الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالقون على سكة القطار

فاديا سعد

2010 / 2 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في مشهد سينمائي من التحقيق في جريمة قتل، يقول الضابط لعادل إمام وهو يقرأ من الورقة التي في يده: ".. الضبع مات في سكتة قلبية بعد ما خاف من القطر: "القطار".."
فيرد عادل إمام متعجبا:
" الضبع خاف من القطر؟" فيؤكد الضابط مبتسما:
".. يعني مش حيكون مات خوف منك يا عطوة "

هل جربت أن تضبط أعصابك حين يواجهك مقالا جيدا، فتقول: هذا جيد رغم ما بينك وبين صاحب المقال من مواقف شخصية قد تدفعك لاتخاذ موقف مختلف. إن كان الجواب بنعم فأنت تجاوزت الموت خوفا من القطار لتنعم بسمات شخصية قوية وثقة بالنفس.

هل أجريت هذا الامتحان وخرجت منتصرا أي: أن تضبط أعصابك وتضغط على علامة ممتاز لما يستحقه المَقال لأن المُقال في المََََََقال يستحق تلك العلامة، ولا يستحقها صاحبه من وجهة نظرك؟ إن كنت قد فعلت فأنت تجاوزت الموت خوفا، كي تتحكم بسلبياتك التي لن يخلو منها بشري. وأنت مؤهّل للفوز بثقة الآخرين و... هنيئا لك.

أجربت مرة أن تمتنع عن التصويت لأن المَقال لا يستحق علامة جيدة رغم العلاقة الحميمة والشخصية الطيبة بينك وبين صاحب المقال؟ إن قمت بذلك فقد كنت شخصية متوازنة تسبق رؤيتك العميقة للأمور رؤاك العنصرية. وهنيئا لنا بك.

كم هو صعب فصل الأهواء عن المواقف العادلة في حياتنا وتفاصيلها، فغالبا نقول لصاحب الفعل والمقال يا ابن ال.. لا تستحق بصفة شخصية علامة جيد لكني في امتحان عسير وعليّ الاختيار بين أن انتصر لذاتي أو الانتصار لتشوهاتي، ويا أيتها البقرة لا تستحقين اهتمامي لكن ما تكتبنه يفضح إن كنت سأنقاد للثور في داخلي، أو أنتصر للرجُل البشري الذي في داخلي.

ولو ألقينا نظرة شاملة على الحركة الثقافية وتفاعلاتها والسياسية ونتائجها، والإدارية في مؤسسات الدولة، ومناصبها، لوجدنا أن الأغلبية سقطت في هذا الامتحان الفكري حينا السلوكي أحيانا الإنساني دائما.

إن الانتصار للقرار العادل عملية صعبة وأصعب مما نتخيلها و بساطة حلول الغش وإغواءاتها تزيدا الأمر صعوبة على وعورة.

لكننا عاجلا أم آجلا فإننا نختار وسنختار إما الخروج من أهوائنا بإرادتنا وإما أن نبقى عبيدها لنفقد السيطرة على إدارة حواتنا.


الجميع داخل الامتحان لا خارجه وكلنا عالقون فوق سكة القطار لا على جوانبها.

ولذلك فأنت صليبي إلى أن تثبت براءتك إن كنت مسيحيا، وأنت إخوان إن كنت سنيا إلى أن تثبت براءتك، وأنت عميل للسلطة إلى أن تثبت براءتك إن كنت تنتمي للطائفة العلوية، وأما إن كنت شيعيا فأنت ابن أخ أحمدي نجاد، وإن كنت بعثيا فأنت انتهازي ابن انتهازي ولن تثبت براءتك، وإن كنت ممن يعجب بأفكار ماركس الاقتصادية فأنت ملحد عالمي حفيد ملحد عالمي. أليست هذه هي السكة القبلية والعنصرية والطائفية التي علقنا حكومة وشعوبا ومنظمات فيها، وتميتنا بالسكتة قبل أن يمرّ القطار؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف