الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضياع في كسب السلطة

تقي الوزان

2010 / 2 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



في زحمة التحضير للانتخابات البرلمانية القادمة , ينسى البعض من العراقيين حقيقة العلاقة التي تضع النظام السياسي الجديد وتطور العملية السياسية تحت هيمنة المؤثرات الأمريكية , وعبر طرق قانونية , كبقاء العراق تحت طائلة البند السابع , والذي يعني ان العراق لا يزال قاصرا , وتستوجب رعايته من قبل طرف آخر , وكذلك الاتفاقية الأمنية وملحقاتها . الا ان هذه الطرق القانونية يجري تناسيها , وبدلها , يزدحم المكان باللافتات الوطنية , والأصوات المبحوحة التي تستجدي صوت الناخب العراقي , بالطرق المشروعة وغير المشروعة . وأخرها في الجنوب , بدل البطانيات والمدفئات يأخذ التعهد من الناخب مقابل خمسين دولارا . ولا شك ان رفع الشعارات الوطنية , والادعاء بتحقيقها دون الأخذ بتوضيح حقيقة مؤثرات الصراع الدولي – وهو الأهم – على سير العملية السياسية , وبالذات صراع المشروعين الرئيسيين , مشروع الراعي الأمريكي والقومي الإيراني , يجعل من هذه الأحزاب غير صادقة بادعائها علاج الوضع العراقي . والمتابع يدرك وبسهولة , ان اغلب هذه الأحزاب ترتبط بأحد هذين المشروعين , وبغض النظر عن التفاوت في إظهار حجم هذا الارتباط .

الطباخ الأمريكي , اعتقد انه المتحكم الأساس في الطبخة العراقية , ما دام باستطاعته زيادة النار وإنقاصها تحت وعاء العملية السياسية التي جمع فيها كل الأحزاب . وفاته ان التاجر الإيراني الذي ورّد بعض المواد الأساسية للطبخة , كانت غير صالحة , وعصية على النضوج , ومثلما يقول العراقيون على بعض حبات الفاصوليا التي تأبى النضوج ( نغلة ), إضافة إلى تدخل التاجر الدائم وبدون علم الطباخ , كأن يوضع الملح بكميات كبيرة , او البهارات الحارة جدا , والهدف هوإفساد الطبخة , وإبقاء الطباخ في احتياج دائم لبعض المواد الأولية من التاجر . وفي نفس الوقت زاد الطباخ الأمريكي من الحرارة تحت الوعاء لغرض القضاء على الزنخة البعثية , بعد ان وجد اللحم البعثي ارخص من باقي اللحوم , واقنع الآخرين باقتطاع الجزء الملوث , والمسبب للسرطانات والموت الزؤام , عن طريق شعار عودة البعثيين غير الملوثة أياديهم بدم أبناء العراق .

كلا الطريقين سيفشلان مثلما فشلا في السنوات السابقة , وما دامت الأحزاب العراقية لاتخرج في اطر عملها عن حدود هذين المشروعين نتيجة تهالكها للحصول على اكبر قطعة من السلطة , واعتبار السلطة هي الهدف الأساس وليس طريقا لإعادة بناء العراق , فستبقى الجماهير العراقية ساحة لهذا الصراع . إن إعادة بناء العراق لا يعطى من أي طرف كان , بل ينتزع , وبالقوة , من هذه الأطراف . وليس مقصود القوة استعمال السلاح فقط , وعندها سنغسل أيدينا إلى ابد الدهر , بل في توحد العراقيين حول مشروعهم الوطني , والذي لا يزال في الأفق البعيد .

لقد حاولت بعض الأطراف التي توالي احد هذين المشروعين , الخروج على سياقات مصالح الطرفين . والحالة الأكثر وضوحا , هو محاولة حزب" الدعوة " برئاسة المالكي , الذي انسلخ عن المشروع الطائفي لقائمته القديمة , وتبنى المشروع الوطني كما يؤكد هو وحزبه , وذلك عن طريق قائمته الجديدة " دولة القانون " , والتبشير بإقرار حقوق المواطنة المتساوية للجميع , وهو من الأسباب الرئيسية لفوزه في انتخابات مجالس المحافظات . إلا أن الأشهر الأخيرة كشفت ان هذا التوجه لم يدعم بخطوات عملية , مثل تجميع القوى الوطنية الحقيقية التي يهمها هذا المشروع فعلا , والقيام بخطوات إجرائية حقيقية لدعم هذا المشروع , مثل ترسيخ الأمن , والاهتمام بالحالة المعيشية للطبقات المسحوقة ,وتحقيق حدود الممكن من الخدمات الاجتماعية , وغيرها العشرات من الخطوات التي تعبد الطريق للمشروع الوطني , وليس الركض وراء أساليب فاشلة تبحث عن الفوز في البرلمان بأية طريقة , مثل زوبعة الاجتثاث , وبغض النظر عن من يستحق الاجثاث او من لا يستحق .

ان الركض وراء الكسب الانتخابي ولد إحباطا مزدوجا , للجماهير التي انتخبته على أساس برنامج " دولة القانون " من جهة , ومن جهة أخرى لحزب " الدعوة " وحلفاء " دولة القانون " الذين كان اغلبهم يطمح بالحصول على قطعة بسيطة من السلطة . ونتيجة عدم الثقة في تبني مشروع " دولة القانون " , والاستمرار على ذات النهج القديم , جرد المالكي وحزبه من الدعم الشعبي الذي حصل عليه في انتخابات مجالس المحافظات , وفي نفس الوقت فقد الدعم من الائتلاف الطائفي الذي خرج منه . ويعتقد البعض , ان عودته للتحالف مع ائتلافه القديم , قبل الانتخابات او بعدها , ستكون أشبه بالانتحار السياسي له ولحزبه " الدعوة " في نظر الجماهير وحلفائه الجدد , وفي نفس الوقت سوف لن يتمكن من فرض صوته مثلما كان قبل الخروج منه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون