الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بإلله عليكم قولوا لنا كيف أصبح عمر البشير رمزاً وطنياً !!؟

عبدالغني بريش اللايمى

2010 / 2 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بسم الله الرحمن الرحيم
في الثالث من فبراير 2010 قررت دائرة الإستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية بإعادة النظر في عدم توجيه تهمة الإبادة الجماعية إلى المشير عمر البشير ، وفور صدور القرار ردت الحكومة السودانية كعادتها بإفلاس على المحكمة ، وقالت أن المحكمة تقوم بنشاط سياسي هدام يستهدف قيادات الدولة ورموزها ، وأن هذا القرار يعيق مسار مفاوضات الدوحة لإحلال السلام في دارفور 0 وقال علي كرتي وزير الدولة بالخارجية السودانية - إن الدولة ستمضي في استراتيجيتها المناهضة للجنائية الدولية ، التي ظلت تصدر قرارات تهدف من ورائها إضعاف الحكومة وتعطيل مفاوضات الدوحة 0 وقال معاوية عثمان خالد المتحدث باسم الخارجية السودانية ، بأن القرار نشاط هدام الغرض منه التأثير على العملية الانتخابية، وجدد رفض الحكومة الاعتراف بالمحكمة - وقال إنها ليس لها ولاية على السودان وسكانه ، وإن ما توصلت إليه دائرة الاستئناف لا يعنينا كثيراً 0
مثل هذه التصريحات للمسئولين الحكوميين لا بد أنها تثير لدى سامعيها تداعيات عبثية ، سيما القول بأن المحكمة الجنائية الدولية تستهدف القيادات والرموز الوطنية التي تمارس سيادتها على أرضها، وتحمي أمنها القومي والوطني 0 انها تصريحات تفتقر الى الدقة والمصداقية والحقيقة 0
نسي هؤلاء المسئولين أن معنى الرمز الوطني والقيادة الوطنية الحكيمة والسيادة الصادقة يتحدد وفقاً لمعايير يعرفها الجميع ، وهي لا تقبل التدليس والتأويل المزاجي ، وفي طليعتها الانسجام الحقيقي مع المصالح الجذرية للمواطنين والمشروع الوطني والقيم الأساسية لجميع سكان الوطن 00 فلو كان عمر البشير رمزاً وطنيا ويحب جميع مواطنيه لما قام بقتل أكثر من 300 ألف مواطن دارفوري لإختلافهم معه في السياسة التي يدير بها البلاد منذ عام 1989 ، كما كان عليه إذا كان وطنياً على الأقل أن يوسع قلبه ويطول باله ( ويسلم نفسه للجنائية الدولية للرد على التُهم التي وجهتها إليه بإرتكابه / جرائم ضد الانسانية / جرائم الحرب / جرائم التطهير العرقي / مضافا إليها جرائم الإبادة الجماعية ) ، لكنه لم يفعل ذلك ، بل افلس افلاسا فجا ، وطلق طلاقا بائنا بأن الأمر لا يعنيه ابدا 0
ان يصبح شخص ما قائدا ورمزا وطنيا - لا بد ان يكون قد قدم الغالي والنفيس لوطنه ولشعبه في مرحلة من مراحل التأريخ ، وبناءا لا يمكن اعتبار ديكتاتورا متعطشا للدماء مستبدا بشعبه رمزا وقائدا وطنيا 00 لكن يمكننا اعتبار الشخصيات التي ساهمت في تحرير اوطانها في عهد " الإستعمار الأجنبي " مثلا رموزاً وطنية ، وذلك لما قاموا بها من تضحيات جسيمة وكبيرة من أجل شعوبهم ومواطنيهم 00 كما يمكن اعتبار كل من يحارب الفساد ويدعو الى العدل والمساواة بين جميع مواطنيي بلده قائداً وطنياً ، وكذا من يعمل ليل نهار من أجل تنمية وتطور بلده دون التفريق بين هذا الجزء وذاك 0 والأمثلة طبعا على من يمكن اعتباره رمزا وقائدا وطنيا كثيرة 0
ومنعاً للاستطراد والتكرار الممل ، فإننا نجمل تحفظنا المبدئي على اطلاق صفة الرمز والقائد الوطني لعمر البشير بنظرنا ، كون معنى " الرمز الوطني " في الحالة التي نحن بصددها قد اختل اختلالا عظيما وانعطف انعطافا مجانيا لتمجيد البشير المطلوب لدى العدالة 0

إن الغياب الصارخ لأبسط المبررات المقنعة لإطلاف صفة " الرمز الوطني " على عمر البشير ، حتى ولو من منظور تراثه العسكري ، يحملنا على الاعتقاد بأن الذين اطلقوا عليه هذه الصفة لا يحسبون الالاف الذين ماتوا بأوامره المباشرة في كل من دارفور وجنوب السودان وجبال النوبة بشراً يستحقون الحياة ، وإلآ كيف اطلاق هذه الصفة عليه !! 0

ان اعتبار قاتل شعبه بدمٍ بارد رمزاً وطنياً حتماً ستقابل بإزدراء من جهة المواطن السوداني الحر الشريف ، كون تاريخ عمر البشير لا ينسجم مع اطلاق هذه الصفة عليه 0 انه لأمر مخجل ومبكي ، لان ما قام به تجاه مواطنيه في دارفور ومناطق أخرى من السودان يتناقض مع الإسلام الذي يدعيه ومع " القرآن الكريم " الذي يمنع قتل النفس البريئة إلآ بالحق 0 وأياً تكن دوافع من يمجدون عمر البشير ويصفونه بالرمز الوطني ، فإن الرائحة الكريهة التي تخرج من أفواه هؤلاء ستظل تزكم أنوفنا وأنوف كل الشعوب السودانية حتى قيام الساعة 0
وسؤالنا دائما يتكرر عن رمزية عمر البشير الوطنية - ونقول - كيف ومتى ولماذا هذه الصفة ؟ وهو الذي :

* قتل مئات الآلآف من مواطنيه في دارفور ومناطق أُخرى من السودان 0
* مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية 0
* تورط في جرائم تطهير عرقي في أجزاء مختلفة من السودان 0
* اغتصب السلطة عبر انقلاب عسكري في عام 1989 مطيحاً بالحكومة الديمقراطية 0

* استثمر دماء الضحايا في دارفور لحصد مكاسب " عربية واسلامية " لحكومته الاسلامعروبية 0
* جيش مشاعر الغوغاء من مليشيات الدفاع الشعبي والجنجويد للدفاع عنه ضد المحكمة الجنائية 0
* 000000000 الخ 0

تضغط الغوغائية السياسية التي تدافع عن البشير وتصفه بالرمز الوطني ، وأحياناً بأمير المسلمين ، على الحروف وهم يخوضون حربا بلا هوادة على الجنائية الدولية بقعقعة خطباء المنابر عن " الاستعمار والتدخل الخارجي في الشئون الداخلية للسودان " ، وبالقول ان للمحكمة الجنائية الدولية أجندة سياسية استعمارية 00 لكنهم نسوا " لأنهم جهلاء وحاقدين أيضا على وحدة البلاد " ان المحكمة الدولية جهة قضائية قانونية - ولم تتدخل في شئون السودان إلآ بعد ان تجاوز عدد القتلى في دارفور أكثر من 300 الف مواطن برئ ، وبعد ان أصبح البشير يتلذذ قتلهم 0
عمر البشير قدم نفسه في مناسبات عدة باعتباره مجاهدا في سبيل الله ومتحدثا شرعيا ووحيداً له في الأرض الواسعة ، ورغم ذلك يتشبث بالسلطة لعقدين من الزمان غير مكترث بدماء الأبرياء ، الذين لا ناقة لهم ولا بعير في ما يعشش في عقله من حقد وكره وبغض وأوهام وترهات وحسابات خاطئة 0 ومازالت التساؤلات تعتصر رأس كل سوداني شريف يخاف ربه سبحانه وتعالى - ما الذي سيجني السودان من اعتبار قاتل شعبه رمزا وطنيا ؟ 0
**** كان من الطبيعي جدا ان تستقبل القوى الوطنية الحرة في السودان قرار إقرار دائرة محكمة الاستئناف تهمة الإبادة الجماعية ، بحفاوة بالغة ، وبلغت الفرحة عند البعض حد عدم الاكتفاء بالترحيب بإقرارها وحسب ، بل طالبوا البشير بتسليم نفسه فور للمحكمة للرد على التُهم الموجهة إليه 0
فقد رأت حركة العدل والمساواة السودانية أن القرار " صفعة جديدة لديكتاتور السودان "، وتسائلت قوى سودانية أخرى " كيف يقف البعض ضد إحقاق الحق والعدالة ومنعها من أن تسلك طريقها " ، وأضافت " نعرف أن المحكمة لن تحي الأموات ، لكننا نستطيع القول على الأقل وللمرة الأولى - لدينا محكمة لها صدقية دولية وشفافية والإمكانات للذهاب حتى النهاية لمحاكمة المتهمين بإرتكاب جرائم في السودان 0

قرار دائرة الاستئناف باعادة النظر في القرار السابق للمحكمة الجنائية بعدم توجيه تهمة الابادة الجماعية لعمر البشير هو خطوة أخيرة على طريق تحقيق العدالة الإنسانية ، وهذه الخطوة في رأينا تعتبر انتصاراً للإنسانية جمعاء ، بل انتصار لدماء الأبرياء من شعبنا الدارفوري الذي قاوم الضغوط في معسكراته وملاجئه ورفض السقوط في الفوضى ودافع عن حقه في وطن يستحق الحياة ، ويوم الثالث من فبراير 2010 كان يوما للصلاة من أجل خلاص السودان من الجنرال المستبد عمر البشير ، وأن قرار المحكمة هو إنجاز آخر من إنجازاتها المتواصلة لملاحقة الطغاة والإرهابيون وقتلة شعوبهم في كل أنحاء العالم ، وأن ظهور الحقيقة والمحاكمة العادلة بالأدلة وحدها ستعيد إلى الدارفوريين احساسهم بالإنسانية 0

ان قرار المحكمة كان بمثابة : « لقد جاء الحق وزهق الباطل ، ان الباطل كان زهوقاً » ، ويوم الثالث من فبراير 2010 كان يوما تاريخيا ، ومحطة مهمة في تاريخ السودان ، كشف فعلا من هم أعداء السودان ، ومن هم قتلة الشعوب السودانية 0
0000000000000000000000000 والســـــــــــــــــلام 00000000000000000000000000
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا