الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون الفلسطينيون تحت الاحتلال - الجزء الاخير

جورج حزبون

2010 / 2 / 5
القضية الفلسطينية



مرحلة التسعينات
إذن دخل الحزب مرحلة التسعينات في مناخ استمرار الانتفاضة، لكن بالنزع الأخير، وبعد أن دخل المعتقلات مئات الرفاق، وأكثر من عشرين شهيدا، وأحدهم سقط برصاص الجنود في سجن النقب ضمن وقفة تحدي للإذلال!!! وامتد زمن المؤتمر عام ونصف، كما جاء سابق فإن أبحاث المؤتمر وانتخابات المندوبين لم ترق للقيادة حيث جهزت نفسها لمرحلة تتفق مع حزب اقرب للأرستقراطية الطبقية منه لحزب الطبقة العاملة الثوري، فقد التحق الآلاف بالحزب وأصبح الأكثر ثباتا في مواجهة الاحتلال وآلته الجهنمية، والذي برز في السجون قائدا هم الذين حصدوا أصوات الرفاق مرشحين للقيادة في المناطق والمؤتمر.
خرج المؤتمر الثاني واعتقد أنه مؤتمر خاص لا علاقة له بما قبله ليس لأنه حمل اسما جديدا ونهجا مخالفا لتاريخ الشيوعيين، بل لأنه انتقى مجموعة متوافقة على سمات مرحلية جديدة وبرنامج رفض تحديد عقيدة للحزب( الماركسية) وشمل مجموعات من خريجي الدول الاشتراكية، غالبيتهم ذهبوا للدراسة لاعتبارات جغرافية وعلاقات اجتماعية، وعدد قليل بينهم ذهبوا وهم رفاق؟! فانفض على اثر ذلك مناضلي الحزب أصحاب الانتفاضة وصناعها، فانخرط بعضهم في الأحزاب والقوى القائمة وبعضهم جمد نفسه معتكفا، وإن كانت مجموعة شكلت الحزب الشيوعي الفلسطيني ولا زالوا يعملون وإن كانوا قليلي العدد إلا أنهم من باب الوفاء استمروا في مسيرتهم، والبعض شكل التجمع الديمقراطي استمر لحوالي عامين ثم توقف، وبالخارج بقي الحزب الشيوعي الثوري ومركزه دمشق يقوده (عربي عواد ).
في مطلع التسعينات برزت ظاهرة المنظمات الغير حكومية ( N G O S ) فانتقل عدد من الرفاق المنخرطين في المنظمات الجماهيرية التي يقودها الحزب للانتقال بهذه المنظمات خاصة بعد أن اخذ ينعقد سنويا مؤتمرا في جنيف ( كان يحضر من تونس (جبريل الرجوب) مبعوثا عن فتح و ( م ت ف ) ليوزع أموالا ومياومات على الفلسطينيين، وبهذه الصيغة أصبح للانتفاضة دور إعلامي أكثر خاصة بعد ا لحوارات مع إسرائيل والمنظمة وعلى أعتاب مؤتمر مدريد.
جاء انعقاد مؤتمر مدريد بدعوة من جيمس بيكر متوافقا مع خروج العرب من الأندلس، وقد مضى تحديدا خمسمائة عاما على ذلك الخروج، وكأنه أراد القول إن فلسطينيين كالأندلس، وفي رأيي إن اختيار الموقع كان رسالة سياسية، لكن هنا بالداخل، أراد الجميع الذهاب لمدريد والجميع أصبح منذ اللحظة يبحث عن دور وأن له صفة تمثيلية، فقد انتهت الانتفاضة واقعيا ولم يعد هناك سرا لمن هو قائد فيها، فقط أصبحنا على أعتاب مرحلة العلنية وهنا كان مأزق،أما فيما يتعلق بالوفد الرسمي من الداخل، فكان أن لعبت الصدفة فيه فحينما جاء المذيع الشهير في C NN(تيد كبل) ليعلن مواجهة بين الفلسطينيين وإسرائيليين، طلب من المرحوم فيصل الحسيني من التنظيمات أن ترشح من يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ومن هنا جاء الوفد بقيادة المرحوم د. حيدر عبد الشافي والذين معه من الوطنيين المتمكنين من الإنجليزية، وفيما بعد أصبحت هذه المجموعة عنوانا للقاءات الموفدين الأجانب، وأخيرا ذهبت إلى مدريد ومن ثم إلى مفاوضات واشنطن التي تعثرت حيث كانت المفاوضات الخلفية تعد لاتفاقات أوسلو، وبالطبع كان للشيوعيين ممثلا في الوفد .
ولعل حادثة جرت معي حين تصادف وجودي في تونس أثناء انعقاد مؤتمر مدريد وقد كنت أتحدث مع الشهيد ياسر عرفات في مكتبه ، حين حضر أحد الحراس وقدم له هاتف نقال ليتحدث مع د. نبيل شعث من مدريد(وكانت حنان عشراوي ناطقة رسمية باسم الوفد قد عارضت تصريحات لفاروق الشرع رئيس الوفد السوري) فغضب أبو عمار وطلب من نبيل شعث أن يكلمها فقال لها : أنا بعرف إنه في حد ما ! يستمع إنما عايز أقول إن أنا الذي يقرر وإنكم وفد أرسلته ( م ت ف ) وتستطيع أن تغيره ثم انتقل إلى د. نبيل وقال له: خليها تصلح الوضع أنا لا أنوي الاشتباك ك مع سوريا، وأنت لازم تشرف على كل التفاصيل!!!( انتهى الاقتباس)
تلك المحادثة تثبت إن احد أسباب أوسلو كان إسراع القيادة الفلسطينية لإثبات حضورها وعدم إنجاح وفد الداخل حيث كان هناك هاجس قيام قيادة بالداخل. في هذا المناخ كان الشيوعيين يعلنون معارضة مدريد وتشكيله وقد حدد الأمين العام (بشير برغوثي) موعدا لمؤتمر صحفي في الفندق الوطني بالقدس، تم إلغائه قبل الموعد بساعتين، حيث اتصل به أبو عمار ورتب معه الأمور ِسواء من التمثيل إلى الأمور المالية، وهكذا حضر الشيوعيون مدريد!!!!!!!!
وهكذا انعقد مؤتمر الحزب ليحدث التغيرات الملائمة تحت ذرائع ضرورة الإسراع لمواكبة المتغيرات، وحضور مدريد، وبحضور مجموعة منتقاة من الرفاق، وإلغاء نتائج مؤتمرات المناطق بذريعة ضرورة الإسراع مع أن مؤتمرات المناطق منتهية منذ عام ونصف، وكان تحالفا متناسبا ما بين المتغير في طبيعة القيادة والقيادات الجديدة لما أصبح يدعى منظمات المجتمع المدني، وهو تعبير يقصد منها إلغاء شعار الطبقة العاملة والجماهير الشعبية، وبالطبع كان هذا بالضرورة متوافقا مع المرحلة التي دشنها اتفاق أوسلو.
إلا أن الحياة أثبتت أن لا يصح إلا الصحيح، فبعد هذه السنوات، انكشفت الطبيعة الانتهازية لهذا التحالف والتيار (الواقعي)!! بالحزب، وأغلبهم ترك الحزب وأقام لذاته إطارا ونشط سياسيا من خلاله، والبعض الآخر أغرته الوزارات والألقاب والمرافقين ، وهنا تنبه الكثيرون إلى أين المسير فبدا يظهر ذلك بالتحرك للعودة وتصويب الأمور بحيث اخذت تظهر في المؤتمرات اللاحقة تعديلات بالبرامج مستمرة على( كما أرجو ) التمسك بالصيغة الماركسية والحزب الثوري.
لعله من الواجب القول، إن من دفع بالتوجه السابق قد غادر الحزب، سواء بالتوافق، أو تقاعد أو وفاة أو بالخلافات، وهنا أعتقد أن الحالة الراهنة بالحزب وقد تخلص من المعوقات والحسابات الشخصية والخاصة إلى حد بعيد، فانه بدا وإن ببطء لكن التوجه يشير إلى تحرك نحو تصويب الأمور والعودة إلى قاعدته الفكرية والكفاحية، ولعله يستفيد من ما مضى من تجربة باعتبارها حالة لا يمكن تفسيرها خارج الماركسية التي هي المنهج الصائب والسليم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله