الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعد الحريري والتوازن القلق

اديب طالب

2010 / 2 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



منذ مئة عام ، تعلمنا من الهندسة الفراغية ، ما يقال عنه "التوازن القلق" ، لبنان في راهنه قريبٌ مما قالته الفراغية ، تصالحت أطرافه على قاعدة المنافع الوطنية . وتصالح مع أهمّ جيرانه ، الدولة السورية ، زارها رئيس الوزراء سعد الحريري ، واحتفي به احتفاءً بالغاً ، وما زال على اتصال هاتفي مستمرٍ مع رئيسها بشار الاسد .
زار الحريري عرب المنطقة ، في المملكة العربية السعودية ؛ كرّمته العائلة المالكة كلّها وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ، ملك أهمّ دولة اسلامية في العالم ، وحصل للحريري في المملكة الاردنية الهاشمية ، قريبٌ مما حصل له في السعودية .
زار الحريري تركيا ، أهمّ جارة للعرب ، وكتب مع رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان ، مسودة سوق مشتركة للمنطقة ، بعدما وقّعا عشرات الاتفاقيات الهامة . زار فرنسا – الام الحنون للبنان - ، استقبله الرئيس الفرنسي ساركوزي ، استقبال الرؤساء ، مؤخراً زار أمّ الدنيا مصر ، واحتضنه الرئيس المصري حسني مبارك ، وعاهده على أنّ ما يمس لبنان يمسّ مصر .
ليست كلّ هذه النجاحات نجاحات شخصية فقط ، وانما هي اولاً ثمرة الوعد الدولي باستقرار لبنان ، وهي ثانياً ثمرة التصالح الوطني اللبناني بمختلف اطرافه .
انّ ما قلناه ينطبق على الكلمة الاولى من جملة "التوازن القلق" ، أمّا كلمة القلق فهي ما يجب ان يبحث فيه اللبنانيون ، ولسبب رئيس ، هو انّ التوازن المعقول القابل للبقاء والاستمرار ؛ أساسٌ في توازن المنطقة كلها ، وأساس في بقائها ولبنان بعيدان عن اي حرب قادمة .
ثمة فقرات سنقولها نعتقد انها تخدم التوازن العتيد المنشود وهي :
اولا ، الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله ، رئيسٌ تاريخيٌ مميزٌ في تاريخ لبنان ، رئيسٌ عابرٌ للطوائف ، أبعدها عن ان تكون هوّيتها قاتلة ، رئيسٌ اعتبر ان رأس مشروعه وغاية هدفه ، هو العبور الى الدولة المدنية الحديثة اللبنانية ، وعلى هكذا أسس استمرّ ، وسيستمر الابن وابناء طائفته وانصاره ، ومحازبوه في تيار المستقبل ، وشركاؤه في 14 آذار ، وفي لبنان اولاً .
ثانياً ، المحكمة الدولية شأنٌ دولي ، وقاض في الشرعية الدولية ، وهي اولا واخيرا مسؤولية مجلس الامن ، هي شيءٌ أكبر من المنطقة ، وعابرة الدول كلّها ، وهي تنشد الحقيقة ، وتقيم العدالة ، ولو تأخر قرارها الظنّي ، ولو ظننا أنّ الزمن قد طال عليه ! ، وهي قد تعلمت من الله تعالى أنّه يمهل ولايهمل.
ثالثاً ، لأنّ رئيس الوزراء التركي قد نجح في منصبه كرئيس بلدية ، بداية حياته السياسية ، فانّ سعد الحريري ، في مقدوره أن ينجح ، اذا ما لحظت حكومته أنّها رئيسةٌ لكل بلديات لبنان ، وعليها أن يعنيها الشأن الداخلي ، الصحة والتعليم والخدمات والمرافق العامة ، وعليها ان يعنيها القطاع الخاص والسوق المفتوح ، والقطاع العام ، وبعد القطاعين عن الفساد ، وسوء الادارة ، وقربهما من سلة المواطن الغذائية ، ومن تقليص البطالة ، وبجملة واحدة ، العمل في ظلّ الليبرالية التكافلية الاجتماعية . اللبناني العاطل عن العمل أو المساهم في البطالة المقنّعة ، او المعتاش من اقتصاد المساعدات الريعي ؛ لن ينفع في ايّ استراتيجية دفاعية وطنية ، ضدّ أي عدو مهما كان ، حتى ولو أقرّتها أعظم وأقدر طاولة للحوار .
رابعاً ، الكفاءة ودرجة التأهيل ، هما الحكم في تولي أي مسؤولية ، وعلى مختلف درجاتها وانواعها واشكالها ، وليس مملاً أو مستهلكاً التعبير القديم : الرجل/المرأة ، المناسب في المكان المناسب . المسؤولية شرفٌ والتزامٌ بغض الطرف عن القرابة وعن الطائفة وعن المذهب وعن التحازب وعن الحب والكره وعن الانتماء الجغرافي .
خامساً ، بعيداً عن الحرية وبعيداً عن الديمقراطية وبعيداً عن احترام حقوق الانسان ؛ لن يبقى لبنان ، ولن يبقى اللبنانيون محامو الحرية وحماة الاحرار .
ثمة سادسٌ وحتى العشرون ، وثمة تفاصيلٌ في كل رقم سالف ، وهذه يتفضّل بملئها خبراء الاقتصاد والمال ، ورؤساء مراكز الابحاث الاستراتيجية والعلاقات العامة ، والمستشارون الموثوقون .
ثمة أمرين أهم من كل ما قلناه هما : ارث الشهيد الاخلاقي ، والضمير الشخصي والوطني .
وبكل ما ذكرناه – رغم وعظيته – قد يتمكن رئيس الوزراء سعد الحريري من تحويل التوازن القلق الى توازن معقول وقابل للبقاء والاستمرار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله