نتعافى من جراحاتنا ونحن نستعد لخوض تجربة ديمقراطية جديدة عبر انتخاب ممثلينا في البرلمان العراقي القادم , وإذا كانت ( القائمة المغلقة ) في الانتخابات الماضية قد سلبت بعض ارادتنا وسلبت تناحرات الكتل السياسية واصطفافاتها الطائفية والإقليمية ما بقي لنا من إرادة بحيث إن الفجوة بيننا وبين برلماننا الديمقراطي هي ذات الفجوة التي كانت بيننا كشعب وبين المجلس الوطني في زمن (البعث المقبور ) فلم نعد نتأمل منهم أن يصنعوا لنا السعادة والرفاهية بل لم نعد نأمن على الدستور منهم فكل كيان يفسر المادة على مشيئته ويسخرها لإرادته وما نخشاه يوما إن يوجه البرلمان رسالة إلى المحكمة الاتحادية يرجو فيها بيان أي أجنحة البعث محظورة ؟؟ هل جناح محمد يونس الأحمد ؟ أم جناح عزة الدوري ؟ أم جناح حارث الضاري ؟؟ قد نصل لهذه المرحلة إذا ما بقينا مشتتين بأصواتنا غائبين عن الوعي , لأننا سنخذل أنفسنا والأجيال التي بعدنا حين نكرس تخلفنا في ورقة الاقتراع ونضعها في الصندوق أو حتى مجرد رفضنا المشاركة في الانتخابات هو اخلال بوطنيتنا ويمثل العزوف عن المشاركة جريمة أخلاقية عقوبتها إننا سنترك للآخرين أن يأخذوا أماكننا التي نستحقها . نحن الآن نعيش مرحلة التحول الحقيقي والتعددية الفكرية وحرية اتخاذ القرار بعيداً عن أية ضغوطات يفرضها علينا الآخر ومهما كان هذا الآخر , ومرحلة التحول هذه كلفتنا كثيرا من التضحيات البشرية والمادية والنفسية , وأخطر ما وجهناه في مرحلتنا الانتقالية هو تأسيس حكومة ضعيفة مشتتة الولاء لا سلطة فيها لأحد على الآخر ولا رقابة لأنها كانت حكومة ( محاصصة طائفية )) وضحكوا علينا وقالوا (( حكومة وحدة وطنية )) والآن نسمع من البعض خارطة طريق للحكومة القادمة عبارة عن ( حكومة شراكة) و ( لا يمكن أن يهمش فلان ) و ( جبهة تضم كل المكونات ) وكأنهم لا يعرفون إن واحد من تعريفات الديمقراطية هو حكم الأغلبية ؟؟ ولكي لا تولد لدينا حكومة ضعيفة علينا أن ننتخب بقوة ونمحص وندقق ونقارن ونقرأ ما يدور بين الأسطر وما تخفيه الصدور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفا: مقتل 7 فلسطينيين خلال قصف إسرائيلي برفح جنوبي قطاع غزة


.. غالانت: نقترب من اتخاذ قرار بشأن إعادة سكان الشمال وتغيير ال




.. محمد الدوخي عاش بين المناديب لإتقان ادوره في -مندوب الليل- |


.. استبدال بايدن بمرشح ديمقرطي اخر سيناريو مرجح




.. 3 قتلى في قصف إسرائيلي على بلدة حولا جنوبي لبنان