الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثرثرة اسمها البرلمان البرجوازي

فلاديمير لينين
(Vladimir Lenin)

2014 / 5 / 18
الارشيف الماركسي


ولكن إذا ما تناولنا مسألة الدولة، وإذا ما نظرنا إلى البرلمانية باعتبارها واحدة من مؤسسات الدولة، فما هو المخرج من البرلمانية من وجهة نظر مهام البروليتاريا في هذا المجال؟ وكيف يمكن الاستغناء عنها؟.
لا بد لنا من أن نكرر القول مرارا وتكرارا: إن تعاليم ماركس القائمة على دراسة الكومونة قد نسيت تماما لدرجة أن الاشتراكي الديموقراطي الحالي (أي خائن الاشتراكية في يومنا هذا) لا يستطيع أن يفهم أي انتقاد للبرلمان إلا على أنه انتقاد فوضوي أو رجعي.
ان المخرج من البرلمانية ليس هو بالطبع إلغاء المؤسسات النيابية والمبدأ الانتخابي، وإنما تحويل المؤسسات النيابية من ندوات للثرثرة إلى هيئات "عاملة". «وكان يراد بالكومونة أن تكون هيئة عاملة تتمتع بالسلطتين التشريعية والتنفيذية في الوقت نفسه لا أن تكون هيئة برلمانية».
« مؤسسة عاملة لا هيئة برلمانية». كان هذا القول ضربة في الصميم موجهة إلى البرلمانيين المعاصرين «وكلاب الصالونات» برلمانيي الاشتراكية الديموقراطية! أمعنوا النظر في أي بلد برلماني من أمريكا إلى سويسرا ومن فرنسا إلى بريطانيا أو النرويج وغيرها، تروا أن عمل الدولة الحقيقي يجري وراء الكواليس وتنفذه الإدارات والمكاتب وهيئات الأركان. أما في البرلمان فهم يكتفون بالحديث بقصد خداع «العامة». وهذا صحيح حتى أنه في الجمهورية الروسية، وهي جمهورية برجوازية ديموقراطية، ظهرت كافة سوءات البرلمانية هذه على الفور حتى قبل أن تتمكن من إقامة برلمان حقيقي. فقد نجح أبطال البرجوازية الصغيرة المتفسخة من أمثال سيكوبيليف وتسيريتيلي وتشيرنوف وافكسنيتيف في تلويث السوفييتات على نمط البرلمانية البرجوازية المقززة وتحويلها إلى ندوات لتجارة الكلام. ففي السوفييتات يخدع الوزراء "الاشتراكيون" الفلاحين المصدقين بالقرارات والتلاعب بالألفاظ، أما في الحكومة فيجري نوع من التغيير الدائم حتى يتمكن أكبر عدد من الاشتراكيين الثوريين والمنشفيك بالتناوب على التهام جزء من "الكعكة" – المناصب المربحة المشرفة – ولتحويل أنظار الشعب من ناحية أخرى. وخلال ذلك كله تقوم الإدارات وهيئات الأركان بأداء عمل الدولة.
ومنذ عهد قريب كتبت جريدة "ديلونارودا" لسان حال حزب الاشتراكيين الثوريين الحاكم معترفة في مقال افتتاحي – بالصراحة المنقطعة النظير «لأبناء الناس الطيبين» حيث يمارس «الجميع» الدعارة السياسية – أنه حتى في الوزارات التي يرأسها "اشتراكيون" (ولا مؤاخذة على التعبير) لم يتغير الجهاز البيروقراطي كله في الواقع وأنه لا يزال يعمل على النمط القديم ويخرب "بحرية" الإجراءات الثورية! وحتى بدون هذا الاعتراف، ألا يبرهن التاريخ العملي لاشتراك الاشتراكيين الثوريين، والمنشفيك في الحكومة على ذلك؟ ومما تجدر الإشارة إليه على أي حال أنه في الشركة الوزارية للكاديت فقد السادة تشيرنوف وروزانوف وزينزينوف وغيرهم من محرري الديلي نارودا فقدوا كل حياء لحد أنهم يعلنون على الملأ بلا خجل كما لو كان الأمر تافها، إن كل شيء في وزاراتهم لا يزال كما هو! فالعبارات الثورية الديموقراطية لخداع سذج الأرياف، والبيروقراطية والمكاتبات الرسمية لإرضاء الرأسمالية – هذا هو جوهر التحالف الشريف. لقد استعاضت الكومونة عن برلمانية المجتمع البرجوازي المرتشية والمتفسخة بمؤسسات لا تنحط فيها حرية الرأي والمناقشة إلى درجة الخداع، لأنه يجب على البرلمانيين أنفسهم أن يعملوا، وأن ينفذوا قوانينهم بأنفسهم وأن يتحققوا من نتائجها العملية، وأن يقدموا الحساب مباشرة لناخبيهم. وهنا تبقى المؤسسات النيابية ولكن لا توجد برلمانية باعتبارها نظاما خاصا وتقسيما للعمل بيت السلطتين التشريعية والتنفيذية ومكانة ممتازة للنواب. ونحن لا يمكننا تصور الديموقراطية حتى الديموقراطية البروليتارية بدون مؤسسات نيابية ولا يمكننا أن نتصور الديموقراطية بدون البرلمانية، هذا إذا لم يكن نقدنا للمجتمع البرجوازي مجرد تشدق بالألفاظ وإذا كانت رغبتنا في إسقاط حكم البرجوازية رغبة جادة ومخلصة وليست دعاية انتخابية لاصطياد أصوات العمال كما هو الحالة مع المنشفيك والاشتراكيين الديموقراطيين والسادة شيدمان وليجين وسامبا وفاندرفلد. ولعله أمر ذو دلالة بليغة أن نجد أن ماركس عندما تكلم عن وظائف أولئك الموظفين الذين تحتاج إليهم الكومونة والديموقراطية البروليتارية نجد أنه يقارنهم بعمال صاحب العمل أي بالمشروع الرأسمالي العادي «بعماله وملاحظيه ومحاسبيه».
»).
إن إلغاء البيروقراطية تماما دفعة واحدة في كل مكان أمر لا يمكن التفكير فيه إنه تفكير طوباوي. ولكن تحطيم الجهاز البيروقراطي القديم دفعة واحدة والشروع فورا في بناء جهاز جديد يجعل من الممكن الإلغاء التدريجي للبيروقراطية – هذا ليس طوباوية وإنما هو خبرة الكومونة والواجب الملحّ والمباشر على البروليتاريا الثورية.
إن الرأسمالية تبسط وظائف إدارة الدولة وتجعل من الممكن التخلص من "الترؤس" وحصر الأمر كله في تنظيم البروليتاريا بوصفها طبقة حاكمة تستأجر «العمال والملاحظين والمحاسبين» باسم المجتمع كله.
نحن لسنا طوباويينUtopians، نحن لا نحلم بالاستغناء دفعة واحدة عن كل إدارة وكل خضوع. فهذه أحلام فوضوية ناشئة عن عدم فهم مهام ديكتاتورية البروليتاريا وهي غريبة تماما على الماركسية وهي لا تؤدي في الواقع إلا إلى تأجيل الثورة الاشتراكية حتى يتغير الناس عما هم عليه. كلا نحن نريد الثورة الاشتراكية بالناس كما هم الآن، بالناس الذين لا يستطيعون الاستغناء عن الخضوع والسيطرة «والملاحظين والمحاسبين».
ولكن الخضوع ينبغي أن يكون للطليعة المسلحة لكافة المستغَلين والشعب العامل إي للبروليتاريا. ويمكن بل وينبغي الشروع على الفور بين عشية وضحاها البدء في الاستعاضة عن العمليات "الرياسية" لموظفي الدولة بالوظائف البسيطة «للملاحظين والمحاسبين» وهي الوظائف التي تقع تماما في دائرة قدرات سكان المدن العاديين ويمكن القيام بها تماما مقابل "اجر العامل".
ولسوف ننظم نحن العمال الإنتاج الكبير على الأساس الذي سبق أن أوجدته الرأسمالية، معتمدين على خبرتنا الخاصة كعمال ومقيمين نظاما حديديا صارما تدعمه سلطة دولة العمال المسلحين. ولسوف نقلل من دور موظفي الدولة إلى مجرد تنفيذ تعليماتنا باعتبارهم ملاحظين ومحاسبين يتقاضون أجورا متواضعة (وينم هذا بالطبع بالاستعانة بكافة الفنيين على اختلاف أنواعهم وأشكالهم ودرجاتهم). هذه هي مهمتنا البروليتارية، هذا ما يمكن وما يجب أن نبدأ به عند القيام بالثورة البروليتارية. ولسوف تؤدي هذه البداية القائمة على أساس الإنتاج الكبير من ذاتها إلى الاضمحلال التدريجي للبيروقراطية كلها والخلق التدريجي لنظام – نظام بدون استثناءات ولا يشبه عبودية العمل المأجور – تسير فيه وظائف الإدارة والمحاسبة من أبسط إلى ابسط ويؤديها الجميع بالتناوب، ثم تغدو عادة وتزول في النهاية كوظائف خاصة تقوم بها فئة خاصة من السكان.
إن هدفنا العاجل هو تنظيم الاقتصاد برمته على طراز البريد بحيث يتلقى كافة الفنيين والملاحظين والمحاسبين شأنهم شأن كافة الموظفين مرتبات لا تزيد عن اجر العامل وذلك تحت سيطرة وقيادة البروليتاريا المسلحة، هذه هي الدولة التي نحتاجها والأساس الاقتصادي الذي نحتاجه. وهذا هو ما سيؤدي إلى إلغاء البرلمانية والإبقاء على المؤسسات النيابية. هذا هو ما سيخلص الطبقات العاملة من متاجرة البرجوازية بعرض هذه المؤسسات.
لينين .. المؤلفات الكاملة
الطبعة الروسية الخامسة
المجلد 33،
ص ص 1-120.
الدولة والثورة .1918
الطبعة الثانية
ترجمة لطفي فطيم
الهيئة المصرية العامة للتاليف والنشر
اعداد للنشر
جاسم محمد كاظم
[email protected]
مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار
http://www.ahewar.org/lc/


________________________________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديموقراطية البرلمانية أهون الشرين!؟
سليم نصر الرقعي ( 2010 / 2 / 13 - 14:47 )
صحيح أن للديموقراطية البرلمانية النيابية كما مطبقة في الغرب عيوبها وأنا أتفهم كل المآخذ التي عليها نظريا ً وعمليا منذ إنتقادات فيلسوف الديموقراطية المباشرة -جان جاك روسو- كما أتفهم -البدائل- التي يتصورها بعض اصحاب المذهب الشيوعي أو الفوضوي ولكن التجربة التاريخية ثم الواقع خير شاهد..فالنظام الديموقراطي البرلماني الحزبي كما مطبق في الغرب أثبت طوال كل هذه القرون أنه الأكثر كفاءة وفاعلية في إدارة شئون المجتمعات كما أثبت أنه الأكثر رحمة ورفقا بالإنسان المواطن بينما كل المحاولات الأخرى لإختراع ديموقراطية شعبية مباشرة في صورة سوفيتات أو كومونات أو مجالس شعبية إنتهت بالفشل الذريع بل - وهنا الكارثة - إنتهت بحكم شمولي دموي مطلق أذل الشعوب بدعوى جرها إلى النعيم المفقود بالسلاسل فكانت عاقبتها خسرا ً وإذلالا للشعوب والعباد وخرابا للإقتصاد والبلاد فالديموقراطية الغربية الليبرالية أهون الشرين وأخف الضررين أهون من كل التجارب التي أطلقت على نفسها الديموقراطيات الشعبية وآخرها ما يجري في بلدي ليبيا!..فالعيب عند التحقيق ليس في الديموقراطية التعددية البرلمانية بل المشكلة في الرأسمالية الأنانية المتوحشة؟


2 - مقتبس في وقتها التأريخي
Akram Nadir ( 2011 / 6 / 15 - 07:38 )
ان هذا المقطع الهام من كتاب الدولة والثورة لفلادمير لينين اتمنى لكل الناشطين العماليين قرائتها بدقة كاملة في مرحلتنا الحالية لانها السؤال اليومي من قبل العمال والشباب يوجهونها لكل ناشط عندما نقول الموت للنظام الرأسمالي وسؤالهم تقول ما هو البديل؟)نعم البديل الواضح والطبقي تكمن في هذا المقال العظيم وبشكل بسيط وعملي البديل هو سلطة الكومونات اي المجالس....


3 - لا ثورية بدون لينين
طلال الربيعي ( 2014 / 5 / 18 - 15:19 )
شيوعيون ام موفظو علاقات عامة؟
ان كلام الثوري العظيم لينين يصف بدقة متناهية وبحصافة سياسية ثاقبة دور البرلمانات البرجوازية كستار يخفي عري الامبراطور. ففي هذه البرلمانات , ومنها ما يسمى البرلمان العراقي المسخ, تعقد الصفقات المشبوهة وتبادل الادوار الخسيسة في سياسة -شيلني واشيلك-, والكل يتحالف في حلف غير مقدس في اغتيال الحقيقة وللتخربب ضد الإجراءات الثورية. ان التخلي الفاقع عن اللينينية لدى الاحزاب الشيوعية في المنطقة قد قضى على ثوريتها وجعل من اعضاءها الراغبين في العمل في البرلمان وغيرهم يسلكون وكأنهم موظفو علاقات عامة في دولة رأسمالية لتحسين وتجميل الوجه القبيح للوحش الذي يسميه البعض -البرلمان- او اية مؤسسة رأسمالية اخرى.

اخر الافلام

.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال