الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قائمة أتحاد الشعب فقيرة . مرشحوها كادحين ، ولكنهم أغنياء بالوعي

هادي الخزاعي

2010 / 2 / 13
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق



اليوم السابع من شهر شباط أبتدأت حملات الدعاية الأنتخابية للقوائم التي تتنافس على المقاعد البرلمانية لدورة البرلمان العراقي الثانية .

اظهرت الأخبار سريان هذه الحمى التي شكلت شوارع العراق بأنواع اللافتات والصور المطبوعة بأحدث الأجهزه الطباعية ، وبألوان تبهر العين . كيف كانت الناقلات الكبيرة والمتوسطة تحمل اعداد غير قليلة من تلك البوسترات والبارتشنات التي طبع عليها صورة وأسم ورقم القائمة ومعلومات استلالية ، حيث ينصبها أو يلصقها ذوي الأختصاص في الأماكن العامة والخاصة ، ليتعرف الناخب على كيفية ملء استمارته الأنتخابية بالمعلومات التي وفرها له ذلك الأعلان.
عموما كانت تلك البوسترات غاية في الأناقه ودقة الوضوح ، ويلاحظ من خلال الأعداد الفلكية من تلك البوسترات واللافتات والبارتشنات ، ولمظهرها الأنيق أيضا ، انها قد كلفت مبالغ طائلة لا تتناسب وحجم الدعم المقدم الى القوائم من قبل المفوضية الوطنية المستقلة للأنتخابات ، أذ يلاحظ المرء بسهولة حجم التكاليف الباهضة التي صرفت على تلك الوسائل الدعائية من قبل القوائم التي يمكنها ان تستفيد من المال العام أو التي تستلم مساعداتها من الخارج او من الأصدقاء الذين تعهدوا على الصرف بلا حساب ، لأنهم كما يشير القائلين من أصحاب تلك القوائم حين يسألون عن مصادر تمويلهم ، يشيرون الى أصدقاء يملكون الملايين من رجال أعمال وغيرهم ، وكأن رجال الأعمال أولئك ، وكذا الأصدقاء ، أصحاب جمعيات خيرية ، مفتوحة أبواب خزناتهم لتلك القوائم الأنتخابية الكبيرة ، فلو أحصينا أجور تذاكر السفر لأحد رؤساء تلك القوائم وهو يجوب الكون من اجل الوصول الى الجامعة العربية ودول الجوار بلا أستثناء ( تركيا وأيران والسعودية والكويت وأيران وسوريا ) والبرلمان الأوربي والدول العربية وأمريكا والأصدقاء الذين يجلسون خلف الكواليس في الفنادق ذوات الخمس نجوم في اوربا وأمريكا ، من اجل عرض مشاكلهم الأنتخابية التي يتعرضون من خصومهم في العملية الأنتخابية .

لو كانت تلك المبالغ تصرف للقوائم الصغيرة والكيانات الفقيرة ، لسدت اجور السفر تلك ، نفقات الصرف لمدة سنه على أية قائمة ودعايتها الأنتخابية من تلك القوائم والكيانات الصغيرة ، اللواتي يمكن ان تذهب الأصوات التي يحصلون عليها الى حساب القوائم التي يسموها كبيره عنوة ، كما حدث في انتخابات مجالس المحافظات ، أذ حصدت القوائم الكبيرة قرابة المليونين ونص المليون صوت ، لأن مرشحي القوائم الصغيرة لم يصلوا الى الدكة الأنتخابية ، وبذلك حققت القوائم الكبيرة القانون البحري والرأسمالي : السمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة .

ومن جملة ما عرضته شاشات التلفزة من اخبار الدعايات الأنتخابية في العراق ، ووسط الترف الواضح لدعاية القوائم الحيتان التي استعدت منذ ثلاثة أشهر وهي تحد اسنانها لأبتلاع السمكة الصغيرة ، حين أقر مجلس النواب وهيئة الرئاسة على قانون الأنتخابات ، الذي يقر بأن تذهب الأصوات التي لا تصل بالمرشح الى الدكة الأنتخابية ، فأن ما يحصل عليه من اصوات تذهب الى القوائم الكبيرة . أقول أن ما عرضته ـ ليس كل شاشات التلفزة طبعا ـ ليس دعاية أنتخابية عادية ، انها دعاية على الطبيعة والسجية ، وكان المشهد يملك قوة تأثيرية تفوق الوصف .

أمرأة عراقية تنتصب تحت نصب الحرية في الباب الشرقي في بغداد ، وهي تحمل نضدة من تقويمات سنوية ، مكونة من ورقة واحدة توزعها بالمجان على الرائح والغادي ، ومن بين تلك الأرقام التي يحتويها التقويم السنوي ، برز الرقم 363 من بين كل تلك الأرقام ، وقد أدرك الذين أقتنوا تلك التقويمات ، أنها عبارة عن دعاية انتخابية للقائمة التي تحمل الرقم 363 ، وهي قائمة أتحاد الشعب .

اللافت ان هذه العراقية المناضله كانت تحاورأحدهم ، وبكل ما يملك الضمير من وجع تراكم على صليب أصحاب هذه القائمة وهم يحملون عن الناس من فقراء وكادحين ، آلامهم المره ، وأحلامهم بلقمة نظيفة وسقف يحمي قناعاتهم بوطن حر وشعب سعيد .
قالت تلك العراقية وبنبرة تغمز بها لمن يكنزون الذهب والفضة : لأن احنه ُفكّر ماعدنه ، فنوزع هاي الروزنامات الفقيره ، حته تبقه معلكّه بالبيوت ، ولما سمعت محاورها يقول لها انك متجاوزه ، ردت : آني هم كاعده بمكان بيه تجاوز ، ثم انتقل المشهد الى لقطة أخرى .

كانت اللقطة سريعة وزمنها لم يدم أكثر من ثوان ، ولكنها طوت مليون بوستر ومانشيت وبارتشن لقوائم ومرشحين يفتخرون بكبرحجم بو ستراتهم وجمال ابتساماتهم الخادعه .

لقد زادتني تلك العراقية فخرأ وأستحال ما اكنت أفخر به من تأريخ نضالي يمتد الى اربعين عام ، أمام شجاعة هذه العراقية ، الى ورقة في مهب الريح ، وأنا اسمع عبارات تلك التي تسكن بالتجاوز والتي تصالحت مع الفقر والفقراء فلم تستحي من ان تقول انها ُفكّر ، ولم تخيفها وحشة المكان الذي لم يألف ان تطرق ارصفته أمرأة من قبلْ ، ففرشت بضاعتها المكونه من الرقم 363 تحت نصب الحرية الخالد والمخلد في الذاكرة العراقية الوطنية ، فّتّحْتَ تلك الجدارية يستضيفك العراق بكل تأريخه النضالي من اجل أن تتحق كل النبوءات والأحلام بوطن سياجه الديمقراطية ، ومناخه الحرية ، ونسيجه كل المكونات الأجتماعية والسياسية والدينية والعرقية العراقية .

طوبى لأتحاد الشعب صاحبة الرقم 363 أن ضمت مثل هذه العراقية الفذه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انا ايضا
عبد الكريم البدري ( 2010 / 2 / 13 - 21:31 )
أنا ايضا شاهدت تلك اللقطة ومن شدة انفعالي وتعجبي وجدت الدموع تنهمر دون احس بها . تحية لتلك الرفيقة الشجاعة ... تحية لكادحي 363 هذا هو العراق وليس.........!!!!!!
شكرا لألتفاتتك النبهة


2 - لكنها بحاجة
حسون ( 2010 / 2 / 14 - 07:58 )
لكن هذه المرأة الشجاعة التي تتحدث عنها بحاجة الى قيادة شجاعة يسمع صوتها الشارع العراقي في كل صغيرة وكبيرة تحدث في العراق ..وإلا ما معنى ان تكون الاصوات التي حصل عليها رجل واحد هو مثال الالوسي اكثر من الاصوات التي حصل عليها الحزب الشيوعي الذي زاد عمره على 75 سنة في الانتخابات السابقة أليس هذا لان الالوسي كان صوته عاليا

اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا