الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يحاكم صدٌام حسين

فاضل فضة

2004 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


هل يمكن الدفاع عن النظام العربي بشكله الحالي؟ هل يمكن الدفاع عن ثوابته المعنوية ووطنيته، هل يمكن الدفاع عن الديكتاتورية والسياسات الفاشلة والهدر المنظٌم لثروات البلاد، أوالفساد أوالترهل، أو سياسة حصر الشعوب العربية في حظائر قوانين الطوارئ، وادواتهم الأمنية والقمعية بكل قمْئِها اللإنساني. عن ماذا يمكن أن يدافع الإنسان هنا!!! ومالفرق بين صدٌام حسين وبين أيٌ حاكم عربي أخر؟ مالفرق بين القسوة النسبية بظاهرها المنمٌق، وقسوة وحشية مصورة ومتلفزة مارسها صدام حسين خلال حكمه السابق!
يعتقد البعض أن الفرق بين نظام صدٌام حسين والنظام العربي بعد الحرب الأمريكية الأخيرة ووقوعه في المصيدة، كبير، أو جذري، بينما في الحقيقة، لم تكن بنية وهيكلية النظام الصدامي تختلف بشكل أو بأخر عملياً عن أي نظام عربي أّخر أو بعض الأنظمة العربية فقط. وإن كانت قرارات صدام واخطاؤه الإستراتيجية، وممارساته القمعية ذات طبيعة وحشية وظاهرة للعيان أكثر من أي نظام عربي أخر.
لفد وقع نظام صدٌام في شباك اللعبة العالمية والتغيرٌات الإستراتيجية الحاصلة، أوغـُلب على أمره عندما اتخذ مجموعة من القرارات الخاطئة القاتلة. كان أوٌلها القيام بالحرب على إيران، وإحتلال الكويت، ومسلسل تاريخي طويل من الحصار السياسي والإقتصادي للعراق، استنفذ معظم طاقات شعبه، ومناعة ديكتاتوريته.
لذا كان صدٌام لقمة سهلة، ومصيدة استخدمتها أمريكا لدخول منطقة الخليح وبلاد العالم العربي. حيث برٌرت أحداث الحادي عشر من أيلول بشكل شرعي أو غير شرعي، الحرب الأمريكية الأخيرة ونتائجها في إقتلاع النظام، وإحتلال العراق، وما نتج عن ملاحقة رجاله والقبض عليهم ثم الشروع في محاكمتهم ومحاكمة صدٌام نفسه!!
مالفرق بين صدٌام حسين وأي زعيم عربي أخر، مالفرق في نتائج الحكم للشعوب العربية من قبل أنظمة حكم، تدٌعي نظرياً الديموقراطية والعدالة ومجموعة من القيم التقليدية التاريخية لمن يولى على الشعب، ثم ممارسة القمع بكل أشكاله. من قوانين طوارئ، وسجون لاتعرف الزمن، لكل مخالف للرأي، أو القتل بشكل سٌري لكل من سوٌلت له نفسه المعارضة، أو الخطف من الدول الأوروبية في العقود الماضية.
قد يكون صدٌام قد أخطأ، ولم يستوعب اللعبة العالمية المستحدثة بشكل جيٌد، لذا كان عليه أن يدفع ثمن أخطائه مع بعض الرجال، وتدمير البنية التحتية للمجتمع والإقتصاد العراقي بأكمله!
أما الدول العربية الأخرى وانظمتها القلقة، فما زالت في حِمى التحولات العالمية ومصالح الدول الكبرى، وتنافس هذ الدول مع بعضها، الذي بدأ يخرج عن أطواره الديبلوماسية المعتادة في مواقع معينة، وحاجة السيطرة الشاملة على منابع النفط العربي، في شعار محاربة الإرهاب.
كما أنها (الدول العربية) لاتعرف كيف تواجه أوتقاوم أو تغيٌر بما يتناسب ومرحلة جديدة في التاريخ. لإنها، ولأول مرة في زمنها المعاصر، تراها ضالعة، بشكل مباشر وبدون إرادتها، في مخاض عالمي تحكمه المصالح والأحلام الأمبراطورية لدول كبرى سائدة، أومصالح امبراطوريات قديمة تحاول النهوض من خدر الإرث العتيق عبر وحدة أوروبية لاندري إن كانت قادرة على العودة إلى عظمتها السابقة، والتمتع بسيادة إقتصادية أو تكنولوجية أولى.
وفي حمى هذا السعير الدولي المحٌير والمخفي أحياناً، يحاول العالم أن يحاكم صٌدام حسين ورجاله في بلد عراقي اصبح شبه مدٌمر. وفي حمى هذه الفوضى المنذرة، يسود الصمت والقلق في بلاد العالم العربي، ونظامه العصامي، فمنهم المطيع جدٌاً، ومنهم المقاوم قليلاً، ومنهم الغارق في مشاكل لايمكن حلٌها أبداً. ومنهم من يصٌر على حلول لأزمتها بأيديولوجيات غفي الزمن عليها، أو خلق تلاحم وطني بشعارات ليس أكثر.

لذا قد تبدأ محاكمة صدام ورجاله اليوم، كمسرحٌية أخرى من مسرحيات دريد لحام ومحمد الماغوط (الوطني الكبير)، لتتسلى بها وسائل الإعلام العربية وغيرها، وتدعو إلى نسيان أو تناسي، المشاريع الإستراتيجية الكبيرة المخبأة (كالعادة) من الدول الكبرى، وتلهي قليلاً الشعب العربي وبعض رجال حكمه عن مفاجأت المستقبل المجهول.
قد يكون صدٌام قد اعدم كثيراً وظلم اكثراً، لكن لايمكن للدول العربية وأنظمتها أن تستيقظ أو تفيق مالم تغير من صداميتها المنمقة قليلاً أو كثيراً، ومالم تتعامل مع معطيات هذا العصر العلمية والواقعية، بعيداً عن كل خيال أيديولوجي حالم، أو تحليل ماركسي بتر تاريخياً، أو إتهامات رخيصة الفبركة والكتابة، كونها الأسهل دائماً، في عالم أمريكي قوي باحث عن أحلام أمبراطورية أوعالم أوروبي في أحلام بعثية بإدوات معاصرة، وعالم مؤلف من دول راضية بتطورها الإقتصادي والتكنولوجي، مثل كوريا وتايوان وماليزيا وسنغافورة .

لقد حصد الشعب العربي في تاريخه الطويل الجفاف بسبب عناد العقل والإصرار من قبل مجموعات من المغامرين على تسلق حصان السلطة بأي وسيلة، إلى يومنا الحاضر
ألا يكفي كل هذا المٌر الذي عانت منه هذه الشعوب، اليس من المفروض تواجد بدائل معاصرة..
البارحة كانت الحرب على العراق!
واليوم محاكمة صدام،
وغداً قد يصعق العالم العربي بمفاجات أخرى من حوادث الدهر، قد تكون أكبر في بداية قرن جديد..
لقد كان مخطط سايكس بيكو في بدايات القرن الماضي،
وقد يكون سايكس بيكو أخر في هذا القرن...
منذ مئات السنين، غابت الدنيا في ظلام دامس، وغاب الناس في قهرهم المعاشي،
ومازالت الغالبية، لاتعرف الطريق، فالضباب مازال في العقول كثيفاً...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: أسقطنا طائرة إسرائيلية من نوع -سكاي لارك- وسيطر


.. بالخريطة التفاعلية.. جيش الاحتلال يعود لمخيم جباليا ويكثف غا




.. صرخات فتاة فلسطينية على وقع القصف الإسرائيلي على قطاع غزة


.. رسميا.. مبابي يغادر باريس سان جيرمان نهاية الموسم الحالي




.. نٌقلوا للمستشفى.. دبابير تلدغ جنودا إسرائيليين في غزة بعدما