الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عار البعث في 8 شباط 1963

زهدي الداوودي

2010 / 2 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حين تعود بي الذاكرة إلى أيام الانقلاب الفاشي الأسود، أحس بقشعريرة برد طاغية، تقتحم جسدي من قمة رأسي إلى أخمص قدمي. أحس بذلك الشعور سواء في زمهرير الشتاء أم في قيظ الصيف. كنت فيما مضى، أعتقد أن سبب ذلك يعود إلى موجة البرد الشديدة التي رافقت تلك الأيام العصيبة. وظلت قيادة البعث تتغنى بهذا الانقلاب الدموي على مدى أربعة عقود من الزمن كعروس الثورات التي جلبتها الإدارة الأمريكية بقطار خاص وذلك بعد أن أزالت بكارتها مقدما كعربون لإخلاصها للمصالح الأمريكية في المنطقة. وتبين لي في ما بعد أن سبب القشعريرة لم يكن موجة البرد العاتية، بل شيء آخر.
كان الكثير من أبناء الشعب العراقي يعتقد أن هذه "العروس" ستعيش إلى الأبد، بيد أن المرحومة والدتي كانت لها فلسفتها الخاصة التي كنت لا أعرف من أين تستمدها. كانت تقول لي بعد كل صلاة:
"أطمئن يا ولدي، إن صبر الله الصغير عبارة عن أربعين عاما"
وأقول بغضب مصطنع:
"والكبير؟ عبارة عن ألف عام، أليس كذلك؟"
عند ذلك كانت القشعريرة تزول من جسدي وأستمد العزيمة من أمي التي كانت تستمد عزيمتها من قوة أكبر. وهي تعلق بين حين وآخر ولا سيما عندما كان الحديث يدور حول مصير الطاغية:
"لا يتغلب على ظالم تجاوز حده، إلا مَن لا إيمان له".
المسافة بين أربعة عقود وألف عام كما نرى كبيرة جدا، تكفي أن تبعث اليأس في نفس الإنسان مهما كان حليماً.

وهكذا اعتقد صدام أن سلالته ستحكم على الأقل ألف عام. بيد أن الله فكر هو الآخر بمصير هذا الشعب المسكين الذي كان يعاني الأمرين على يد الطاغية وحاشيته. ورأى أن العقود الأربعة قد انصرمت، فلا بد من عمل شيء، وأن "العروس" المغتصبة التي جاءت بقطار أمريكي خاص، يجب أن تعود بحمالة أمريكية أيضاً. وكان ما كان.
يؤسفني أن والدتي لم تعش نبوءتها. لقد فارقت الحياة قبل سقوط النظام الفاشي بعام. وكثيرون هم الذين فارقوا الحياة في السجون والمنافي والمقابر الجماعية وتحت وابل الأسلحة الكيمياوية، دون أن يعيشوا عملية سقوط الدكتاتور الذي لاذ بالفرار، تاركا جيشه الجرار في مهب الريح.
يا ترى، أهي مفخرة أم عار للقائمين بهذا الانقلاب الذي يعتبر وصمة عار في جبين تاريخ العراق المعاصر؟ إنهم لم يكتفوا بالتمجيد الأجوف لهذه الصفحة السوداء، بل أضافوا لها في تموز 1968 صفحة أخرى من الذل والهوان، وكأنهم لا وظيفة لهم سوى تخريب العراق وتدميره وتشويهه وتمزيق صفوفه.

إن العراق، بكل أطيافه لا يعطي الضوء الأخضر لقيادات البعث الفاشية للوثوب إلى السلطة من خلال حصان طروادة. إن ذلك يعني العودة إلى الاستبداد و الفاشية. المطلوب من البعث، سواء من قياداته الفاشية أو غير الفاشية، أم من كوادره وقواعده الغير متورطة بالجرائم، تقديم اعتذار شامل لما بدر منهم من الجرائم بحق الشعب وتخريب الوطن وإدانة أساليب الإرهاب والانقلاب. وفي كل الأحوال لا يجوز أخذ البعثي البريء بجريرة البعثيين المجرمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم ولا ولن
المنسي القانع ( 2010 / 2 / 7 - 07:54 )
لا يوجد بعثي برئ ------------------------- لا يوجد


2 - عار البعث في شباط 1963
سلمى موسى ( 2010 / 2 / 7 - 13:10 )
عار البعث في شباط1963

لازالت اصوات رنه جرس الباب المستمره في منتصف الليل تجعل اجسادنا ترتجف خوفا

ورعبا من دخول الحرس القومي للتفتيش العشواءي في المنازل التي كل رجالها
موجودين في مراكز الحرس القومي والذي كان يتلذذ ويتفنن في طرق التعذيب حينها.

لم تكن هذه التسميات الصداميه وغير الصداميه والبعث الجيد والبعث المجرم هل بدأنا بغسل ادمغه هذا الشعب المنكوب ، ماذا سوف ترد ياعزيزي ز هدي لأم رموا ابنها في احواض التيزاب ،
بماذا سوف ترد على العائله التي اخذوا رب العائله ليلا للتحقيق ولم يعد
ليومنا هذا لا اريد ان استرسل في التعداد ولكن دعونا نكن منصفين ،ونطالب بحق

الذين فقدناهم ولا زالت ارواحهم تطلب العدل والانصاف .. الشئ الذي يدهشني هو
التبرعات الأدبيه المجانية في الدفاع عن البعث ، والتي تقودنا الى تناسي ذكرى وحقوق الضحايا.



3 - قطار امريكي بعثي وقطار امريكي معمم!
علي النقاش ( 2010 / 2 / 7 - 17:13 )
العجيب إن البعض يرى الحقيقة دائما في ما يقوله إما ما يؤمن به الاخرين فهو عقائد باطله لا يستحق من يعتنقها الحياة والاجتثاث اولى بها لخروجه عن مساره المقدس الذي اختطه للبشريه كالديك الذي يعتقد ان الشمس لن تشرق الا بعد صياحه والكون لا يدور الا في فلكه !ومع كل الاحترام للسيد الكاتب ووالدته رحمها الله واستجابة الله لما دعته في صلاتها فحقق الاله الامريكي توقعاتها اذ بعد اربعون عاما ياتي لينفذ هذا الاله (الامريكي ) ارادته المقدسه فيصب غضبه على البعثيين , واعتقد لانهم تركوا الصلاة !! فيوقف قطارهم الذي جاء بهم كما يدعي البعض !هذا الاله المزاجي ويستعيض عنهم بقطار اخر يحمل هذه المره مجموعه من المؤمنين المعممين لتعتلي السلطه بارادته المقدسه ايضا !! فهل هنالك اكثر تجديفا من الايمان بانها اراده الله !! اي الاه حقيير هذا ؟! انه معبود هذا الزمن من أشياع ولاية الفقيه .عجبا لهكذا الاله الذي لا شغل له إلا تسيير القطارات يسير القاطرات في محطات المسافرين ! واخيرا لم يقدم البعثيين الاعتذار ولم يقدمون اعتذارهم هل يعتذروا لمن خان بلدهم وكان راس الحربه في كل مصائبه واحتلاله هزلت حتى بان..! ولا اكمل.

اخر الافلام

.. مقارنة بين أقوى مواقع الذكاء الاصطناعي ChatGPT vs Gemini - س


.. فرنسا: سيوتي يتمسك بمنصبه كرئيس لحزب الجمهوريين رغم قرار طرد




.. وزير الدفاع الأميركي: الحرب في أوكرانيا وحّدت العالم ضد روسي


.. إسرائيل تحشد دبابات وتتقدم في رفح.. وسط معارك ضارية وقصف جوي




.. عبر الخريطة التفاعلية.. حزب الله يعلن استهداف الاحتلال في مو