الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة (الثوب الجديد)

باسم عبد العباس الجنابي

2010 / 2 / 7
الادب والفن



قصة قصيرة

منير الوافد الجديد لقرية (أم بردية الغربية) حيث مولده ومرتع طفولته،شاب حالم،انهى دراسته الجامعية للتو في العاصمة بغداد،وجهه ضاحك مليح لسانه كأنه الشهد،قامة فارعة،شمس أشرقت في عالم غاف نائم منذ عشرات السنين على شطآن الفرات وسط العراق.
ها هو يصعد مركب (وهاب) ليعبر للضفة الأخرى،حيث شريعة جده ،لاحظ عدة نخلات ساقطة في النهر،وطئت قدماه أرض القرية ،ترك وراءه الشاطىء وكلابا تعوي ،لكن رائحة عنبر المشخاب الزكية انعشت آماله،مشى بخطوات واثقة قوية،تجمع حوله صبية يتدافعون فيما بينهم وكأنما يحفرون صورته ،فأهل القرى معتادون على نشر أخبار زوارهم لاسيما الجدد منهم وبخيالهم الخصب ينسجون حكايات عنهم معظمها صحيح ،كانت له نخلة صغيرة أمام المضيف مسجلة بإسمه،نمت وأثمرت إمتد بصره رأى عددا من النخيل آيل للفناء ،قبل نخلته ،تسلقها ليقفز طائرا في الهواء،دخل منتشيا مضيف جده نهض الحضور لإستقباله حياهم باسما وحسب العرف الجاري سلم من اليمين مصافحا بيمناه الأيادي المرحبة وممسكا سواعدهم بيسراه،ما أن وصل عند الحاج مطرود حتى ندت منه صرخة باغت بها بل أفزع الضيوف وقال:آه يا جدي الحبيب أكاد أذوب شوقا لرؤيتكم وسماع حديثكم فأنت ما تزال في ريعان الصبا وتستحق أن يهديك أحد الحاضرين الزوجة الرابعة عشرة ،أجفل الفلاحون وأنتشى جده التسعيني لاحت لحظات السعادة الحقيقية تعانقا(بث عاطفي حار صادق)،فسمو الإحساس بالحب تتجلى فيه العلاقة الإنسانية وانها حكمة الحياة.إستأذن الشيخ وتابع مصافحة البقية،وعاد يجالسه،لم ينقطع عن الحركة،فتارة يقبله وأخرى يخبره شوق وسلام أبيه وعائلته، ما يزال الصبية يحصون سكناته وينقلونها بالتفاصيل لأهاليهم،فقد أصبح الوافد الجديد حدث وحديث أهل القرية وبات معروفا،مشهوراقبل أن يراهم. إستأذن منير جده قائلا:
لم أعد أطيق صبرا أحن لرؤية جدتي ،أذن له قائلا:تذكر أني بانتظارك فالطعام سيجهز بعد قليل،شاهد الخراف تنحر قرب نخلته ،التي رمقها بنظرة أمل وانجرح لرؤية الدماء،وتساءل مع نفسه متى تتغير هذه العادات والتقاليد؟ لم يكن يمشي ولا حتى يركض ،كان يطير شوقا وحبا لمربيته وجدته،لم يكن ينزله الأرض إلا جمهرة الصبيان الذين سدوا طريقه،فأضطر لإزاحة بعضهم ومداعبة آخرين وقبل معظمهم.لم يكف عن توزيع ابتساماته،فقد كانت البلسم والدواءالشافي لحسن استقباله،لكنهم ما يزالون يهرولون عندما دخل الدار شاهد جمعا غفيرا من الأطفال والفتيات والنسوة،أثوابهن زاهية براقة وجوههن منشرحة ،تتوسطهن عروس القرية،وسيدة نسائها،أنى له كتم مشاعر تفيض متدفقة ،تستقبله لؤلؤة الحب والعطاء،عينان دامعتان فرحا،هياج نفسي حاد،قلوب مفعمة سعيدة صافية،اشتبكا في عناق سرمدي ملتهب واع،منظر إنساني خلاب شفاف،كانا يرقصان على أنغام شجية،وانفاسهما تكاد تتقطع،مشهد صدق المشاعر وغزارتها،مشهد لا ينسى،دمعت عيون الحاضرات،كانا أوتارا طروبة ،روحا مشبعة عطرة إمتزجت،وانسابت في أفئدة الموجودات حتى الطيور المتفرجة طربت زقزقت،جلسا كانت في منتهى السعادة والفرح،أشبعها بل التهمها قبلا،همس بأذنها هزت رأسها المدور رافضة،ألح،فأصرت قائلة:لا .. ولا ..وألف لا،نهض موهما إياها بأنه قد زعل قائلا: ما هذا يا جدتي؟ هيا أريني الوشم على بطنك وساقيك ،فقد رأيتهما صغيرا واود ذلك الان!!يتدلل ممثلا بارعا أسعفته حركاته،كان يعرف طيبتهاوسجاياها،فأنطلت عليها لعبته.فقالت له: إختر أية فتاة وستريك وشمها! الفتيات بدون خجلاوات لم يصدقن اقتراحها لحفيدها الجذاب،وقبل أن يتمسكن بثيابهن،أسرع جاذبا عمته (جميلة)،التي يعرفها وتصغره بست سنوات،أمسك بثوبها ،اعترضت طريقه إحدى زوجات جده،لكنه لم يدعها تنطق،وقال يخاطب الجميع:عمتى أحلى الموجودات،واخرج انبوبة عطر ونثره عليها وعلى جدته،فاح شذى الرازقي،توردت وجنتا العمة الصغيرة والجدة الشيخة،ابتهجت وأطمأنت زوجة الجد،قال لجدته:كنت أمزح يا حبيبتي،ومع ذلك قفز وفي لمح البصر أمسك بثوبها قائلا:هيا إنزعيه! لم تعدتطيق صبرا بأفعاله،فقد تمادى كثيرا،أدرك ما يجول بخاطرها،وبدلا رفعه ،فتح حقيبته ،وأخرج منها ثوبا جديدا!من خياطة أخته وأخبرها أنه هدية من والدته لها،ناولها إياه ما يزال ممسكا بالأنبوبة،يقفز متراقصا ضاحكا ينثر العطر على الفتياة فيزداد الجو متعة وسرورا،انهى حفلة لقاء محبوبته بتفوق،وعاد ليجلس بحنكة عنفوان شبابه قرب جدته الحاجة،وقال لها: خذي أذني إقرصيها كما يفعل حبيبك أبي حينما أكون وقحا.تهالكت من الضحك وبعدما تمالكت نفسها قبلته شاكرة قائلة أمام الجميع :الآن سانزع ثوبي!! سادت لحظات ترقب،إندهش الحضور،فلم يصدقوا أن تفعل،نهضت ودخلت غرفتها،فظهرت رافعة القديم،مرتدية ثوبها الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة