الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يتناثر الرماد

فاضل فضة

2004 / 7 / 5
الادب والفن


من جوف الأرض الملتهب غضبا وبركانا،
من سطحها الشمالي المتجمّد ريحا فوق الأشجار كذرات المساء
من أعماق القلب الباحث عن إعصار نائم، وثورة إنسان غائب، وحب بدون كراهية.
من يد ترتجف في بلاد القطب خوفا من التجمّد بردا وصقيعا..
من تلك الصحوة والزمن النائم في عينيك، لا يزال النسيم تمردا، وأغنية الشباب الهارب على تلة الذكرى، خضراء في العقل، وأنس في السمر، وصفاء فوق صخرة زرقاء برداء ضوء القمر..
من المكان اللاجغرافي في موطئ ارضي.. وحكاية الترف المعانق لكثبان الصحراء والرمل الأحمر..
من ذاك الجفاف الرطب، والحب المعذّب، والعاطفة المحاصرة في كهوف العتمة الأبدية..
من حفيف الحوار، وتشرد الثقافة، وضياع الأمل..
أرمي شباكي في فضاء الكون.. علّ الكون يصغر، وعلّني أكبر لأطابق وجودي وتاريخي في معادلة الإنسان.. في معادلة الكائن، في معادلة الخلق المنسي خلف ستار العتمة والخوف والجبن والتملّق..
علّ العمر يكبر، لا في السنين، فهو هرم،
ولا في التكرار فهو أكثر من كلاسيكي..
ولا في الصور المزيّفة فهي مشوّهة..
بل بالأمانة مع الروح والوجود والحياة والحق المطلق بكل شيء مطلق..
عبر العقل بحثا عن تكوين أنقى، عن نبع صاف لم يمسّه التلوّث.
سافرت الذات التائهة إلى بلاد المعرفة، فلم تتعلم.
غادرت الأرض وطنها بحثا عن آلهة الخصب، فزرعت الجفاف وأصرّت على التوسّع.
في بلاد الأفق الواسع، يبحث العري عن ثوب أو رداء تختفي فيه عورته، تخلّفه، ارتجاله، جهله، ناسيا أو متناسيا أن بطاقة الدخول إلى نادي المعرفة في متناول الأصابع.
في بلاد الطيور الموسمية، تتكرر مواسم الخصب، ليصبح العمر موسما واحدا، وتختفي الفصول في أفق رمادي.
في بلاد الإنسان، يسمو الكائن باختصار وحشيته البيولوجية، أقوى من أي تجربة وأي دعوة ادعاء.
وما زالت الأمواج تتلاطم على شواطئها الصخرية،
علّ التلاشي يولد أجنة جديدة وبراعم لا تعرف الإنتحار التاريخي المتوارث.
وما زالت الأشجار تهرم، في تعاقب الزمن، بحثا عن بذور لا تحمل آثارها وعالمها المتآكل.
وما زال الموت خلاصا وابتهاجا بولادة متسائلة.
من جوف الأرض تولد الحياة جفافا وقحطا وجوعا..
من قلب النار يولد الرماد أجيالا تلد أجيالا.. أفكارا تموت في عالم الظلام..
من قلب الفكر يموت الفكر في بقاعنا الجرداء.
ولدنا للأرض، لنقتل الأرض ونمحو عطاءها..
من قلب التاريخ أوجدنا التاريخ.. ليمسحنا ويزيلنا بانحطاطه المكاني، إلى مكان لم يتجدد بعد في بلاد الجغرافيا وطني...
تموت المعرفة في مزارع الشوك.. بعد أن كانت حقولا للزهور والفصول الأربعة..
اقض حاجتك أيها المتصوّف نوما بعد نوم؛
عجّل بنهارك ليأتي ليلك تعاقبا بعد الآخر إلى عصر لا زمن فيه،
ولا إنسان مثلك له مكان، إلى اندثار واندحار تصرّ على أن يكون له معنى..
مارس حبّك للكراهية، للحقد، للأنانية، ومارس الارتجال لغة عصرك الغائب، في زمن الرفض للغائبين.
مارس التناقض في كل شيء، والعاطفة الحمقاء في اللامحدود.
مارس الحياة كأي شيء، لأنها أسهل ولأنك لم ولن تعرف الطريق..
ولدت لتحيا فخرا، فلم تر أن الغيوم المسافرة لا تمطر في أرض لا تعطي، وإنسان لا يعرف..
ولدت للموت في فنجان قهوة.. تبحث عن مصير في القدر،
والقدر يرغب إنسان العقل، لا إنسان العاطفة، بالعقل فقط
في الأرض كانت الحكاية... وعلى الأرض يتمزّق الإنسان والوطن.. وعلى الأرض تسود الصحراء ويتعرى الصخر، وتغادر الأشجار إلى منفاها..
في الأرض كان الإنسان الأول.. في مسرحية آن الأوان لأن تنتهي..
في العالم مسرح آخر.. عالم أقوى...
من جوف القلب يولد البركان، ليمزق القلب وصاحبه..
ومن داخل العقل، نقتل الحركة والإبداع والمستقبل.. نبحث عن الفناء حاضرا ومستقبلا..
نعود للوأد في كل شيء..
نطفئ النار كل يوم فيزداد ظلام القلب وظلام الحياة..
أبناء الأرض، هل انتهى دوركم إلى الأبد؟
هل حان زمن التلاشي بعد الرماد.. والبؤس والجمود والهرم والمرض؟..
هل جاء زمن الإنقراض ليدق على أبوابكم بصوت أكبر من أي صوت، وسياط لا تعرف الرحمة..
البقية في حياتنا و حياتكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل


.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض