الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستتكرر سابقة المراجعة الجنبلاطية في المعارضة السورية ؟...

محمد سيد رصاص

2010 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


كان سقوط بغداد بيد الأميركي، يوم9نيسان2003،مؤدياً إلى تحولات مفصلية بارزة في صفوف المعارضة السورية،كان من ضمنها تبديل القمصان الأيديولوجية والأخذ بتوجهات سياسية جديدة عند العديد من الأحزاب شملت مواضيع أساسية كان من ضمنها الموقف من واشنطن،ومن مشاريع التسوية للصراع العربي الاسرائيلي، والنظرة للمسألة الكردية في سوريا،إضافة إلى موضوع أساس وهو القبول غير المسبوق ( قبل عام2004) عند الكثير من المعارضين السوريين بدور"ما"للخارج في احداث التغيير الداخلي على غرار مافعلته المعارضة العراقية لنظام صدام حسين.
بدأت شرارة هذه التحولات عند الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي وأمينه الأول الأستاذ رياض الترك،هذا الحزب الذي كان لثلاثة عقود سابقة من الزمن مدشِناً للتحولات المفصلية في صفوف المعارضة السورية،سواء في عام1972لماكان رائداً في اعطاء رؤية ماركسية استقلالية لمواضيع(الوحدة العربية)و(فلسطين)و(السوفييت)ماأثَر كثيراً على القوميين المتحولين نحو الماركسية في حركة القوميين العرب وحركة الاشتراكيين العرب،أوفي عام1978لماأنهى طلاق اليسار الماركسي مع مقولة(الديموقراطية)،وهو ماتبعه عليه اليسار القومي ثم الاسلاميون. والواقع أن دينامية هذه التحولات ماكان ممكناً أن تأخذ تلك القوة لو كان الحامل لها هو غير الرمز الأكبر للمعارضة السورية،ممثلاً في الأستاذ الترك،الذي عاد في الشهر الأخير من عام2003،إثر زيارة شملت القارتين الأوروبية والأميركية لشهرين،وهو على قناعة عبَر عنها آنذاك بأن هناك"رياح غربية ستهُب على دمشق"وأن "من الواجب ملاقاتها ببرنامج سياسي جديد"،ومعبراً عن قناعة بأن الماركسية كوعاء أيديولوجي"ليست ملائمة لذلك"،وهو شيء لم يكن يقوله عندما استقَل الطائرة غرباً من مطار دمشق قبل شهرين من الزمن،وإن كان قد أعطى ارهاصاً معيناً لذلك قبل أيام من بدء رحلته عندما صرح في مقابلة("النهار"-28أيلول2003،منشور نص أوسع في موقع"الرأي"باليوم التالي)بأن الأميركان نقلوا"المجتمع العراقي من الناقص إلى الصفر"،في رؤية تحوي جديداً لماجرى عبر غزو واحتلال العراق،لايمكن عزلها عن بوادر الصدام الأميركي- السوري الذي بدأت معالمه مع زيارة وزير الخارجية الأميركية كولن باول لدمشق بعد ثلاثة أسابيع من سقوط بغداد،فيماكانت المعارضة السورية ،ولثلاثة عقود سابقة، على يسار السلطة السورية في القضايا الوطنية والقومية.
تجسَدت هذه التحولات،خلال عامي2004و2005،في تأسيس الأستاذ الترك ل(حزب الشعب الديمقراطي)،ثم في انشاء ماسمي ب"اعلان دمشق"الذي ضم طيفاً واسعاً من الماركسيين المتحولين أيديولوجياً وسياسياً مع الأحزاب الكردية وجماعة الإخوان المسلمين وأيضاً الناصريون في (حزب الاتحاد الاشتراكي )الذين وافقوا على نص لايقول شيئاً عن فلسطين والعراق وأميركا واسرائيل ويخفِض علاقة سوريا بالعرب إلى مستوى منظومة عربية على طراز منظومة حلف وارسو ويعتبر الشعب السوري مجموعة من"المكوِنات"،هذا النص الآتي قبل خمسة أيام من"تقرير ميليس"(21تشرين أول2005) وفي ظل أجواء كان يقول فيها رموز"اعلان دمشق"في المجالس الخاصة بأن عمر السلطة السورية لن يتجاوز أشهراً،وهي الأجواء نفسها التي دفعت الأستاذ الترك في حديث تلفزيوني بالشهر التالي ل"الاعلان"للدعوة إلى استقالة الرئيس السوري وتشكيل سلطة انتقالية.
إذا أردنا تركيز هذه التحولات،مفهومياً،فيمكن القول بأنها أخذت شكلاً أيديولوجياً عند البعض في نوع من الوعاء لملاقاة تحولات سياسية كانت موضع مراهنات وفقاً لقراءة محددة عند أصحابها،فيماأخذت شكلاً سياسياً محضاً عند الناصريين السوريين وعند الاخوان المسلمين أثناء وجودهما في"اعلان دمشق"،بينما لم تتغير الأوعية الأيديولوجية عند المعارضة العراقية،بكل أطيافها،الاسلامية والشيوعية والكردية،أثناء ملاقاتها وابحارها وفقاً للرياح الأميركية الغازية والمحتلة للعراق،وإنما استمرت بأشكالها الأيديولوجية القائمة في متابعة ملاقاة العامل الخارجي لإحداث التحوُل الداخلي،حيث لم يكن هذا جديداً عند المعارضين العراقيين في عام2003 وإنما كان استمراراً لعملية المراهنة عندهم على الخميني في الحرب العراقية الايرانية أوعلى الجنرال شوارزكوف في حرب1991،ويلاحظ في هذا الإطار أن الوعاء الأيديولوجي الجديد للمتحولين السياسيين الآخذ شكل(الليبرالية الجديدة)كان يعطيهم شحنة للمتابعة السياسية على نفس الاتجاه ولوحتى للوصول إلى حدود بعيدة،مثل قول بيان(حزب الشعب)حول حرب تموز،في سياق نقده لحزب الله وعبر سياق يوحي بتحميله مسؤولية الحرب،بأن"مسألة الإفراج عن أسرى لبنانيين أوفلسطينيين في سجون الإحتلال لاتتناسب مع حجم الدمار والخراب الذي أحدثته هذه الحرب والأخطار التي يمكن أن تحملها للبنان وتجرها على المنطقة برمتها"(موقع"الرأي"،17تموز2006)،فيمارأينا الناصريون السوريون في موقف آخر من تلك الحرب،ثم رأيناهم ،هم وماركسيوا حزب العمل الشيوعي،يصطدمون مع الأستاذ الترك،خلال صيف وخريف2007أثناء التحضير لماسمي ب"المجلس الوطني لاعلان دمشق"،بسبب رفضه تضمين مشروع الوثيقة المقترحة للمجلس أي موقف مضاد أوسلبي من"المشروع الأميركي"،وهو شيء كان وراء تخطيطه لإقصائهم عبر انتخابات ذلك المجلس في يوم انعقاده(1كانون أول2007).
توضَحت،خلال أعوام2007و2008و2009،مآزق وانسدادات"المشروع الأميركي"للمنطقة،هذا المشروع الذي أخذ شكلاً أيديولوجياً- سياسياً عبر"مشروع الشرق الأوسط الكبير" 13شباط2004:لم تقتصر هذه المآزق والانسدادات على بغداد وكابول وإنما امتدت إلى غزة وبيروت،لتصل عبر ذلك إلى حدود ميل ميزان القوى لصالح(الاقليمي)=حلف طهران-دمشق-حزب الله-حركة حماس)على حساب(الدولي)=واشنطنفي منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
انعكس هذا الشيء على مجمل السياسات العامة بالمنطقة،وامتد هذا بانعكاساته إلى واشنطن حيث لايمكن عزل انتخاب باراك أوباما عن ماجرى في المنطقة الممتدة بين كابول و شرق البحر المتوسط،فيمايمكن القول بأن حركة الملك عبدالله بن عبد العزيز باتجاه المصالحات العربية تعبر عن قراءة سعودية جديدة تتضمن ادراكاً لانتهاء المشهد الاقليمي الذي بدأ في يوم9نيسان2003ولضرورة تكوين وزن عربي لملء الفراغ الناتج عن التراجع و"استراتيجية الخروج"الأميركية من المنطقة بدلاً من أن تملأ هذا الفراغ القوتان الصاعدتان في طهران وأنقرة،وهو شيء عبَر عنه علناً الرئيس الايراني في استانبول قبل أشهر.
على الأصعدة المحلية،لايمكن عزل المراجعة التي أجراها الأستاذ وليد جنبلاط بكلمته يوم2آب2009عن قراءة جديدة لمتغيرات المشهد الاقليمي من قبله:لايلاحظ شيء من هذا على صعيد المعارضة السورية،لمراجعة جدوى وحصيلة تغيير القمصان الأيديولوجية وتلك المراهنات السياسية التي تمَت بالسنوات الست السابقة،والتي لم تنتج أكثر من طبخات سياسية محروقة ،لم تعط فقط طعاماً غير قابل للتناول وإنما أيضاً أحرقت الطنجرة وعموم المطبخ.
بدلاً من المراجعة، والجرأة عليها، طلع (حزب الشعب)مؤخراً ب"مشروع موضوعات" وبوثائق لمؤتمره القادم لاتقول شيئاً من المراجعة ،في نزعة هروبية إلى الأمام، فيمارأينا مراقب(الاخوان المسلمين)السيد علي البيانوني يجري شيئاً من المراجعة الضمنية عبر تغيير المواقف والمواقع.
السؤال الآن:هل ستحصل مراجعة جدية لأفكار ولسياسات ومراهنات ساهمت أساساً في تدمير مجمل المعارضة السورية؟..أم أن كل مراجعة مشروطة،عند السياسي،بمدى قوة قاعدته الاجتماعية،فيمالايستطيع ذلك الفاقدون للجذور في مجتمعهم أوالمعتاشون على الأوكسجين الخارجي؟...........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وأنت وتجمعكم الماركسي العتيد ؟؟
الحارث السوري ( 2010 / 2 / 11 - 20:42 )
ماذا قدمتم للعمال والفلاحين وللشعب المضطهد المستعبد سوى التنظير من بعيد دون ملامسة الحقائق المأساوية التي يعسشها شعبنا على أيدي مافيات النظام الأسدي ..قبل البحث في المادية الديالكتيكية .. الشعب يريد الخبز والعمل والديمقراطية الحد الأدنى من حقوق الإنسان . فماذا قدمتم له ياسيد رصاص .. رياض الترك وغيره من قادة المعارضة سلخوا عشرات السنين من أعمارهم في السجون والمعتقلات وارتكبوا أخطاء ككل المناضلين فهل نقف معهم وننتقدهم بجرأة ودون مسايرة أم نقف في صفوف الإنهزاميين ونعمل على تهشيمهم كما تفعلون ..؟ هذا النظام الذي يتغنى البعض بعبقريته مع حليفه الإيراني يعيش بحراب إسرائيل منذ باعها الأب الجولان ياسيد رصاص ولم تستغن عن خدماته رغم إرادة بوش الذي قطع له ورقة نعوة .. لاأحد يراهن على الخارج ولكن إذاحدث فالقوى الوطنية ضد النظام ومع إسقاطه وضد أمريكا وبقائها على أرضنا بالمقاومة ستخرج صاغرة .. فلا تزاودوا على الوطنية المهم الخلاص من 40 عاماً من نظام الإستبداد والقتل واللصوصية .. مع تحياتي


2 - رياض الترك الرمز والقدوة والمعلم
العكيدات ( 2010 / 2 / 11 - 21:13 )
الاستاذ الفاضل سيد رصاص
لاحظنا في الفترة الاخيرة تهجمك بمناسبة وبدون مناسبة على الرمز المناضل رياض الترك ، ولا نعرف هل الماركسيون الجدد ليس لهم مهمة سوى الهجوم على المناضل الرمز ابو هشام، كنا نتمنى منكم قضاء الوقت في التحليل ودراسة الواقع السوري للتخلص من الفساد والاستبداد وحكم المخابرات والسجون العفنة ، هل من المعقول ان الحياة في سورية اصبحت من السعادة لدرجة ليس فيها من الهم سوى رياض الترك ، أي ضمير ميت هذا ، وأي قحط فكري هذا
أن لا يحصل المرء على مناصب عالية في حزبه ، ليس مبرر كاف للتهجم على الحزب وقادته التاريخيين ، النضال والمثابرة والمصداقية هي التي تؤهل المرء للوصول الى ما يطمح اليه ، بينما الطرق الملتوية والحاقدة والثأرية فنهايتها ارتداداٌ عكسياٌ على اصحابها
سيبقى المناضل رياض الترك رمزاٌ ومناضلاٌ ومعلماٌ ومنارة وجبلاٌ لا يهزه ريح ، ويكفي المرء باستشهادك بكركوز سياسي مهرج كجنبلاط


3 - القادة والتاريخ والواقع
ماجد ( 2010 / 2 / 13 - 14:17 )
من الواضح ان الأصولية تتفشى في واقعنا بطريقة مرضية لدرجة ان عبادة الأصنام تتوغل بالتفكير والعمل ، ماذا يفيد رياض الترك اوغيره عندما يصبح بخطابه وطريقة تفكيره عثرة امام الواقع ، وماذا ان دفع سنوات كثيرة من الأعتقال ، هي نحفوظة أكيد لتاريخه الذي لا يرحم أحيانا ، عندما يكون الوجه الأخر للأستبداد ، ولندرك أننا بمرحلة انتهت بها هذه الصيغ الجوفاء مثل القائد الرمز والتاريخي ، ورجل المرحلة هذه لغة سخيفة لا تغير واقعا ونقد الذات شيئ جميل ليت رياض وحزبه يعملون به للضرورة التي نمر بها ، لأنه اسلم من نقد وتشريح الأخرين ، الواقع يقول ان المعارضة لا يمكن ان تتقدم مالم اقف بحزم امام سلوكها وتفكيرها وممارستها ولنسحق الأوثان وحيتان التوثين ونحن نعرف الكثير


4 - القادة والتاريخ والواقع
ماجد ( 2010 / 2 / 13 - 14:17 )
من الواضح ان الأصولية تتفشى في واقعنا بطريقة مرضية لدرجة ان عبادة الأصنام تتوغل بالتفكير والعمل ، ماذا يفيد رياض الترك اوغيره عندما يصبح بخطابه وطريقة تفكيره عثرة امام الواقع ، وماذا ان دفع سنوات كثيرة من الأعتقال ، هي نحفوظة أكيد لتاريخه الذي لا يرحم أحيانا ، عندما يكون الوجه الأخر للأستبداد ، ولندرك أننا بمرحلة انتهت بها هذه الصيغ الجوفاء مثل القائد الرمز والتاريخي ، ورجل المرحلة هذه لغة سخيفة لا تغير واقعا ونقد الذات شيئ جميل ليت رياض وحزبه يعملون به للضرورة التي نمر بها ، لأنه اسلم من نقد وتشريح الأخرين ، الواقع يقول ان المعارضة لا يمكن ان تتقدم مالم اقف بحزم امام سلوكها وتفكيرها وممارستها ولنسحق الأوثان وحيتان التوثين ونحن نعرف الكثير

اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن