الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكي لا ننسى ... سبعة وأربعون عاماً على مجزرة شباط الأسود

نسرين وصفي طاهر

2010 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


في مثل هذه الأيام من كل سنة، ومنذ سبعة وأربعين عاماً حتى الآن، تتحفز ذاكرة الوطنيين العراقيين بكل حدة وتيقـّـظ، لتعيد إلى الأذهان والعقول، فضلاً عن القلوب، فواجع الثامن من شباط 1963، ومآسيه التي أطلقت العنان، وإلى اليوم، عواصف الدم والحقد والعنف في البلاد، فكراً وأسلوباً وممارسة، على أيدي الجلادين والدكتاتوريين وأنصارهم وأعوانهم القدامى، والجدد.
وبعيداً عن العواطف، والتفاصيل، ولكي لا ننكأ المزيد من الجراح والآلام التي يعيشها شعبنا، المتطلع إلى الشمس والتقدم، بعد عقود الظلام واليأس والقمع والتنكيل، أقول : ان استذكار فواجع تلك المجزرة يجب ان يدفع التواقين حقاً لعراق جديد، الى توثيق ردّة شباط، أم الجرائم ، وقائع ودوافع وتداعيات، وتحديد المسؤولية المباشرة عنها، لا بهدف الانتقام والثأر من قتلة ثورة تموز وأبطالها، ولا حتى لمقاضاة المدبرين الرئيسيين، وعتاة العنف والارهاب، وفقاً للقانون لا غير... ولكن من اجل ان يمنع الفاشيون من العودة مجدداً لاشاعة الموت وتدمير الحياة، وان تبزوا بأردية أخرى، مهلهلة لا تستر الحقيقة بأية حال... وبحسب أحد الفلاسفة الأحرار: ان من لم يتعظ من الأمس، فسيبقى بليداً مهما كان ذا ذكاء...
أقول ذلك، وأمام الجميع مجادلات هنا، واخرى هناك، باستحياء مرة، ووقاحة مرات، تريد ان تجمل ذوي العاهات والقبائح، وتحت لافتات الوحدة الوطنية، والتسامح والمصالحة، وما إلى ذلك من عناوين حق يراد بها باطل... وقد راحت ترددها حتى ثلة من رفاق وأصدقاء شهداء انقلاب الثامن من شباط الغادر المرير... وان كان الحديث يدور في الخفاء، وفي العلن أحياناً، عن امكانية اعطاء فرص جديدة للمجرمين، فلعل أولئك المتحدثين بدون تخويل أحد، يحاولون ان ينسوا، او يتناسوا، كم من الفرص قد أعطيت فعلاً، فكانت الحصيلة انهار دم أخرى تارة، ومقابر جماعية حيناً، وقصفاً كيميائياً بينهما... ويطول العدّ والتعداد.
نقول نعم للتسامح، ولنسيان الماضي (أو السعي لتناسيه بتعبير أدق) ولكن مع من يجب التسامح؟ وأين هم الذين يستحقون مثل تلك الحالة الانسانية الرائعة؟ ... ثم لماذا ننسى، فنصفح، ونصافح؟ أمن أجل توفير دروب اضافية للغدر، والغادرين، وتمكينهم من العودة الى ممارسة فكرهم، وسياساتهم، وشعائرهم التي تعودوا وتربوا، بل وجبلوا عليها، طينة ودماً وفكراً...
نتسامح نعم، ولكن فليلوح المعنيون أولاً ببادرة أسف، أو خجل، على الأقل، ولا نقول المزيد... إذ اننا، وخلاف ذلك، نرى ونسمع بين وقت وآخر، استمرار صلافة وحقد الورثة الشرعيين لأرباب وفرسان شباط الأسود، بإصرار وتجاوز سافرين، متحدين المشاعر والأحاسيس الانسانية لضحايا عهودهم المشؤومة التي ابتدأت منذ انقلابهم الفاشي عام 1963 ثم تواصلت وتبشعت يوماً تلو آخر، وطوال أربعة عقود... بل راح عديد من أولئك الجلادين يفكر في "العودة"، عبر حزب بتلك التسمية، الى سلطة القتل والحروب والدمار...
وان كان ديدن أولئك الذي نعنيهم، معروفاً، وطبيعياً، تأتي المأساة الأكبر حين يجدون أصداء (أو تأييداً بهذا الشكل أو ذاك) لدى ثلة مناضلين سابقين عانوا أنفسهم من ارهاب أهل الثامن من شباط، وورثتهم. وإذا ما كان أولئك "الرفاق والأصدقاء القدامى"، أو بعضهم، قد سلم صدفة، أو شطارة من الموت أو السجن والتنكيل، فقد راح ضحية تلك الجرائم أحباء وذو قربى، وأقران لنا، ولهم، لا نعرف كيف يُنسون أو يركنون للتاريخ، بحسب اجتهادات فردية تقيّم الأمور وفقاً لأهواء ونزوات واجتهادات ذاتية ليس إلا...
وإضافة لكل ما سبق التطرق إليه، وبعيداً عن القانون والعدالة وسواهما كثير، دعونا نسمع ونرى بالمقابل، وقفة تقدير أو انحناءة عرفان، أو قولة وفاء على أوسط الايمان، لشهداء الشعب والحرية، ثم لتعلو بعدها "دعوات" التسامح و"صلوات" المصالحة و"بخور" التبريك، للذباحين والقتلة الذين ما برحوا حتى الأمس القريب يواصلون نهجهم في الارهاب والإيغال بدماء الشعب... ان ما ندعو إليه ليس اكتشافاً خارقاً، بل هكذا يقول المنطق الانساني الذي تعلمه تجارب الشعوب المناضلة...
وأخيراً ... فما أحوج الدعوة، وبكل حماسة واخلاص، لجميع الذين عاشوا مآسي شباط الأسود، وعانوا منها أو تابعوها، أن يوثقوا للتاريخ وللأجيال القادمة شهاداتهم، فقد حان الوقت، وربما منذ زمن طويل، لكي يكتب المؤرخون الموضوعيون عن هذه الحقبة بكل ما فيها، وعليها، بهدف التوثيق أولاً، ثم لدحض اولئك "المؤرخين" الذين زوّروا وشوّهوا، ومازالوا يشوّهون ويزوّرون، ليس الأحداث والحقائق فحسب، بل ودور رجال ثورة تموز الأبطال ونضالاتهم الوطنية، الخالدة في الضمائر الحية، الانسانية على الأقل، وهي الأخلد من كل الزيف والرياء الذي لابد وان تذريه الرياح، لتبقى الوقائع راسخة، تفيض بالعنفوان والشموخ... وذلك ما نريد، ونطمح إليه بكل حرص، ونعمل من أجله بكل جهد...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤالين فقط
الكاتب ( 2010 / 2 / 7 - 20:31 )
استاذه.. نسرين وصفي طاهر.. لدي اسئله من برج الفضول هل انتي بنت المناضل وصفي طاهر؟
هذا اولا وهل قرأتي موضوعي الذي هو لايختلف بالعنوان والمضمون عن ماكتبتي... ارجو الاجابه
الكاتب عارف الماضي[email protected]
تحياتي من وسط العراق


2 - إجتثاث البعث
خالد عبد الحميد العاني ( 2010 / 2 / 7 - 22:01 )
السيدة الفاضلة نسرين وصفي طاهر
إن موضوع الأجتثاث هو حق أريد به باطل. بالتأكيد كل الوطنين وبالأخص الشيوعيون الذين يعرفون معنى عودة البعث فهم أكثر من ذاق مرارة المعاناة التي سببها لهم مجرمي البعث لا يرغبون برؤوية ممثلي البعث وهم يتسللون الى قبة البرلمان ولكن لقضية الأجتثاث وجه أخر. منذ السقوط في 2003 سارعت القوى الأسلامية الى إحتضان البعثيين وضمهم الى أحزابهم والشواهد كثيرة والمالكي حاول الأئتلاف مع صالح المطلق وبعد أن فشل في ذلك بدأن نغمة البعث الصدامي تتصدر الواجهات الأعلامية للقوى الطائفية الشيعية والسبب معروف هو لأعادة خلق إستقطاب طائفي على أساس أن البعث الصدامي يمثل السنة وهذا ما تطرق له المطلق فالناخب العراقي الشيعي سوف يهب لأنتخاب الأحزاب الشيعية والناخب السني سوف ينتخب الطائفيين السنة والخاسر الأكبر هو الحركة الوطنية وبالأخص قائمة إتحاد الشعب.
تحياتي


3 - لن ننسى
الحكيم البابلي ( 2010 / 2 / 7 - 22:15 )
نسرين وصفي طاهر
يكفي أن تكوني إبنة ذلك الإنسان الذي أحببناه وقدرناه لكي أقدم لك الف تحية وسلام والف باقة ورد ، لأننا لم ولن ننسى الرجال المخلصين الذين أعطوا حياتهم لعراقنا دون مقابل
قلوبنا معكم وعوائلكم أبد الدهر
تحياتي


4 - تباً للمفارقة الغريبة....
-هاوار كاكه يى ( 2010 / 2 / 7 - 22:15 )
شعبنا العراقى يتذكر جيدا شهداء الثامن من شباط الابطال امثال الزعيم عبدالكريم قاسم والمهداوى والدكم ووصفى طاهر والجنابى وسلام عادل ورفاقه والالوف من ابناء شعبنا العراقى من كوردستان الى الزبير الذين غدر بهم الظلاميون الذين حولوا بعدها بلدنا الى حمامات دم وقبورجماعية وانفال وسجون ومعتقلات وتجويع ومآسى، عجبا نسمع اليوم بلاحياء محاولة رد اعتبار سياسى سخى للقتلة ونسيان دم الشهداء ومشاعر ذويهم ، الا فليسقط التاريخ


5 - ردة شباط
المنسي القانع ( 2010 / 2 / 8 - 06:50 )
أختي نسرين --- لا أعزيك بل أعزي الطيبين من شعب العراق, فقد كانت نكبة وضربة لم يصحو هذا الشعب من آثارها التدميرية الى اليوم ولن يصحو. تمر ذكراها التي لا تنسى ولها أقول---
ذكراك ذكرى الدم المسفوح والقرف -------- يا ردة في شباط الأسود الكسف
تحياتي لك ولأخي رواء والذي أطلب منه ان ينشر رائعة الجواهري العظيم (يا عبد حرب وعدو السلام) فقد كتبها عن تلك الردة العفنة ودمتم


6 - ما رايك بمجزرة قصر الرحاب
محمد ( 2014 / 8 / 7 - 01:12 )
وانقلاب 14 تموز ما رايكم فيه ومجزرة قصر الرحاب وقتل الملك والحاشية والنساء والخدم وسحل الوصي وقتل الباشا نوري سعيد وسحله في الشوارع الم يكن انقلاب واكثر وحشية من انقلاب 1963
رحم الله جلالة الملك فيصل الثاني ملك العراق ورحم الله
نوري السعيد

اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت