الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسوية دائمة لمشروع الدولة المؤقتة

ماجد الشيخ

2010 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



مرة أخرى تكرس الجولة التاسعة (الأخيرة) للمبعوث الأميركي جورج ميتشيل في المنطقة، ليس إخفاقه هو في مهمة إطلاق المفاوضات، بل وأكدت على إخفاق الرئيس الأميركي في محاولته الجديدة – المتجددة – انتشال "وعوده التغييرية" من مصيرها ومآلات الفشل التي بلغتها. فقد أدت لاءات نتانياهو بما هي الشروط الإسرائيلية المسبقة، وإصرار السلطة الفلسطينية على الوقف التام للاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات، إلى إفشال مهمة ميتشيل، وعودته بخفي حنين الشروط والشروط المضادة، فلا نتانياهو يسعى جادا لتجميد الاستيطان فعليا؛ ولا الموقف الفلسطيني بإمكانه العودة إلى طاولة المفاوضات، بالتنازل عن شرطه المسبق الأساس لوقف الاستيطان، في ظل رفض حكومة نتانياهو الاستجابة لمتطلبات عملية التفاوض، بالتوقف الكامل عن مواصلة بناء مزيد من الأبنية في الكتل والمجمعات الاستيطانية القائمة، وإبداء الاستعداد للانسحاب منها، لا سيما تلك الكبرى في الضفة الغربية وفي القدس، واحترام هدف إقامة الدولة الفلسطينية بحدود العام 1967، أو الاعتراف بحق عودة اللاجئين. وأخيرا فإن إعلان نتانياهو نية حكومته الاحتفاظ بمنطقة الأغوار تنسف مبدئيا وعمليا إمكانية قيام دولتين، خاصة حين يجري التشبث بحدود دولة واحدة ثنائية القومية، حيث لا يتمتع الفلسطينيون في ظلها إلاّ بـ "حقوق بلدية" في إطار حكم ذاتي وتسوية "سلام اقتصادي"، لا تتخلى بموجبها إسرائيل عن أية أراض محتلة، استجابة للرؤية التوراتية لأغلبية اليمين الديني والقومي الحاكم.

وإذا كان نتانياهو واضحا في لاءاته، فقد حملت الورقة الأميركية التي حملها ميتشيل معه، والتي اتسمت بطابع الشروط المسبقة لإعادة استئناف المفاوضات على المسارين الفلسطيني والسوري، طابعا تهديديا كذلك للفلسطينيين، حتى أنه سبق لوزيري الخارجية المصري والأردني رفضها، حين إطلاعهما عليها أثناء زيارتهما لواشنطن أوائل الشهر الماضي، ما حدا بالإدارة الأميركية يومها للتهديد العلني بأن "أي سبيل غير استئناف المفاوضات مع إسرائيل سيكون كارثة على الفلسطينيين"، فيما اعتبرت السلطة الفلسطينية الورقة الأميركية، بمثابة عامل هدم وتدمير للمشروع الوطني الفلسطينيي، حتى أن معظم الدول العربية رفضتها وترفضها للأسباب ذاتها التي دعت السلطة الفلسطينية إلى رفضها.

بشكل أو آخر، يمكن القول أن ما اقترحته الورقة الأميركية، ليس أكثر من مشروع للتحول إلى صيغة جديدة من صيغ الاندفاعة الثانية، الهادفة إلى تجاوز عناصر الفشل أثناء الاندفاعة الأولى، وتخطي حراك الاتحاد الأوروبي وبيانه، ولجنة المتابعة العربية ومبادرتها، وتقديم المساعدة لحماية إسرائيل من يمينها الفاشي الأكثر تطرفا، الساعي إلى نسف كل جهد سياسي، خاصة مع الفلسطينيين، وذلك على خلفية توراتية، ترفض المساومة على ما يسمى "أرض إسرائيل"، في تساوق مع منطق رفض الحل أو الحلول الشاملة، والتمهيد للتسوية النهائية البعيدة بتسوية مرحلية طويلة، قد تتحول هي ذاتها بقدرة الصياغات والتواطؤات الأميركية – الإسرائيلية المشتركة إلى تسوية دائمة، تطيح معها إمكانية تحقيق المشروع الوطني الاستقلالي الفلسطيني، الذي يحدد لذاته دولة مستقلة، في نطاق الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

هذا "الوضع الجديد"، وبعد عام من ولاية الرئيس أوباما، يعيد معطيات المنطقة برمتها إلى الوراء، دون أمل جديد، يضفي عليه البعض تفاؤله، فيما يغرق الكثيرون في لجج تشاؤم اعتادت المنطقة والعديد من القوى فيها، على السباحة وسط تياراتها المتلاطمة، فلا تحقق السلام، ولا تواصلت الحرب؛ وإن كانت المنطقة اليوم واقعة تحت تأثير رياح شديدة الهبوب، تهدد بحرب قادمة، تواصل وصل ما انقطع من حرب "الرصاص المسكوب" في غزة، وربما واصلت حرب لبنان الثانية، حيث أن وجود كميات كبيرة من الصواريخ القادرة على إصابة كامل الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ما برح يتهدد بتخريب جهود حكومة نتانياهو الساعية لتمهيد المنطقة لحرب "الضربة الخاطفة" للمنشآت النووية الإيرانية، بأقل الخسائر الممكنة التي يمكن لـ "الجبهة الداخلية" الإسرائيلية أن تتحمّلها، بفعل رشقات صواريخ من غزة ومن لبنان، وربما بصواريخ بعيدة المدى من إيران نفسها.

في كل الأحوال، لا تبدو الإدارة الأميركية؛ وهي تغرق في حروب احتلالاتها من العراق إلى أفغانستان، ومجابهة تحديات الحرب ضد الإرهاب القائم أو المحتمل؛ في أحسن أحوالها، فهي في اختيارها الحوار مع طهران، وصولا إلى فرض عقوبات دولية صارمة، إذا لم تستجب لشروط الدول الست ومواثيق وكالة الطاقة الذرية، تتعارض في ذلك مع الموقف الإسرائيلي الساعي أو الداعي إلى توجيه ضربة عسكرية للمنشآت وللطموح النووي الإيراني، فيما هي تتوافق توافقا تاما مع مشروع التسوية الإسرائيلي القائم على قاعدة الدولة المؤقتة، ليس غير، كأقصى طموح التسوية – الاقتصادية – الذي يعكسه نتانياهو عبر "سلامه الاقتصادي" الذي بات اليمين القومي والديني من أبرز دعاته، كونه لا يتخلى عن أرض محتلة، ولو جرى تبادل أرض بأرض، أو جرى هدم قسم من الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، فلا هذا ولا ذاك يمكنه أن يوقف هجمة التهويد والأسرلة للقدس بكاملها – شرقا وغربا – المهم أن لا تحيد هذه الحكومة عن أهدافها التوراتية في الاحتفاظ بأرض إسرائيل الكاملة. وهذا بالتحديد ما تسعى الولايات المتحدة لأن تقوله اليوم، عبر دعمها المواقف اليمينية المتطرفة لحكومة نتانياهو، وهو ذاته ما تسعى للالتزام به عبر إطلالاتها الجديدة.. المجهضة والفاشلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟