الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابو سفيان ومعاوية

سعدون محسن ضمد

2010 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


انعكست أزمة استبعاد بعض المشمولين بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة، بشكل سلبي على مبدأ الفصل بين السلطات، وهو المبدأ الذي يشكل حجر الزاوية في العملية الديمقراطية، ولا يكفي المبرر الذي طرحته الجهات التي ضغطت على هيئة التمييز والمتعلق بكون هذه الجهة القضائية تجاوزت صلاحياتها أو خضعت لضغوطات خارجية، فهذا الاعتراض يمكن قبوله ممن لا علم له بخطورة عملية هز الثقة بالسلطة القضائية ومن ثم خطورة زعزعة مبدأ استقلال القضاء.
المجتمعات كلها تعرف بأن القضاء يخطىء، التجارب علمتنا بأن آلافاً من المظلومين يسجنون أو حتى يقتلون يومياً بسبب جهل هذا القاضي أو عدم نزاهة تلك المحكمة، لكن نفس هذه التجارب علمتنا أن لا نعترض على ظلم القضاء من طريق آخر غير طريقه هو، فقط من أجل أن لا نقع بفخ حماية العدالة عن طريق هتكها، وتعريض سلطة القضاء للضغط هو أخطر عملية هتك بحق العدالة نفسها.
الأحكام القضائية يجب أن لا تخضع ـ وتحت أي ظرف ـ لاجتهادات أو انتقادات أو تدخلات الجهات غير القضائية، وهذا الموضوع مبدأي وغير خاضع للنقاش؛ والسبب أن القضاء هو الجهة التي تعاهد المجتمع على الاحتكام لها، ما ينتج أن اعتراض نفس المجتمع على أحكامها هو نكث بتعهداته السابقة وانقلاب عليها.
في المجتمعات (قليلة التحضر) أو (ما قبل التكنولوجية) وعندما ينشب نزاع بين العشائر أو القبائل فأنها تتراضى على الاحتكام لشخص ما، وتقبل بحكمه على كل حال، والجهة التي تعترض على حكم هذا الشخص ـ الذي هو الفريضة عند عشائر العراق ـ تُعرّض نفسها لعداء وسخط وعدم احترام وربما مقاطعة جميع العشائر الأخرى، والسبب الذي يدفع بهذه المجتمعات لانتهاج هذه الثقافة هو تجاربها التي علمتها بان انقلابها على أحكام قضاتها سيفتح عليها جحيم الفوضى.
مبدأ احترام حكم القانون لا ينطلق من فلسفة تؤمن بعصمة القضاء وعدالة أحكامه، بل من فلسفة تؤمن بضرورة انتهاء النزاعات التي تحدث داخل المجتمع عند جهة ما، تكون مؤهلة للحكم ومخولة به، لأن عدم وقوف النزاعات عند هذا الحد يعني ويساوي الفوضى. هذا هو الصدع الذي نال مبدأ الفصل بين السلطات والذي حدث على هامش أزمة المساءلة والعدالة، وهو صدع خطير جداً، ولا يمكن تلافيه بسهولة.
لم يكن الخطر الذي يجره تسلل البعثيين إلى البرلمان كبيراً لدرجة تبرر ما حدث، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن (البعثيين) لا يستطيعون التسلل من الجبهة الكردية ولا الشيعية، كما أن الجبهة السنية ليست خالصة لهم، الأمر الذي يعني بأن أعداد المتسللين لن تكون كافية لإحداث فرق مهم. وهذا ما يبرر اعتقاد بعض المراقبين بأن الموضوع برمته متعلق بتخويف الناخبين من خطر وهمي لضمان ولائهم، وهذا الاعتقاد أكدته تصريحات متشنجة انطلقت مؤخراً من بعض المسؤولين في الدولة، كما حدث مع تعريض أحدهم بشخصيات (أبو سفيان ومعاوية) من خلالها تشبيههم ببعض السياسيين الذين يتهمهم هو بالولاء للبعث. ونسي هذا المسؤول أو تناسى أن هذه الشخصيات تحضى باحترام الأكثرية الساحقة من المسلمين، وأن الذين يشاركونه عدم احترامها هم أقلية في الوسط المسلم، ما يعني بأنه فتح باباً لن يجلب لبلده ولا للمكون الذي ينتمي إليه إلا كراهية المسلمين في أقل التقديرات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لعبة سياسية
عبد الكريم البدري ( 2010 / 2 / 12 - 00:03 )
في ألأنتخابات السابقة جرب ألأئتلاف (الشيعي) وان كان من العيب تداول هذه المسميات, كان يستخدم شعار حرب صفّين علي بن ابي طالب مقابل معاوية. وبعد اربع سنوات من نشوة الحكم من جهة واستفاقة الناس من سكرتها يتم ألآن استخدام لعبة مظلومية الشيعة مقابل البعث من جهة اخرى. وهذه هي المهزلة بعينها.لأن ألأشخاص او ابرزهم كانوا ولازالوا اعضاء في مجلس النواب لمدة اربع سنوات ومنهم من دعي قبل ذلك للمساهمة في كتابة الدستور.فأي منطق هذا الذي يبرر اطلاق ألأحكام عليهم وحرمانهم من الترشيح ؟ اهو استغفال واستخفاف لعقول الناس؟ امثل هؤلاء وثقت بهم امريكا ليكون حكاما وهم لايفقهون من ابجديات السياسة بشيء؟ هذا العراق الذي يعج بآلاف المثقفين والسياسيين تركتهم امريكا وجاءت بمن هو متخلف الفكر وغيرحضاري ....هل هذا هو التحريرالمنشود يا سيد سعدون؟ احتراماتي لك ولمقالك.


2 - بلاء..وقضاء
شمران الحيران ( 2010 / 2 / 12 - 18:46 )
اخي الفاضل ...ان الاساليب وطرق بناء هيكل السلطه كانت فاشله للغايه بحيث انتجت حكومه ضعيفه غيرمستقره حالت دون بنا ء مؤسسه قضائيه فاعله ..كون القضاء لاينمو ولايمكن له الوقوف على قدميه مالم يكون له غطاء حكومي حامي
له...والذي يحصل في العراق الان على العكس من ذلك ..حيث بنيت المؤسسات والقوانين على اساس الحزب والطائفه والعشيره والنسب..حيث اصبحت الحكومه
مزادا عاجا بالفوضى والتصريحات المزاجيه والكيديه جاعلين القضاء وسيله من وسائل القمع القانوني تحت اطار الديمقراطيه(الاسلامويه)ولاغرابه لما نحن فيه الان في ظل في حقبة هولاء الاميين الذين تربعوا على مواقع المسؤوليه ليصدروا لنا القانون وفقا للرؤيه الشخصيه الفقهويه ومصالح الاسياد.... عابثين بالبلاد.. ناشريين شرورهم على رؤس العباد...وليس لنا الا الله...ويوم الميعاد.....تحياتي لك اخ سعدون ولمدرستكم(حره عراق)جعلها الله حره في الدنيا والاخره


3 - الاخ شمران
سعدون محسن ( 2010 / 2 / 13 - 10:54 )
الاخ شمران تحية اعتزاز لك وشكرا لك مرورك الكريم على المقال وتعليقك عليه.. وما قلته صحيح بخصوص فشل طريقة بناء الدولة ويؤكده أن الأحزاب التي تتحمل مسؤولية هذا البناء هي احزاب تعاي من خلل في البناء ويكفيك ان احزابنا لا تحترم مبدأ الانتقال السلمي للسلطة، ما يعني انها ابعد ما تكون عن تولي مسؤولية بناء العملية الديمقراطية.

اكرر شكري لك


4 - الاخ عبد الكريم
سعدون محسن ( 2010 / 2 / 13 - 11:00 )
نعم اخي الكريم لقد تم استخدام قضية الاجتثاث دعائيا وبشكل مبالغ به ومخجل، لا بل ان هذا الاستخدام سيستمر مع ان الجدل حول الموضوع حسم وتم استبعاد من افرزتهم هيئة المسائلة، الدعاية الفارغة زاد السياسي الذي لا يمتلك مشروعا حقيقيا. ولولا قضية الاجتثاث لاخترع السياسيون قضية اخرى تستطيع ان تحرك وجدان الناخب الشيعي.
المهم بالموضوع ان سلطة القضاء يجب ان تكون فوق كل سلطة واذا كان ثمة فرصة لمحاسبة القضاء ومحاكمته فتجري عن طريق المحاكم لا عن طريق مكاتب السياسيين.

شكرا لك مرورك الكريم وتقبل تحياتي


5 - بلا تخابث
قاسم السيد ( 2010 / 2 / 13 - 17:11 )
يبدو ان السيد سعدونن محسن قد التبس عليه فهم الأحتجاج او الأعتراض الدي صدر من بعض الأطراف ومن ضمنها هيئة المسألة والعدالة حول تأجيل الهيئة التمييزيه بالنظر بالطعون لما بعد اجراء الأنتخابات وهدا الموقف بحد داته تهرب من المسؤولية التي كلفت بها الهيئة التمييزية وبالواقع هو قرار ناشيء نتيجة الضغط الدي خضعت له نفس الهيئة من الطرف الامريكي والدي كان سفيره حاضرا في جلسات مجلس النواب اكثر بكثير بعض النواب . ادن فتأجيل النظر بالطعون لما بعد الآنتخابات كان دات موقف نائب الرئيس الامريكي وعليه فأن مطالبة الهيئة بالنظر بالطعون كان مطالبة لها بالنهوض بالتكليف الملقى على عاتقها ولاأظن ان احدا كان يريد من الهيئة التمييزية ان توائم هيئة مسألة العدالة في قرارتها كما ان المثل الدي ساقه السيد سعدون بالعشائر العراقية التي تحتكم الى -الفريضة - فأن عدم قبول هدا الفريضه بالنظر بالقضية التي يطلب منه ان يحكم فيها هو عدم قبوله ان يكون قاضيا كما ان استعمال مفردة البعثيين كان يوحي بالاقصاء لكل من كان بعثيا وقد فات السيد سعدون ان اكثر منتسبي سلك القضاء كان يعمل في نفس السلك ابان النظام السابق

اخر الافلام

.. -خليها تعفن-.. حملة مقاطعة شراء الأسماك في مصر تجني ثمارها


.. تفاعلكم | كحة الـ Vapers.. ظاهرة جديدة يرصدها الأطباء!




.. ساعة حوار | جامعات أميركا.. احتجاجات وصدامات وتوقيفات


.. بيل غيتس للعربية: السعودية تساعدنا لإيصال اللقاحات اللازمة ل




.. أبرز الجامعات الأميركية التي شهدت احتجاجات التضامن مع غزة