الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يدخل المجلس الاسلامي الأعلى أنفاق السياسة؟

تميم منصور

2010 / 2 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تفتقر الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل إلى الهيكلية الاقتصادية القوية والمؤسسات الثقافية المتطورة والأطر الاجتماعية المختلفة، وقد أثبتت التجارب أن غياب مثل هذه المؤسسات يضعف الترابط الاجتماعي ويزيد من مساحات التفكك ويقلل من الانتماء للتراث والوطن.
المؤسسات القوية المتطورة بالنسبة للمواطن كالجذور، تثبّت أقدامه داخل تراب وطنه وتدر عليه القيم الإنسانية والحياتية، غالبية المؤسسات والأطر الخاصة بالأقلية العربية حتى الآن هزيلة عاجزة سريعة الخفقان، والأسباب كثيرة، أهمها سياسة التهميش التي تعاني منها الجماهير العربية من قبل الدولة وجميع مؤسساتها، لأن هذه السياسة مبنية على فرضية ونظرية تقول: بأن المواطنين العرب لن يكونوا في يوم من الأيام قوة إنتاجية بل اسفنجة استهلاكية لا غير.
مع ذلك أقام المواطنون العرب أطراً ومؤسسات مختلفة، السياسية وغير السياسية.
كل شيء في هذه الدولة مجبولٌ بالسياسة وكل أطارٌ تقيمه الجماهير العربية لا بد من إدخاله في معترك السياسة لأن أطرنا مطلبية.
من بين الأطر والتنظيمات اذا جاز التعبير التي أعلن عن قيامها في الآونة الأخيرة، " المجلس الاسلامي الأعلى " ، مع أن هذا المجلس لا زال في بداية طريقه يتملس ويحدد مسيرته، لكن الحديث عنه وانتقاد قيامه ربما يثير نقاشاً ساخناً، يسبب الحساسية الدينية التي يرى بها الكثير من المتزمتين نهجاً وواجباً ونوعاً من العبادة.
إننا لا نشك بالنوايا الصادقة لكل المبادرين لإقامة هذا المجلس الذي ينحصر وجوده وأفكاره ونشاطه في طائفة واحدة، وأن المرارة وخيبة الأمل التي تلاحق كل عربي مسلم وغير مسلم بسبب سياسة التهميش والاستخفاف التي انتهجتها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة دفعت هؤلاء المبادرين لإقامة هذا الجسم الجديد، اسرائيل تتنكر لحقوق المواطنين العرب الدينية، وما العبث والتحكم بأموال الوقف الاسلامي الا جزءاً هاماً من هذه السياسة، فاسرائيل ترفض حتى اليوم السماح للمواطنين العرب من المسلمين إدارة شؤون الوقف الاسلامي، وهي تنبع هذه السياسة منذ قيامها حتى اليوم.
نعم من واجب الجماهير العربية أن تناضل بكل قواها وأطرها من أجل تحرير الأوقاف الاسلامية من أيادي وزارة الشؤون الدينية ، ولا يمكن الوصول إلى هذه الغاية بواسطة آلية دينية طائفية جديدة، وربما تكون تكراراً للأطر الموجودة التي سبقتها.
في رأيي إن هذا الخيار النضالي المكبل بهوية دينية وطائفة واحده لن يكون كافياً، وبالتأكيد إن وجوده سوف يجعل قيادات الأطر الأخرى تتقاعس عن القيام بواجبها.
المجلس الاسلامي الأعلى ذكرني بالمجلس الاسلامي الأعلى الذي سمحت حكومة الانتداب البريطاني إقامته برئاسة (أمين الحسيني) ، وكان هدف بريطانيا معروفاً وهو عمل توازن مع ما سمحت لليهود إقامته في فلسطين تحت حمايتها وهي الوكالة اليهودية التي كانت بمثابة حكومة لليهود في فلسطين داخل حكومة الانتداب، لقد أدى قيام المجلس الاسلامي الأعلى من قبل بريطانيا قيام قوى وعناصر قومية عربية بعزل نفسها عن ساحات الكفاح ضد الوجود البريطاني وضد الهجرات اليهودية والسبب هو الصبغة الدينية للقيادة الفلسطينية تحت سقف المجلس الاسلامي الأعلى.
أثبتت التجارب أنه من غير الممكن التصدي لسياسة القهر والاحتواء الاسرائيلية بواسطة أطر طائفية باستثناء الحركات الجهادية مثل حركة حماس وحزب الله والجهاد الاسلامي ، إن إقامة مثل هذه الأطر تساهم في تمزيق نسيج التلاحم ويشتت الجهود ويضاعف عدد القيادات، وهذا يمنع إقامة هيكلية وطنية قومية متراصة تجمعها وحدة الهدف ووحدة الصف.
المجلس الاسلامي الأعلى الجديد ، ما هو إلا تجمع اسلامي جديد يضاف إلى الأطر والحركات والأحزاب الاسلامية الموجودة حالياً كالحركة الاسلامية بشقيها الجنوبي والشمالي ، إضافةً إلى صفوف وشرائح كثيرة من الحركات الصوفية المختلفة المنتشرة داخل المدن والقرى العربية، جميع هذه الحركات جعلت من المساجد ودور العبادة مراكز قوى شبه معزولة عن تدخل المواطنين الذين لا ينتمون إلى هذه الحركات.
لماذا ترفض الحركات والأحزاب العربية قيام تنظيم عربي مسيحي أو درزي؟. على اعتبار أم مثل هذه الأطر تعمق شرخ الانقسامات الطائفية وتزيد من الاحتراب الطائفي ، وتمنع قيام ونمو كل إجماع قومي على قاعدة الهوية القومية، لقد أكدت كل المعطيات التاريخية بأن الإجماع القومي هو البديل والسقف الذي يمنع الاحتراب الطائفي ويفصله عن بناء وخلق شعوب لها هوية واحدة، مثل الشعب الألماني والفرنسي والايطالي.
ما هو يا ترى موقف الأحزاب العربية من إقامة المجلس الاسلامي الأعلى الجديد الذي أعلن عنه؟. إذا كانت هذه الأحزاب عاجزة عن القيام بدورها من أجل تخليص الوقف الاسلامي ، وفضح السياسة الاسرائيلية التي نعمل على تهويد القدس العربية، بما في ذلك الخطر الذي يهدد الأقصى إذاً ما هو دور هذه الأحزاب؟.
هل النقاط والمطالب التي أعلن عنها المجلس الاسلامي الأعلى موجوده في جدول مطالب وأعمال اللجنة القطرية للسلطات المحلية، ولجنة المتابعة؟
إذاً ما هو المطلوب من هذه القيادات التي تمثل كل الجماهير العربية بطوائفها المختلفة، إن حماية مقدساتنا وانتزاع حقوقنا لا يتم إلا بتلاحم جميع القوى والوقوف صفاً واحداً تحت راية ما قاله الثائر المعروف سلطان باشا الأطرش ( الدين لله والوطن للجميع ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA