الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قدح شاي معطر بالعنفوان

يوسف ابو الفوز

2010 / 2 / 13
الادب والفن


أطوف غرف "طريق الشعب" ، برد يعض ساقي ، ونيران تشتعل في روحي ، اجلس الى طاولة في " الثقافية " استمع الى خطط المحررين لعمل الايام القادمة ، انتقل الى طاولة في " الاخيرة" ، فيضعون أمامي قدح الشاي الأسود ، واذ التفت يسارا ـ اليسار دائما ! ـ أراه انيقا يقف عند الباب، يبتسم لي وعيناه مترعتان بالألق :
ـ أما زلت تشربه بدون سكر !
أكاد اصيح ممازحا ، كما الايام الخوالي :
ـ تعال ضع اصبعك ليكون الاحلى بطعم روحك المترعة بالعنفوان ، ...
لكن هاتفي المحمول يرن . يختفي من امامي ، فالحق به عبر ممرات الجريدة ، امر عند غرفة "الثقافة الجديدة" ، فأجدها مغلقة . واتذكر ... آه .. كانت في مكان اخر . لم التقه هنا ، كان لقاؤنا الاخير عند فتحة السلم ، قال يومها :
ـ زورنا في " الثقافة الجديدة " ، لنتجمل بقدح شاي !
لم الحق لزيارته وشرب الشاي ، ثمة اشياء عديدة ، لا تدري من اين تأتيك ، تشغلك عن اتمام رغبة بسيطة ، فلم اتمكن من زيارته في غرفة عمله ، وأذ كنت اشرب الشاي مع الرفاق الشغيلة، وضحكات مرحة تعطر الاجواء ، ربت على كتفي وهو يغادر :
ـ في مرة قادمة سنشربه معا .
ولم نلتق بعدها ، أذ خطفته رصاصات غادرة ظلامية على طريق محمد القاسم وسط بغداد في ظهيرة من آب 2008 . هأنا يا رفيقي كامل اطوف مكاتب الجريدة ، اتابع الرفاق المحررين ، يعملون بنشاط وهمة لانجاز عدد الغد . ثمة من يصحح ، وثمة من يسأل : هل هذه الصورة مناسبة لهذا المقال السياسي ؟ واخر يقول : والله جوعان !
واراك تبتسم لي وتضحك هامساً :
ـ ارجوك كررها !
ـ لكني رويتها لك أكثر من مرة ، وعلى الهاتف قبل لقائنا الاخير .
ـ لكنها طريفة !
واعود لأسترجع ما كان ابي يمزح به معنا ونحن صغار ، اذ يسألنا :
ـ لماذا نأكل ؟!
ونكرر ما درسناه في درس العلوم وما تعلمناه في المدرسة :
ـ حتى نكبر ونصير اقوياء ، وتظهر لنا عضلات و .. ، ..
ويبتسم أبي ، عامل السكك الذي احنى الكد ظهره ، ومن تحت شارب أبيض خفيف ، تلتمع اسنانه، ليقول بمرح :
ـ نأكل حتى نشرب الشاي ، هكذا هم العراقيون !
وارفع رأسي ، عبر الطاولة ابحث عن كامل شياع ، ووجدتني انهض ، اتوجه لمكان اعداد الشاي، احمل قدح شاي ساخنا واتوجه الى فتحة السلم ، حيث لاخر مرة قابلته فيها ، واجلس هناك واشرب بصمت ، وانظر فأراه يستند بأناقة الى الجدار، يرقبني باسما . هأني يا رفيق البي الدعوة واشرب الشاي معك ، فأنت معنا تطوف كل يوم ، وفي اروقة الجريدة نراك ، تفرد اصابعك لتمسك قلما او تطوي ورقة ، ومع الشبيبة والدعاة الحزبيين وهم يطوفون البيوت في حملة " طرق الابواب " ، ومع مرشحي قائمة "اتحاد الشعب " ، وهم بين الناس ليخبروهم ان التغيير بيدنا ، وان المستقبل لنا ، ويؤلمنا ان قتلتك ما زالوا يسرحون ويمرحون ، وساهموا من بعد رحيلك في ايقاع المزيد من الشهداء والضحايا ، ولكن ما يعزينا انهم لم يستطيعوا ان يزيلوا اثر صدى خطواتك وكلماتك من اسماعنا وقلوبنا . نلتفت فنراك قادما محتظنا كتابا او ملفا . لا زلت بيننا يا كامل ، تشاركنا عملنا وافكارنا ، واقداح الشاي المرة ، وتقترح وتعترض وتبتسم ، ويشع اسمك من بين شعاع نجمة تموز ، مع حروف "اتحاد الشعب " فالغد والمستقبل لنا ، والامل في قلوبنا المترعة بالتحدي والعنفوان !

بغداد 12 شباط 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تذكرتي تتيح حجز تذاكر حفلات وفعاليات مهرجان الموسيقى العربية


.. ابنة ثريا ا?براهيم: محمد سعد عمل لها نقلة فنية في فيلم «كتكو




.. بسمة الحسيني: أولويات الإغاثة الثقافية في المناطق المنكوبة •


.. زينب العبد : جهود جبارة من المشاركين في أعمال مهرجان المهن ا




.. كلمة نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي خلال مهرجان «المهن التمثي