الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجلزون ومثقف السماوة: سياحة في الفساد

حسن الشرع

2010 / 2 / 11
كتابات ساخرة



لعل اهم ما يستفز ذهن الزائر وكيفما كان هدف وصفة تلك الزيارة لمدينة بغداد هو تعدد التناقضات التي تميز المشاهد والرؤى والافكار والاحوال وحتى الازياء فمدينة السلام تبحث عن السلام ومدينة الاحلام والف ليلة تبحث عن الفرح ومدينة الخير والماء يبحث اهلها عن لقمة شريفة من عمل يفعلونه كما يبحثون عن النور والماء. كل ذلك خطر ببالي وانا اقرأ على جدران احدى واجهات المباني الرطبة عبارة مكتوبة بخط رديء بصبغ (البوية) العبارة التالية انقلها للقاريء معتذرا :"كلب ابن 16 زمال كل من يرمي الاوساخ هنا"..!من وجهة نظري فان كاتب العبارة ارادة المبالغة في شتم كل من يزعجه برمي النفايات في ذلك المكان(غير المقدس)،ولكن هل يتماشى هذا الشتم ونحن نمر بمرحلة قد تتميز بكونها حضارة الكلاب !.
مازلت اذكر قول ابي العلاء المعري لشاتمه بان الكلب هو من لا يعرف للكلب ستين اسما. ترى ماذا سيكون موقف القارىء والكاتب والسامع (اجلهم الله)لوعلموا بشتيمة المعري،ثم ماالذي يقوله الناس المتحضرون في بلدان الغرب والشرق عنا عندما يسمعون بشاعرنا وهو يغالي بشتم احد خصومه بقوله:
هو الكلب وابن الكلب والكلب جده ولا خير في كلب تناسل عن كلب
وهل سيكون الخير كله او بعضه في كلب تناسل عن حمار عن حمار الى 16 ظهرا كما ورد في العبارة التي نحن بصددها.. الامر مازال لا يعدو كونه حنق وغضب قد يكون مبررا في كثير من الاحيان وخاصة عندما يتعلق الامر بالنظافة او الصحة او النزاهه وربما يصبح اصعب تبريرا عندما يخص السياسة والانتخابات والصحافة والثقافة وغيرها الكثير.
يكثر كلام العامة في هذه الايام عن فشل الاجهزة التي تم استيرادها من بريطانيا والتي زودت بها نقاط التفتيش والسيطرة لكشف المتفجرات والاسلحة وليس العطور والمنظفات وحشوات الاسنان وذلك لحفظ امن المواطن العراقي في مدينة بغداد وسواها من المدن العراقية.
ويتم تناقل الخبر الذي اعلنت عنه وكالات الانباء والصحف ووسائل الاعلام المختلفة بشان قيام السلطات البريطانية بالتحقيق مع الشخص المسؤول عن تصنيع هذه الاجهزة وتوريدها الى العراق ودول اخرى في المنطقة ،اذيغ هذا الخبر لاول مرة في شبكة البي بي سي حيث قدمت تغطية حول الموضوع تضمت راي احد المتخصصين الذي راح ينتقد بل يهزا بهذا النوع من الاجهزة وهو يحمل مفكا (درنفيس) لنزع الشريحة التي قال عنها انها مجرد قطعة من الالمنيوم والبلاستيك. لكنه عاد وقال ان هذه الاجهزة تستخدم في مراكز التسوق!في حين ذكر احد المسؤولين العراقيين الموجودين في عمان لمتابعة علاج والده هناك (عافاه الله وشافاه) وهو يستشيط غضبا ان ما ذكر في التقرير غير صحيح وان وزارة الداخلية العراقية اوفدت بعدد اخوان يوسف لاختبار الاجهزة ومعاينتها والاطمئنان الى سلامة عملها وتساءل :ان لم تكن هذه الاجهزة تعمل بشكل صحيح فكيف تحقق الامن اذن؟!.بعد ذلك توالت الاخبار والتغطيات ..احد النواب الكرام ذكر انه حتى اذا كانت هذه الاجهزة لا تعمل فمن الخطا الشديد الاعلان عن هذا الخبر ،بل ان نشره بهذه الطريقة يعد تشجيعا للارهاب والارهابيين ،في حين اعلن عن تشكيل لجنة حكومية لدراسة هذا الموضوع وملابساته .مازال هذا الجهاز يؤدي واجباته الوطنية سواءا كان صالحا للاستعمال البشري او مناسبا للاستعمال الارهابي ،اليوم وعندما كنت في الباص التوى هوائي الجهاز باتجاه الحافلة الصغيرة التي كنت فيها ..سال الجندي الذي يشغله :هل من بينكم من يحمل سلاحا ؟فاستاء الرجال وصمتت النساء ولم يجب احد . اذن فلينزل الجميع من الباص. وراح زميل له يمسح ملابس الركاب مسقطا فرض التفتيش،ثم قال توكلوا على الله اسفين على الازعاج،لا اعرف عن اي ازعاج يتكلم عنه ؟فلربما عن الازعاج الذي تسبب فيه الجهاز حيث يضعهم كل يوم في موقف لا يحسدون عليه ،فقد يصل الامر الى السخرية والتندر وربما اكثر من ذلك في بعض الاحيان؟.
مازال الفساد الاداري يستاثر باهتمام الناس فالناس يربطون في احاديثم بين الفساد من جهة وفشل الاجهزة (المزعوم)من جهة اخرى...وهنا يبرز فجاة حديث الكلاب...ليس الكلاب اولاد الكلاب او اولاد الحمير بل اولاد الحلال الذين سينقذونا من (اللواتي اكلونا)على راي (مثقف السماوة)كما ورد في اليوتيوب مع اعتزازنا واعتذارنا لاهلنا ومثقفينا في السماوة وكل المدن العراقية التي تعاني فساد هؤلاء المفسدين.
فاذا استمر الفساد في مؤسسات الدولة العراقية فسيتم التنظير لتبريره وشرعنته باعتباره من مخلفات مرحلة ذهب رموزها بغياب اليات شحت وسائلها ومحاولات اصلاحية ستؤتي اكلها لكن بعد كل جولات التراخيص التي تسبق قيام دولة العدل الالهي!.
ربما سيتم استبدال الكلاب (المدربة)بقطط سيامية او صينية(جوبلس)على طريقة استبدال بعض مفردات البطاقة التموينية قبل ان تختفي الى غير رجعة بنوعية يشهد لها الاعداء والاصدقاء من الخمير الحمر او من قوم ياجوج وماجوج!.وسيتم الترويج لذلك سنقتنع فيما بعد ان ما تم استيراده هي كلاب معدلة جينيا لتكون باحجام مناسبة للعمل بالبيئة العراقية وستكون مناسبة لشواع بغداد والمدن العراقية ،فضلا عن عدم تاثرها بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري ،ستعرض وكالات الانباء اخبارا وتقاريرا وريبورتاجات عن التدريبات التي تعرضت لها هذه الكلاب البزونية وستنجح في مهمتها لا محالة ،فكيف لا وهي مطابقة جدا للمواصفات العراقية بموجب قوانين مندل غفر الله ماتقدم وما تاخر من ذنوبه.سيكون الكلب بحجم البزون ولاباس ان نطلق عليه (جلزون).
الكلاب المزعومة هذه لا تعمل بطريقة الشم التقليدية ،فنحن بلد معظم شعبه مسلم ومحافظ فلقد جرى تدريبها ليؤشر ذيلها جهة الخطر وبحركة جميلة ورشيقة وحضارية مستفيدين من حركة هوائي الجهاز (السونار )سيء الصيت،ثم ان صوت المواء للقطط اقرب الكترونايا من صوت النباح للكلاب ولهذا السبب فان هذه الكلاب ستصدر اصوات القطط خدمة للصالح العام وتماشيا مع الاجراءات البيئية في خفظ التلوث السمعي والبصري اتمنى ان لا تكون هنالك سياحة اخرى تمتد الى منافع اجتماعية للكلاب وانعاش ذاكرتها وربما حمايتها من غدر الغادرين من الشطار والعيارين وحقد الحاقدين والحساد الناقمين وتكاليف معداتها اللوجستية.ربما تقدم الينا احدهم بطلب تخصيص دولار من انتاج كل برميل من النفط العراقي المصدر وذلك لرفع كفاءة كل جلزون يحال الى التقاعد بعد انتهاء عمره التشغيلي المديد البالغ 12 شهرا تقويميا بحساب اهل المريخ الكرام.
اما انت يا مثقف السماوة فلله شكواك ،ومن سوء حظ السيد المالكي (دام الله ظله) انه ليس لديه من ينقل حديثك البليغ اليه فهو الخاسر الاول والاخر ان لم يلتقت اليك والى امثالك من المثقفين.والحق انه سيخسر مرتين احدها انه حرم من فرصة الاطلاع على واقع وحقيقة الفساد الادارى في محافظة المثنى ،ومرة اخرى انه سيحرم من بسمة هو بحاجة اليها وهو مقبل على انتخابات لا تقل سخونة بين سياسيين سيكون لهم حضور كبير في الشان الجلزوني الامني وملابساته والخدمية والثقافية..فجميع العراقيين يتساءلون على لسانك البليغ: اين نذهب ؟وين نتجه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت