الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادب تفاعلي يستخدم تكنلوجيا الاتصالات الحديثة لكشف واقع اجتماعي مغلق ومعقد

محيي المسعودي

2010 / 2 / 5
الادب والفن


رواية "بنات الرياض" ... للسعودية رجاء الصانع
ادب تفاعلي يستخدم تكنلوجيا الاتصالات الحديثة لكشف واقع اجتماعي مغلق ومعقد
بابل - محيي المسعودي
اذا كانت رواية "بنات الرياض" للروائية السعودية, رجاء الصانع, والصادرة عن دار الساقي باربع طبعات, قد شاكست الواقع, والقت الضوء على جانب من حياة المجتمع السعودي المغلق والمعقد , وكشفت للعالم البعيد عنه , بعضا من خفاياه, بأسلوب أدبي, فان ذلك عمل جريء. واذا كان هذا الكشف إدانة قوية للتقاليد والعقائد الدينية والاجتماعية المتطرفة التي تحكم المجتمع السعودي رغما عنه, او بإرادته – احيانا - نتيجة ايمانه التقليدي بها, فان ذلك, هو الجرأة بعينها , وهو غاية كل مبدع وذي عقل منفتح . واذا كانت الرواية قد كشفت قسوة التقاليد وغلوّها الأعمى, وحطمت الشكل الايقوني للرجل السعودي في العاصمة الرياض, وكشفت ضعفه وهزله امام التقاليد, ونخر هذه التقاليد لعواطفه وثقافته وافكاره, واخرجت المرأة السعودية من "اللفّة" التي تحجب رؤية العالم لها, على حقيقتها, فان هذا هو الجهاد الأدبي والفكري والاخلاقي العملي, لا ذلك الجهاد الذي يقطع الرؤوس ويفجر الابرياء في الاسواق والشوارع والبيوت كالذي انتجته الثقافة الدينية السعودية خلال القرن المنصرم, ولمّا يزل , وهذا هو تماما ما يحسبه المعنيون بالأدب الروائي, والثقافة عامة, جرأة ونجاحا للكاتبة السعودية رجاء الصانع . واذا كان هذا, كل ما قدمته الصانع في روايتها "بنات الرياض" كما يعتقد البعض , فان الرواية هنا لا تعدو ان تكون سردا جريئا لحيوات بطلاتها الأربع " قمرة - سديم - ميشيل - لميس " ومن احبّنّ وتعلقنّ به وتعلق بهنّ وما جاورهنّ من الاحداث والاشخاص, في مجتمعهنّ , وتكون الرواية عندها ضمن النسق العادي للسرد الروائي لا أكثر . وهنا تجدر الاشارة الى ان الخصائص الفنية في الرواية بقيت غائبة عن الذين تحدثوا عنها , بسبب انشغالهم بجرأة الصانع وكسرها للمحظور وكشفها للمستور, وتداولها لواقع, محرّم الجميع كشفه, وهذا هو ما ادهش المعنيين بالادب وغيّب تناولهم الخصائص الإبداعية والخصائص الفنية للرواية, واعتقد هنا, ان هذه الخصائص "أي الإبداعية والفنية" هي الأهم, وهذ ما اريد الحديث عنه . ومن تلك الخصائص , ان الرواية ولدت من رحم احدى اهم قنوات الاتصال الجماهيري الحديثة "media mass communication" الا وهو – الانترنت – فاستعارت الروائية لعرض روايتها اسلوبا مختلفا تمثل في مفصلين الاول , انها وصلت للمتلقي من خلال الشبكة العنكبوتية - الانترنت – بطريقة الرسائل الالكترونية - الايميلات – والثاني ان المتلقي تلقاها على شكل حلقات, تماما كالمسلسل التلفزيوني . ولم تصدر بكتاب الا بعد نشرها بالطريقة المذكورة . ومن خصائص الرواية ان فيها من الأبطال نوعين : النوع الأول, هنّ, البنات الأربع وهذا النوع من البطولة هو احد اهم اركان الرواية التقليدية ولكن النوع الثاني والبطل الحقيقي كان الروائية نفسها, وهذه البطولة هي غير تقليدية وتأتي ضمن البطولة الحديثة في الكتابة والتي تعتمد السيرة موضوعا لها, ويكون الراوي فيها,عادة, هو البطل, وقد كانت الروائية بحياتها وافكارها وما حدث لها, محور الرواية وبطلتها بلا منافس . نلمس ذلك من خلال متابعة المتلقي لرسائلها الالكترونية ولظروف واحوال الكتابة والكاتبة وهي تدفع بنفسها الى نشر روايتها وسط ظروف صعبة وانتقادات قاسية وبحث مضنٍ عن المعلومة, اضافة لردودها على مكاتبيها الرافضين والمعجبين وهذا الجو هو جو الرواية الحي والحقيقي , بل والمباشر حينها - زمانا ومكانا - ومع كل تلك الصعوبات والعقبات . تستطيع الروائية "بطلة الرواية" ان تصمد وتواجه وتكمل روايتها بإصرار منقطع النظير , فتتفوق بعملها هذا, ليس على الروائيات الخليجيات وحسب بل, على الروائيات العربيات كافة . ذلك لان الظروف المحيطة بها اقسى واشد واخطر بكثير من تلك الظروف التي تحيط بروائية "مثلا" من الكويت او البحرين او مصر او العراق او لبنان او غيرها من البلدان العربية . وهي بهذا تكون قريبة من الجيل الأول من الروائيات الانكليزيات وخاصة " بنات برونتي" اميل - شارلوت - وليس الروائية الفرنسية " فرانسو ساغان " صاحبة رواية - صباح الخير أيها الحزن - لأن الأخيرة في مجتمع منفتح ومتحضر وصاحب تاريخ عريق في الأدب والفن وحقوق الإنسان ..........
صحيح ان الرواية تبدوا عادية, بقوة تأثير احداثها وشخوصها على القارئ العربي عامة والسعودي خاصة , ذلك لان هذه المجتمعات تعيش ما تقوله الروائية يوميا فلا يلمس القارئ العربي الغرابة التي تدهشه ويبحث عنها في روايات وقصص جاك لندن واجاثا كريستي ودستيوفسكي وسواهم من كتاب الإثارة والغرابة . ولكن القارئ السعودي بالمقابل يستهجن الرواية ويرفضها, لأنها تخرج عن ثقافته وتقاليده وتمس تعصبه الأعمى للتقاليد الخاطئة الموروثة التي يرى فيها شرفا له وقيما أخلاقية تخصه, وان الحديث عنها وانتقادها يجرح ذاته المتليّفة على هضم حقوق الإنسان وخاصة حق المرأة بالحياة والحرية والاختيار . وصحيح ايضا ان القارئ الغربي لا يجد جديدا في اسلوب الكتابة وسرد الاحداث ولكنه يندهش ويتأثر بالواقع والوقائع التي تسردها الكاتبة لأن هذا الواقع وهذه الوقائع عادة ما ينظر اليها الغربي على أنها غير موجودة في عالمنا المعاصر وتأتي عادة من مجتمع بدائي وغير عادل, وليس من مجتمع يعيش في القرن الواحد والعشرين, ويمتلك اكبر احتياطي للطاقة في العالم . كل هذا صحيح ولكن تبقى الرواية محكومة بمقاييس النقد الأدبي وسلمه المعروف, المتمثل بالحبكة والزمان والمكان والعقدة والحل , كل هذه العناصر توفرت في الرواية . ولكن, الزمان كان زمانين, وبشكل عمودي وافقي. زمان وقوع احداث أبطال الرواية وزمان كتابة الرواية وبطلتها الكاتبة كما اوضحنا سابقا . والمكان كان مكانين ايضا الأول هي الأماكن التي وقعت فيها الأحداث التقليدية للرواية والمكان الثاني كان الأثير "الانترنت" الذي تحدثت منه بطلة الرواية, الكاتبة رجاء الصانع . الحبكة كانت حبكتين ايضا, وكالعادة الحبكة التقليدية ثم الاستثنائية, والأخيرة هي حكاية الروائية عن نفسها . والعقدة ايضا, كانت كذلك, عقدتين, الأولى حال بنات الرياض والثانية حال الكاتبة نفسها . اما الحلّ, فهذا ما لا تستطيع الكاتبة ادراكه والوصول اليه لأنه ليس متعلقا فيها وحسب, ما دامت تكتب واقعا معاصرا لم ينته بعد ولا تملك ان تنهيه حسب رؤيتها . وهناك خاصية فنية اخرى تفردت بها الرواية ، عادة لا تستطيع الآداب ولا حتى الإعلام بلوغها "ما عدى الصحافة الالكترونية" . وهذه الخاصية هي رجع الصدى في الاعلام او ما يُسمى بالأدب التفاعلي . في الاآداب, فاذا لا حظنا ان كتابة الرواية جاءت على شكل حلقات ومن خلال الانترنت وان الروائية كانت تتلقى الردود, ندرك انها كانت تتأثر بالردود – رجع الصدى – وهنا تكون الرواية قد حققت ما لم تحققه رواية قبلها من استيعاب آراء القراء وافكارهم وانتقاداتهم ومديحهم وتصحيح بطلات الرواية للروائية لما قد تقع فيه من اخطاء اثناء السرد لحيواتهن . وهذا لعمري هو الأدب التفاعلي بعينه . وبهذه الرواية تلتحق الكاتبة رجاء عبد الله الصانع بمواطناتها, مثل, الروائية زينب حفني وسميرة خاشقجي، ورجاء عالم، وأمل شطا، وصفية عنبر.وبالروائيات الخليجيات الأخريات مثل ليلى العثمان من الكويت ودلال خليفة من قطر وفوزية رشيد من البحرين . وإذا عدنا إلى الستينيات حتى الثمانينيات نجد الصانع تلتحق بأسماء معروفة في عالم الأدب والرواية الخليجية ، فهناك سميرة خاشقجي، وهدى الرشيد، وهند باغفار، ورجاء عالم، ونورة الغامدي، ومها الفيصل، وندى أبو علي، وغيرهن الكثيرات . ولكن رجاء الصانع تظل صاحبة الخطوة الأجرأ في الرواية السعودية والخليجية , لا مقايسة بمن سبقنها من الروائيات بل بمجايلاتها اللواتي حاولن الكتابة على هدي روايتها "بنات الرياض" ولكنهن لم يبلغن من الشهرة والتأثير في المجتمع ما بلغته الصانع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إذا ذكر العود ذكر نصير شمة من عظمته وفنه الفريد من نوعه


.. خيارات صباح العربية للمشاهدة هذا الأسبوع في السينما والمنصات




.. الفنان ناصر نايف يتحدث عن جديده مع الملحن ياسر بوعلي وموعد ط


.. -أنا محظوظ-.. الفنان ناصر نايف يتحدث عن علاقته بالملحن ياسر




.. من عالم الشهرة إلى عالم الإنتاج السينمائي.. صباح العربية يلت