الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على -أنقاض الدولة الصهيونية-

يعقوب ابراهامي

2010 / 2 / 5
القضية الفلسطينية


سلامة كيلة لا يؤمن ب"حلول سحرية":
في " حوار مع يعقوب ابراهامي" (الحوار المتمدن - العدد: 2897 - 2010 / 1 / 23) يقول سلامة كيلة:
" وإذا كان يعقوب قد أشار إلى النازية كتبرير لاستيطان فلسطين، نجده –ربما لكي يهرب من "المنطق التوراتي" كونه يقول بأنه ماركسي- يعود إلى "منطق الماركسية" حيث يشير أنه "في مجرى التطور التاريخي تحولت هذه البلاد ("فلسطين" باللغة العربية، و"إيريص يسرائيل" باللغة العبرية الشقيقة) إلى وطن لشعبين: كابنين لأب واحد وأم واحدة"، ليصل إلى الحل السحري، "لا فلسطين على أنقاض "الدولة الصهيونية" (وهذا ما أشارت إليه ورقة موقع الأفق الاشتراكي)، ولا الدولة اليهودية على أنقاض فلسطين، بل "فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب".
" يعقوب يحاول أن يضيع المسألة لهذا نراه يتحدث عن "الانتعاش القومي للشعب اليهودي" ثم يتحدث عن "مجرى التطور التاريخي". لكنه بالأساس يدافع عن الصهيونية التي تأسست على أساس أن فلسطين هي "إيريص يسرائيل". ولهذا شكرناه كثيراً لتنازله عن بعض هذه الأرض للغرباء، رغم أنه يشير إلى أنهما "ابنين لأب"، ويقول بأنهما "أخوين شقيقين".
" الحق الأصلي هو للفلسطينيين ، وبالتالي فإن الحل الوحيد يجب أن يقوم على هذه الفكرة البديهية. . . إن الحل العادل يفرض العودة إلى الأصل (أي إلى فلسطين وليس إيريص يسرائيل). . . هذا هو المنطق الماركسي، وليس من منطق غيره سوى منطق القوة والسيطرة والاحتلال. ولهذا ليس من حل سوى على أنقاض الدولة الصهيونية وكل الأساطير التي قامت على أساسها."

يخطئ سلامة كيلة و يخطئ ممثلو اليسار العربي الموقعون على "النداء" إذا اعتقدوا أنهم "اصحاب الإمتياز" على نظرية " أنقاض الدولة الصهيونية".
بتاريخ 26.1.2010 صرح المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية، آية الله علي حامينئي، في لقاء مع الرئيس الموريتاني، بما يلي:
"إن اليوم آت لا محالة حيث ستشهد دول المنطقة انهيار النظام الصهيوني. أما إذا كان خراب إسرائيل سيحدث عاجلاً أم آجلاً فإن ذلك يعتمد على مواقف الدول الإسلامية." (يلاحظ القارئ النبيه إن آية الله لم يكتف بالدعوة إلى مشروع "الأنقاض" بل وضع له جدولاً زمنياً).
وفي حديث سابق أعلن هذا النصير الجديد-القديم لنظرية " أنقاض الدولة الصهيونية" إن "إسرائيل ورم سرطاني يجب محوه من الخارطة". (لم يعلن المرشد العام لكلية الطب الإسلامي الإيرانية عن الطريقة الإيرانية لمعالجة "السرطان" ولكن الإعدامات الأخيرة كشفت النقاب عن ذلك).

"هذه ليست جريمة، هذه أكثر من جريمة. إنها غلطة فظيعه" (موريس دي تاليران ( 1754-1838) وزير خارجية نابوليون الأول) :
اليسار الماركسي العربي في وضع يرثى له، ولكن اليسار العربي يخطئ إذا ظن إنه يستطيع منافسة اليمين العربي الشوفيني في المتاجرة ب"قضية فلسطين".
لا سلامة كيلة بل حزب الله هو المرشح الطبيعي لتنفيذ مشروع " أنقاض الدولة الصهيونية".
لا الدكتور عمار بكداش، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري، بل "إخوانه" من الحزب النازي هم الذين سيرفعون العلم على " أنقاض الدولة الصهيونية" .
على " أنقاض الدولة الصهيونية" سوف لا تقوم دولة فلسطين العلمانية الحضارية بل دولة "الفقيه" أوإمارة "الخلاقة الإسلامية" (حضري الحجاب يا أختنا رانيا حديد، "الحوار" 24.1.2010 ).
جحافل "المجاهدين" سوف لا تحمل صورة ماركس وجيغفارا بل صورة "السيد المعمم" ، وسوف لا تتأبط "البيان الشيوعي" بل "المصحف الشريف". وسوف لا تسير على أنغام "الإنترناسيونال" (نشيد الأممية) بل سترتل أبيات القصيدة: تل أبيب سوف تصلى باللهيب واليهود سوف يصبحوا الوقود
وعلى " أنقاض الدولة الصهيونية" سوف لا يرفع العلم الأحمر بل العلم الأخضر رمزاً لمصيرٍ أسود ينتظر العرب واليهود على السواء .

Don t be deadly right (لا تكن محقاً حتى الموت) :
الصراع اليهودي-العربي هو صراع بين شعبين على قطعة أرض واحدة، صراع بين حركتين قوميتين لكل منهما قصة تختلف عن قصة الطرف الثاني. والحل العادل لقضية شعبين شقيقين في وطن واحد يجب أن يأخذ بنظر الإعتبار كلتا القصتين وأن يلائم بين حقوق ومصالح كلا الشعبين. وهذا يعني إن كل طرف يجب أن يتنازل عن قسم من حقوقه للطرف الآخر.

من التلمود الأورشليمي: "إثنان يمسكان بقطعة قماش. هذا يقول كلها لي وذاك يقول كلها لي. ماذا يفعلان؟ يتقاسمان."
سلامة كيلة لا يؤمن بهذه الحكمة القديمة.
هو يقول: "إثنان يمسكان بقطعة قماش. هذا يقول كلها لي وذاك يقول كلها لي. ماذا يفعلان؟ يمسك الأخ بعنق أخيه حتى يموتان."
وهو يسمي هذا : الحل الماركسي الوحيد.

"فلسطين" باللغة العربية، و"إيريص يسرائيل" باللغة العبرية:
هناك كما قلنا "قصتان": "قصة" يهودية و"قصة" عربية. وكأصغر شوفيني وقومجي يهودي، الذي يتجاهل "القصة" العربية، ينكر كل حق للعرب في فلسطين ويقول: " كلها لي" ، يتجاهل سلامة كيلة "القصة" اليهودية، ينكر كل علاقة لليهود بفلسطين ويتساءل: " لماذا إذن فلسطين التي هي أرض بشعب وليس دون شعب?" (كنت أستطيع أن أجيبه ببساطة: لماذا فلسطين؟ لأن اليهود كانوا في فلسطين، وليس في هونولولو، عندما صلبوا المسيح. ولكن الكنيسة الكاثوليكية برأت اليهود من قتل المسيح).

لم أفهم بالضبط لماذا يسخر سلامة كيلة مني عندما أقول إن هذه البلاد ( التي تسمى "فلسطين" باللغة العربية و"إيريص يسرائيل" باللغة العبرية) قد تحولت في مجرى التطور التاريخي إلى وطن لشعبين: كابنين لأب واحد وأم واحدة. ولماذا يشكرني " لتنازله عن بعض هذه الأرض للغرباء"؟ متى وأين وجد سلامة كيلة إنني أصف عرب فلسطين بالغرباء؟ هو الذي يصف اليهود بالغرباء، وقديماً قال الشاعر: رمتني بدائها وانسلت.

أنت لا تستطيع أن ترغم المرء على أن يفهم إذا كان هو لا يريد ذلك أو لا يقدر على ذلك. ومع ذلك سأحاول مرة أخرى أن أشرح موقف اليسار الصهيوني: نحن لا نتنازل لعرب فلسطين أو نمن عليهم بالإحسان. هذه الأرض هي لهم مثلما هي لنا. نحن نطلب منهم أن يتنازلوا هم عن جزءٍ من حقوقهم، كما نطلب من إخواننا اليهود أن يتنازلوا عن جزءٍ من حقوقهم، من أجل المصالحة التاريخية الكبرى بين شعبينا.
قد يكون هذا "حلا سحرياً". وهو كذلك بالتأكيد في نظر سلامة كيلةً. ولكن كل "حل" آخر لم يجلب على شعبينا حتى الآن سوى الدمار والخراب.

شعب، قومية أم دين :
سلامة كيلة يقوم، إضافةً إلى وظائفه الأخرى، بأعمال "المفوض العام بإعطاء التصاريح بتأليف الشعوب". وله صلاحيات واسعة: هو الذي يقرر إن كانت هذه المجموعة من البشر أو تلك تستحق اسم "الشعب" أم لا.
لا "المجموعة البشرية" نفسها هي التي تقرر ذلك، بل "المفوض العام بإعطاء التصاريح" سلامة كيلة هو الذي يقرر لها ذلك.
يقول المفكر الماركسي سلامة كيلة: " هل اليهود قومية؟ أو شعب؟ اليهودية دين ولا تخرج عن كونها كذلك، وليس من الممكن تحويلها إلى غير ذلك (كتحويل المسيحية أو الإسلام إلى قومية)، وبالتالي ليست الصهيونية حركة انتعاش قومي بل حركة "تعصب ديني".
دائماً عجبت لأولئك الذين كانوا يستلون إثناء كل نقاش قائمة مؤلفة من خمسة أو ستة نقاط (لست أذكر) يجب أن تتوفر كاملة في كل من يريد أن يسمي نفسه "شعباً". ثم يشيرون إلى النقطة الثالثة أو الرابعة ويعلنون بلهجة المنتصر: بما أن هذه النقطة لا تتوفر في اليهود إذن فإنهم ليسوا شعباً. است أعرف من ألف هذه القائمة (أو بالأحرى أنا أعرف ذلك) ولكني لم أفهم أبداً لماذا يجب على إنسانٍ مفكرٍ عاقل أن يبني تفكيره وفقاً لها.
لماذا لا يمكن أن يكون اليهود قومية وشعب ودين في آن واحد؟
على أي أساس يجزم سلامة كيلة: " إن اليهودية دين ولا تخرج عن كونها كذلك، وليس من الممكن تحويلها إلى غير ذلك" ؟ لماذا يجبرني سلامة كيلة على ممارسة الطقوس والشعائر الدينية اليهودية في حين أنني علماني ملحد؟
على أي أساس يقول سلامة كيلة: " ليست الصهيونية حركة انتعاش قومي بل حركة "تعصب ديني" في حين إنها نشأت كحركة علمانية ورجال الدين اليهود هم الذين قاوموها في البداية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اليسار العربي التقليدي
احمد السلام ( 2010 / 2 / 5 - 22:00 )
أجل ، أيها الرفيق ابراهام ان اليسار العربي التقليدي هو ابعد ما يكون عن الماركسية والشيوعية بل يمكن وصفه بالجناج اليساري للقوميين العنصريين المعادين للشيوعية و كل القيم الانسانية.. الحل يكمن في تشكيلات يسارية ماركسيةأممية تؤمن بالتضامن الأممي العمالي و تتضامن مع عمال و كادحي اسرائيل في سبيل تحقيق الأهداف الاشتراكية و السلام وبناء أواصر الأخوة والمحبة بين العمال و الشيوعيين العرب و اليهود


2 - طاب فوك استاذاحمد السلام
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 2 / 6 - 16:02 )
الاخ الاستاذ احمد السلام اختصر بكلام عقلاني وجميل كل مايمكن ان يفكر به كل عاقل وشريف من اجل معنا الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي ولوضع حد ضحك الرجعيه البربريه العربيه على ذقون شعوبنا في اكثر من نصف القرن الماضي وحتى اليوم فشكرا للكاتب على عقلانيته وانسانيته وشكرا للمعلق الاول على حصافته واستنتاجاته والى امام لعلاقات انسانيه بين البشر وشكرا

اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد