الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاوفهم ومخاوفنا

جاسم الحلفي

2010 / 2 / 11
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


لم تصمد كثيرا نظرية المخاوف الهادفة لتكريس الطائفية والانقسام التي أطلقها قادة المشروع الطائفي في العراق لتحقيق الهيمنة والسلطة والنفوذ، فسرعان ما تبددت تلك المخاوف أمام إرادة الشعب العراقي التواق الى العيش المشترك. فقد فشل الطائفيون، بكل تلاوينهم واتجاهاتهم، من ترسيخ كراهية أبناء الشعب لبعضهم البعض. وإضافة لذلك تلاشت نزعة الانقسام التي رعاها المتنفذون من اجل مكاسبهم الأنانية على حساب موارد الشعب. لم ينجح " فرسان" الطائفية في العراق في تمزيق الشعب العراقي وتهديد وحدته، بل تراجعت الطائفية كثيرا لكن خطرها لم يختف نهائيا، وسيبقى فعلها المشين قائما ما دامت نظام المحاصصات الطائفية والاثنية هو متراس " القادة " الذين لم يقدموا للعراق سوى الفساد والاحتراب.

لا يكفي التبجح في ترديد المشروع الوطني، كي يقتنع المواطنون بصدق الادعاء، فألاهم في ذلك هو تمثل قيم هذا المشروع والانخراط فيه، حقا، وليس استخدامه بضاعة للاستهلاك المحلي، بينما تكون الطائفية هي المطلوبة في تقاسم المغانم وحصص الحكم وامتيازاته. فليس كل من ادعى تمسكه بالمشروع الوطني صادقا في دعوته، فهناك من استقوى بالعامل الدولي والإقليمي على حساب العامل الوطني، وهناك ايضا من تسلق للمناصب عبر المحاصصة البغيضة.

ان التحديات الخطيرة التي واجهت الشعب العراقي بعد التغيير، ومنها إنهاء الاحتلال واستعادة السيادة والاستقلال، وتصفية مخلفات الدكتاتورية والحروب، وإعادة بناء العراق وتعميره، كلها استوجبت التفاف القوى السياسية وتعاونها على انجاز هذه الملفات، وبدلا من مبدأ التوافق السياسي، المبني على المشاركة السياسية والتشاور، تم الرهان على خيار المحاصصة التي لا تستقيم مع حاجة العراق الى الوحدة الوطنية، هذه السياسة الانقسامية التي ستبقى أثارها الخطيرة جاثمة على بُنى مؤسسات الدولة المدنية واطرها الشرعية الى أمد طويل.

ويبدو ان سلوك قادة المشروع الطائفي لا يتبدل مهما غيروا من خطابهم الطائفي، ورددوا مفردات المشروع الوطني، فسرعان ما تجدهم يلوذون بالمشروع الطائفي حالما يشعرون بتهدد مصالحهم الذاتية والحزبية الضيقة، ويعودون لطرح نظرية المخاوف مرة أخرى. ويبدو ان مخاوفهم الحقيقية ليست ناجمة عن صراع المجتمع على أساس طائفي، فقد أصبح هذا أمراً مستبعداً، بل عن خوفهم من فقدان مناصبهم، وخروجهم من دائرة الأضواء، وتراجع أدوارهم.
اما شعبنا العراقي الذي خبُر التسلط والاستبداد والتعسف والإرهاب، فله مخاوفه الخاصة، وهي ليست كما يروجها دعاة الكراهية والانقسام، بل تكمن في الخوف والقلق من تصاعد التهديدات الأمنية، ومن شبح البطالة و نقص الخدمات واتساع الأمية ونقص الخدمات الصحية.

هذه القضايا هي التي تشغل بال الشعب العراقي، التي لم تجد لها مكانا الا في جدول أولويات القوى الوطنية الديمقراطية وبرامجها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغاني أخيرة- الألبوم الفردي الأول لأحمد عيد -


.. عقوبات بالسجن في الجزائر لمن يتدخل في صلاحيات وعمل السلطتين




.. ماذا تناول الإعلام الإسرائيلي بخصوص الحرب على غزة؟


.. مراسل الجزيرة: أكثر من 50 شهيدا خلال الـ24 ساعة الماضية في ا




.. اشتباكات عنيفة تدور بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي ف