الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون غرباء في الداخل و الخارج

نزار بيرو

2010 / 2 / 6
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة



في فترة حكم النظام السابق و الحروب التي خاضه ذلك النظام، كان الكوردي و العربي و المسيحي و الأزيدي و السني والشيعي و غيرهم من الطوائف في العراق، يعانون من ظلم النظام، و من تهورات قائد العراق، ومعاركه المتتالية، والتي جلبت الدمار والخراب والجوع، وأبادت جيلاً كاملاً، بين من سقطوا في جبهات القتال، ومن بقوا ، أصبحُ عاجزين يتضورون من النتائج، وآثار محو مرحلة زمنية طويلة من حياتهم، تعتبر من أهم وانضج سنوات العمر. في المغترب، شاءت الصدفة، أن التقي بشخص عراقي مسيحي من حملة شهادة الماجستير في الكهرباء، وكان قبل أن يترك العراق، يُحَضِرُ لتقديم أطروحة الدكتوراء، في جامعة مدينته التي ترعرع فيها وعَرفَ أزقتها وأهلها، يشاركهم أحزانهم وأفراحهم، وكان شاهداً على كوارث بلاده، والحروب التي جلبت الُمرَ و الجوع و الحرمان أيام الحصار الاقتصادي. إلا أن ضاقت بهم الآمر. و خوفاً من القتل، و رسائل التهديد، أن يترك هو و زوجته وطفليهما العراق، إلى إحدى دول الجوار مستغيثين إحدى الكنائس فيها، لتوفر لهم ما يسد رمقهم، وهم ينتظرون الحصول على اللجوء في إحدى دول العالم . أما صدفة لقاءي به، فكان من خلال مكان عملي في إحدى الشركات السويدية المتخصصة في صناعة الطاقة الكهربائية. يومها قال لي رئيس المهندسين في الشركة، انه في اليوم التالي، سيكون بيننا زائر يتكلم نفس لغتك، وهو من بلدك الذي جئت منه. في اليوم التالي، عرفت الضيف على أقسام الشركة وعندما غادر، قال لي رئيسي اعذرني أن أسألك هذا السؤال، هذا إذا أنت أردت أن تجاوبني، وهو أن تفصح لي عن معتقدك! ( لأنه في السويد لا احد يسأل عن بلدك و لا معتقدك, الكل سواسية و القانون هو الحَكَمْ ) فقلت له، أنا مسلم ! فسألني، الم تكن لك من قبل معرفة بالضيف، وخاصة انه وعائلته يعيشون في بلدتنا الصغيرة ؟ فقلت له لا. فقال لي، تَعَرفْ عليه ، انه إنسان جيد. وكنت قد سمعت إن مجموعة من العوائل العراقية، من هؤلاء الذين التجأ إلى دول الجوار العراقي، في الأحداث الأخيرة في العراق قد استضافتهم السويد في بلدتنا الصغيرة . ولكنني كنت حائراً، و أسأل نفسي، ما علاقة الضيف بمعتقدي؟ وما سبب اهتمام رئيسي بالضيف؟ ولماذا طلب مني أن أتَعَرفَ عليه ؟ كل ذلك دفعني استفسر عنه, أو حتى أن أتَعَرفَ عليه.أو استفسر عن أهل بلدي الذين حلُ ببلدتنا الصغيرة.( ظل جرس الهاتف يرن في الطرف الأخر, انقطع الجرس، سمعت صوتاً يقول، سمير ، مرحبى أستاذ سمير، أهلاً و مرحبى منو ؟) . كان هذا بداية حديثي مع الأستاذ سمير. بعد التعارف، والحديث عن ما مر به العراق. وما آلت إليه الأمور. وجدته شخصاً مثقفاً و ذو علم و خبرة، فاستفسرت عن سبب تركه للعراق، والعراق بأمس الحاجة إليه، ومن أمثاله، ليبنوا ما دُمِرَ خلال أكثر من نصف قرن، ومعللا له، قبل أن يسألني هو، نفس السؤال ( كوني تركت العراق في وقت كان العراق يأن من نظام صدام ، أما هو فترك العراق بعد رحيل صدام بثلاث سنوات). فقال لي ( أنا ليس لي وطن ، أنا ابحث لي عن وطن! ). فقلت له، أنا اعرف أسباب تركنا للوطن، وان نصبح لاجئين. ولكن ما لا افهمه كيف نكون بلا وطن و كل مواطن لا بد أن يكون له وطن. و أيمكنني أن أسألك ما هو الوطن ؟ و ألم تسمع ما قاله الشاعر محمود درويش عن الوطن ،( هو البيت، وشجرة التوت، و قن الدجاج ، و قفير النحل، و رائحة الخبز، والسماء الأولى )، فجاوبني صاحبي، إني أفهم ما تقصده من سؤالك هذا. دعني أجاوبك بنفس صيغة سؤالك، و هو أن تسمع ما قاله زميل آخر لشاعرك، ( سَعدْ أبني كُبَر، وبصَف الأول صارْ، وأنْطو أول دَرسْ دورْ و دار، َردُ سألني الطفلْ، أشتعني بابا، الدارْ؟ كِلِتلة الوطن يَعْني الدارْ، و الدورْ يَعْني الجارْ، كاللي غُرفتنا بابا، الوَطن؟ كِلِتلة إي بابا، غُرفتنا وَطنْ، لكن وَطَنْ بالإيجارْ ..... إنْ لَمْ يَعِشْ حراً بِمَوطِنهِ الفتى، فسَم ِ الفتى ميتاً و مَوطُنهُ قَبرْ)!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ها قد نكأت كل الجروح
د. رياض الأسدي ( 2010 / 2 / 6 - 04:26 )
ماذا يمكننا أن نعلق يا صديقي... أصبت كبد الحقيقة

اخر الافلام

.. حزب الله يوسع استهدافاته.. وإسرائيل تؤكد حتمية الحرب مع لبنا


.. أوامر إسرائيلية جديدة بعمليات إخلاء إضافية لمناطق في شرق رفح




.. الفاشر.. هل سيكون بداية نهاية حرب الجنرالين؟ | #التاسعة


.. للمرة الأولى منذ عقدين.. عاصفة شمسية تضرب الأرض |#غرفة_الأخ




.. كأس الاتحاد الإفريقي.. نهضة بركان يستضيف الزمالك في ذهاب الن