الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطنة وبناء الدولة

حسين علي الحمداني

2010 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ان بناء الديمقراطية وترسيخ مقوماتها يتوقف على الوعي بضرورتها ( وعى الدولة والمجتمع ) وذلك يتطلب قوة وإرادة لتأصيلها في الفكر والثقافة والسلوك وفى المرجعية الحضارية بصفة عامة، ومعنى ذلك إن الديمقراطية وحقوق الإنسان يحتاجان إلى تاسيسهما في وعى الأفراد والجماعات، والى تاسيسهما في منظومة الثقافة السائدة وأساليب وطرق التنشئة الاجتماعية ومؤسسات التعليم والإعلام والتثقيف، بما يحولهما إلى قناعة راسخة وهنا يتم تأصيلهما في السلوك اليومي لجميع الأفراد والتدريب عليها من خلال ممارساتهم في مؤسسات المجتمع المدني الحديث، وتعتبر مؤسسات المجتمع المدني مدارس أولية لتعليم وتعلم الديمقراطية وممارستها وهى لذلك تعتبر ذات أهمية كبيرة في التربية المدنية، وإن وضع الديمقراطية في الماضي بنفي الشريك عن الحاكم لذلك فان الثقافة الديمقراطية يكون اليوم أكثر من أي وقت مضى ضرورة وطنية وحضارية ليس من اجل التقدم ولكن من اجل الحفاظ على الوجود ذاته.فالديمقراطية بمفهومها العام تتضمن احترام حقوق الإنسان وبناء المجتمع المدني، كل ذلك يشكل إطارا جديدا في واقع وفكر المجتمع، الأمر الذي يتطلب لنجاح واستدامة التحول الديمقراطي أن تحدث تحولات بنائية وهيكلية شاملة في مجالات السياسة والثقافة والاقتصاد والاجتماع بل وفى السيكولوجية الفردية والجماعية معا. ولما كان النظام السياسي نظام مغلق يعيد إنتاج مجاله السياسي الضيق وبذلك يكبح حركية التطور المتراكم في مختلف المجالات، هنا نقول إن إقرار المواطنة باعتبارها مصدر لحق المساواة السياسية هو حجر الأساس في نظام الحكم الديمقراطي، وان إنكار ذلك يحول دون فرص التحول السلمي إلى الديمقراطية ويفتح الباب للفتن والحروب الأهلية، ووفقا لمنظور الفكر السياسي الغربي ، إن ظهور الدولة يترافق مع ظهور الأمة وان الدولة الوطنية هي التي تتعالى عن العصبيات ، وتمثل التجسيد القانوني للامه، وتكتمل معالم الدولة الحديثة باستقلالية المجتمع المدني عن المجتمع السياسي وفصل السلطات خشية إن من يملك السلطة قد يميل لإساءة استعمالها وهنا ولدت الحريات السياسية العامة، ذلك إن الدولة تصبح توتاليتاريه طالما أنها تدعى حق إدارة جميع الشؤون والتطابق مع المجتمع ، ولكي تكون الدولة مطاعة في الواقع لابد لها إن تصبح شرعيتها مقبولة في وعى وضمير المحكومين، والشرعية لابد إن تتجلى في وفاق جمعي واتفاق كلى على القواعد والمبادئ الأساسية المحددة والمنظمة للدولة وسلطاتها أهمها الاعتراف بكيان الفرد وحقوقه الطبيعية والمدنية. ونحن في العراق لا نريد إن تكون الديمقراطية شعار يكتنفه الغموض ويحتدم حوله الجدل والصراع بل والاقتتال إضافة إلى المزايدة في رفع الشعارات المعبرة عنه، الآمر الذي يفرز عوائق عدة إمام تنمية فكر ثقافي ديمقراطي يعترف بالآخر ويتحاور معه وينبذ العنف ويقبل التسامح ويعلى من أهمية المواطنة المتساوية. والمتغيرات الثقافية المرتبطة بالديمقراطية تحاول أن تؤسس لها وجود قانوني ومعرفي وسلوكي في أرض الواقع رغم إن البعض لم تتولد لديهم بعد قناعات واستجابات إيجابية للديمقراطية حيث لا يزال هؤلاء يرتبطون عاطفياً ومعرفياً بالمؤسسات التقليدية ومنظومتها القيمية، بل إن هذه الأخيرة تستند عليها عدداً من القوى الاجتماعية والسياسية في تحقيق مصالحها وفرض وجودها السياسي في المجال العام، ووفقاً لذلك فإن هذه القوى تحاول خلق وعي ضدي تجاه المتغيرات السياسية الحديثة بحجة عدم ملاءمتها للواقع العراقي. واهم تلك العوامل المطلوب تعميمها وإبرازها ضرورة إشاعة الثقافة المدنية لدعم التحول الديمقراطي الناشئ ذلك انه من غير الممكن للديمقراطية كبنية واليات وقواعد إن تنضج وتترسخ على مستوى الممارسة السياسية إلا في ظل بنية ثقافية تقوم على المساواة وحرية التنظيم المجتمعي ولا يمكن لمؤسسات المجتمع المدني بوصفها ابرز أدوات قنوات العمل السياسي إن تكون فاعلة في سياق العملية الديمقراطية دون إطار ثقافي يساعد في ترسيخ قيم ومبادئ الممارسة الديمقراطية (أي تعميم نمط جديد من الثقافة السياسية ) ولما كان من غير الممكن إقامة بنية سياسية حديثة (مؤسسية وقانونية ) خارج الإطار الثقافي السائد مجتمعيا فهنا لابد من خلق ثقافة سياسية حديثة تتوافق وتتلازم مع تلك البنية السياسية الحديثة أيضا. وإن تجاوز ثقافة العنف والتعصب القبلي والعشائري والمذهبي يتطلب تجاوز المرجعيات التقليدية التي تتعدد وتتنوع في إطار تكويناتها إلى ثقافة التسامح والإنصاف والمواطنة المتساوية كما تعبر عنه دولة المؤسسات والقانون التي تعتبر الناظم الرسمي لمختلف التكوينات التقليدية في إطار مفهوم الوطن والمواطنة المتساوية، هنا نصل إلى عملية التوحد الوطني بمحدداتها الثقافة والمعرفية التي تشكل وعيا جمعيا يعبر عن الهوية المشتركة بين أبناء الوطن الواحد، والوعي بمفهوم الوطن يعد من أهم مفردات الثقافة السياسية الحديثة التي يكتسبها الإنسان في إطار عمليات التنشئة الاجتماعية والسياسية . ولما كانت أهم محددات الدولة الحديثة ارتكازها على مفهوم المواطنة فتكون التربية المدنية من أهم آليات اكتساب الأفراد والجماعات لمواطنتهم من حيث الوعي بحقوق وواجبات المواطنة كما تجسدت في إطار الدستور، ووعى المواطن بمواطنته تتحقق من خلال مفاهيم المساواة الحرية الإنصاف المشاركة ليس بالنظر إليها كمفاهيم مجردة بل أيضا كمفاهيم تتجسد على ارض الواقع، وهنا لا يكون المواطن سلبي تجاه ما يحدث في مجتمعه من متغيرات وتحولات بل يكون مساهم في تحقيق ذلك التغيير والتحول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفا: مقتل 7 فلسطينيين خلال قصف إسرائيلي برفح جنوبي قطاع غزة


.. غالانت: نقترب من اتخاذ قرار بشأن إعادة سكان الشمال وتغيير ال




.. محمد الدوخي عاش بين المناديب لإتقان ادوره في -مندوب الليل- |


.. استبدال بايدن بمرشح ديمقرطي اخر سيناريو مرجح




.. 3 قتلى في قصف إسرائيلي على بلدة حولا جنوبي لبنان