الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة انتقائية

كاظم الحسن

2010 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


اذا كنا لا نختلف بشأن اهمية تشكيل وتاسيس الدولة الحديثة فان ذلك يقودنا بالضرورة الى البحث عن المعايير التي تنظمها وتأصلها في حياة المجتمعات وبطبيعة الحال تكون الديمقراطية واليات تطبيق مفرداتها المواطنة ، تداول السلطة ، احترام القانون الحياة الدستورية هي الاساس الذي ينطلق منه ما يمكن وصفه بالذاكرة التاريخية للمجتمع.

ويمكن تعريف الذاكرة التاريخية على انها التصورات الجماعية التي تشترك بها مجموعة بشرية معينة بصدد احداث وقعت في الماضي الذي يدرك على انه قد شكل هويتها ووضعها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي المعاصر (مذكرت دولة، اريك دافيسن، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، صفحة15).
وبما ان العراق يمثل امتداداً حضارياً وتاريخياً يمتد الى ما يربو على خمسة آلاف سنة فلا بد ان تكون الذاكرة التاريخية غير مختزلة في حقبة معينة او انتقائية ذات مغزى سياسي وتجرد المواطن من حقه في العيش الكريم في بلده وتعتمد في ذلك معايير نقاوة الدم او العرق وهي ذات ابعاد شوفينية مع وجود امم حديثة تمنح المواطنة للاجنبي لمجرد اقامته في تلك البلاد مدة قد لاتتعدى عشرة اعوام.
التنوع والتعدد الطائفي او العرقي والمذهبي في العراق يستدعي حضوراً ما هو مشترك وجامع وهذا يؤدي الى ان تكون الحقوق السياسية متساوية فقدعملت الايديولوجيات الشمولية على اقصاء ما هو يختلف عنها وعدته طارئا وغريبا وشعوبيا واقصته من المشاركة السياسية بل انها اعتمدت نظرية المؤامرة في قاموسها السياسي لتتهم بالخيانة او الانحراف يخرج عن نموذجها او اهدافها المتخيلة.
ان نرجسية الذاكرة التاريخية التي يبغي اصحابها الى تضخيم النزاعات العرقية والاعتقاد بافضليتهم على باقي الامم بل وحتى على من ينتسب لهم في الوطن او ينتسبون هم اليه بالقدر وهي احدى تجليات العنف المعاصر في العراق وما زلنا حتى هذا اليوم ندفع الثمن باهظا دون ان تكون هناك عبرة او درس.
بطبيعة الحال ان النرجسية تسبب التصدع في الذاكرة التاريخية وتمهد الى تجزئة البلد لان اصحابها لا يأخذون بنظر الاعتبار التصورات الجماعية المشتركة بصدد الماضي.
وفي حالة العراق لابد من استحضار المناسبات المدنية والتراث الشعبي والرافديني من اجل خلق هوية مشتركة تتقدم على مسببات التصادم والفرقة والتناحر وهذا ما فطنت اليه الامم الحرة والمتطورة واخذت تسلك سبيله من اجل التعايش والتآلف فيما بينها بل انها اصبحت مكانا فسيحا للكثير من الهاربين من بلدانهم بسبب الاستبداد او الحروب والاضطهاد الطائفي او السياسي او البحث عن حياة ومعيشة افضل عما موجود في اوطانهم.
ان التصورات المشتركة عن الماضي ما لم تحكمها تطلعات نحو المستقبل والحرية والاندماج بالعالم فان مصيرها هو التقوقع حول الماضي والانكفاء نحو التراث والعيش مع اوهام العزة او المجد والنصر القابعة في ذاكرة انتقائية لاتدرك تحديات العصر وازماته ومشاكله التي تتزايد ولا بد ان يكون هنالك وعي بها لكي يتم تفاديها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!