الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


14 شباط يكلّل الشهادة بالانتصار

اديب طالب

2010 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


خمس سنوات عجاف، اتشحت بالاسود الحزين، وتكللت بتاج الشهادة ونور الحق والعدل.
خمس سنوات والشوق الى الراحل قبل الأوان لم يهدأ، والدمع المهيب على فقده لم يتوقف.
ولأن الراحل رجل دولة مميز، كان لا بد من العبور من نهر الحزن الى نهر العمل المجتهد الجاد، كان لا بد للابن أن يحمل راية الراحل المطرزة بالسيادة والاستقلال للبنان العظيم، العظيم بحريته، العظيم بفقيده، والفخور بكل شهدائه.
في الوقت نفسه، السنوات الخمس العجاف بالأسى سمانٌ بالانجازات، وعلى رأسها بداية ولادة الاستقلال الثاني المعمد بدماء الوالد رفيق الحريري، قرباناً على مذبح لبنان السيد الحر الجميل، وفجراً منبئاً بولادة ثانية لبلد اعتبره سعيد عقل مركز الكون ونبع الحضارة.
خمس سنوات سمان، غادر فيها اللبناني مخاوفه وهواجسه ووساوسه من فقد الحرية الطويل، وكانت تلك المغادرة بداية الانجاز لثورة الأرز، وتتالت الانجازات.
في 14 آذار الاول، نزل مليونان من اللبنانيين الى ساحة الحرية، يدفعهم الغضب مما حصل في الرابع عشر من شباط. ليس في تاريخ لبنان، أن نزل الى ساحة الحرية سبعون بالمئة ممن يحق لهم الانتخاب ومعهم أطفالهم والمسنون، وهذا انجاز لن ينساه التاريخ. ثم...ثم انتصر لبنان وجيشه وقواه الأمنية وكل شعبه على فتنة "نهر البارد" التقسيمية. ثم... ثم قامت المحكمة الدولية بقرار من مجلس الأمن الدولي، وبإجماع عالمي، والهدف الوصول الى الحقيقة، والتمكن من اقامة العدالة، في عتمة وظلم وظلامة الرابع عشر من شباط. ولقد تجاوز هذا اليوم الحزين لبنانيته الى فضاء إقليمي وانساني وبما يتناسب مع حجم وقامة الفقيد الشهيد. ثم ...ثم نجح لبنان في انتخاب رئيس لجمهوريته. ثم...ثم... ثم نجح لبنان في إجراء انتخابات نيابية، تأكد فيها أن أيام الرابع عشر من آذار، الثاني والثالث والرابع، ما تزال تُمثل غالبية اللبنانيين، وتمثل توقهم للديموقراطية والاستقلال... انتخابات نيابية جاءت بسعد الحريري رئيساً للغالبية النيابية ثم رئيساً لمجلس الوزراء.
رغم كل العقبات، ورغم التهديد الإسرائيلي الدائم بالحرب على لبنان وعلى السلام، تتابعت الانجازات لأيام الرابع عشر من آذار، ولأهل الرابع عشر من آذار.
الرابع عشر من شباط حدث تاريخي مأسوي. ولقد كان الرحم الشرعي الذي ولدت منه صيغة الرابع عشر من آذار، ترابط الصيغة بالحدث مهم، واستمرار هذا الترابط أكثر أهمية.
حدث الرابع عشر من شباط، فجّر معركة الحرية ضد خصومها. وصيغة الرابع عشر من آذار، كانت الوسيلة والأداة، كانت الرافعة البشرية النضالية لتلك المعركة، وتأكد ذلك تاريخياً حين استتبع استشهاد الرئيس رفيق الحريري، استشهاد كبار في القلم والفكر والسياسة، جبران تويني، بيار الجميل، سمير قصير، وليد عيدو، انطوان غانم، جورج حاوي.
يعرف اللبنانيون ويعتقدون أن معركة الحرية لم تُحسم بعد، ولم تنته بعد، وهذا الاعتقاد وتلك المعرفة مؤشران على استمرار مشروعية وتاريخية وحيوية الرابع عشر من شباط، وعلى مشروعية واستمرار وضرورة أهمية نجاحات الرابع عشر من آذار وشعاراتها في الحرية والسيادة، حرية لبنان واللبنانيين في أن من حقه وحقهم العبور الى الدولة السيدة على كل لبنان، الدولة العتيدة القوية صاحبة القرار الحصري في السلم والحرب وفي الدفاع عن الوطن استراتيجياً وتكتيكياً.
حركة وصيغة الرابع عشر من آذار، عبرت الطوائف كما سبق وعبرها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وذلك بتنوع أطرافها، وباتفاق هذه الأطراف على شعارات وأهداف وسلوكيات سياسية واقتصادية واجتماعية لكل لبنان وفي مصلحة كل اللبنانيين وكل طوائفهم على حد سواء. حكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها سعد الحريري تجسيد حي للذي نقوله، وفيها كل المصداقية الواقعية عليه، وهي دليل على أن الرؤية الوطنية الحريرية للرئيس الشهيد، ما زالت مشرقة وفاعلة وقابلة للتحقق والتجسيد العملي.
ان عبور الطوائف وصولاً الى العبور الى الدولة، ومن ثم اقامتها دولة مدنية حديثة، لن تكفيه خمس أو عشر من السنين، ومعروف للقاصي والداني كم المعوقات، ومن أبرزها الحرب الإسرائيلية، ودوام التهديد بها، على لبنان وعلى السلام في المنطقة، ومنها التلكؤ الأميركي في تحجيم الحرب والتهديد بها، ومنها التناقضات القائمة الإقليمية، والصراعات بين المحاور فيها. ولئن كان لبنان ساحراً بجماله ونموذجه، فانه لن يقدر بسحره ان يلقف أفاعي تلك التناقضات والصراعات. ما نقوله هنا همسة في اذن أحبائنا المتسرعين قليلاً، والمتلهفين كثيراً للانجاز التام لمهام حركة الرابع عشر من آذار ولثورة الأرز المجيدة.
حركة الرابع عشر من آذار باقية حتى تحقيق أهدافها. وهي رؤية حيوية متجددة للاجماع الوطني الديموقراطي اللبناني، وليست عابرة أو موقتة. ويوم الرابع عشر من شباط 2010 مناسبة لتأكيد ذاك الإجماع. وهي مرآة لما يعتقده أغلب اللبنانيين من ايمان بالديموقراطية ومؤسساتها، وقناعة راسخة بالاقتصاد والسوق الحرّين، وبهكذا أمرين يتعزز الاستقرار السياسي والأمن وينمو الاقتصاد ويثمر، ليس في لبنان فقط وانما في المنطقة كلها.
هل سينزل المليون ونصف لبناني الى ساحة الحرية في الرابع عشر من شباط الحزين المجيد؟، وهل سيرى العالم أن الحركة باقية وثابتة ومستمرة؟.. أعتقد ذلك، وهكذا يكون الحزن قد أثمر، وهكذا يكون النصر قد توج الشهادة، وهكذا ستكون السنوات الخمس القادمة لسعد الحريري، سنوات سمان لكل لبنان ولكل اللبنانيين.
ثمة مقولة سائدة في صلب ثقافة المنطقة هي: الشهادة أو النصر. ما حصل في الرابع عشر من شباط، وما حصل في السنوات الخمس لحركة الرابع عشر من آذار شيء آخر، شيء مختلف، شيء اجتمعت فيه الشهادة مع النصر، والأصح أن الانتصار قد كلل الشهادة فيه.

() كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال